سِجل المدونة

الأربعاء، 25 مارس 2009

جريمة في بوفيه



بسم الله الرحمن الرحيم


لا يكون لدى المرء أحياناً الكثير ليقوله، وفي أحيان أخرى، يتساءل إذا كان سيصمت لو وجد الأذن الصاغية. هذا التباين لا يخضع دائما للمزاج حسبما يتخيل المرء في رأيي. إنه يخضع كذلك للحالة العقلية، وللظروف الحياتيه بغض النظر عن المزاج المتغير. حيث أن الظروف الحياتية تبدي لك أحياناً أنه لا فائدة من التحدث، حتى لو كنت في مزاج متكدر، وأحياناً، تنسى فقط ما يجب أن تقوله، رغم علمك بأنه لديك الكثير. لا أحد في الحياة، حتى من يضحكون ويسمون أنفسهم سعداء، لا يجد لحظات يعتقد فيها أنه مخلوق بائس، ولو نسي في لحظات أخرى.

اليوم هو الأربعاء، لقد مر الأسبوع سريعاً حقاً، وإن يكن مملاً رغم ذلك. إن العمل مع الدكاترة حقاً سقيم.

أمس، ذهبت مع أمي إلى الطبيب في أحد مواعيدها المعتادة، وهو طبيب طيب ومتمكن، وقد تحسنت صحة أمي كثيراً بفضل الله ثم بفضل أدويته. كنت قد تحدثت عنه في مدونتي الأولى على ما أعتقد. حيث يتذكرني أكثر من غيره. العديد من الأطباء يتذكرونني بالشكل بسبب سنوات من المراجعة، وبعضهم يتذكرني رغم قرب عهد معرفتي بهم كذلك، لكن هذا يتذكر اسمي حتى، وإن يكن في كل مرة ينسى بأني تخرجت من الجامعة. لم أتوقع بصراحة أنه يتذكر اسمي، ولكن، ناداني به عدة مرات أمس، وكأنما يؤكد على هذا. كان المؤسف أنه أخبرنا أمس بأنه سيتقاعد. كانت صدمة. جاملته أمي وأخبرته بأن يبقى ليأخذ أجر المسلمين، فهي عرفت التحسن في صحتها حينما بدأت تراجع لديه. شعرت بالخسارة حقاً بذهابه، وبالواقع، أشعر بأنه أصغر من أن يتقاعد، رغم أنه كبير بلا شك، ولكني أعتقد بأنه ليس كبيراً إلى هذا الحد. سألته إن كان سيعمل في القطاع الخاص؟ أخبرني بأن أتتبع أخباره من خلال العاملين بالقسم، فهو غير متأكد ماذا سيفعل. خسارة حقاً. لقد كان مخلصاً في عمله إلى درجة أنه حينما وجدني ذات مرة أقف في المستشفى سلم علي وسألني عن أمي، ولما علم أنها تخضع لعملية وتقيم منذ فترة في المستشفى نسق الأمر ليراها بسرعة، غضب لأنه لم يطلعه أحد على العملية التي أجراها قسم آخر.

أجد بعض الناس هنا لا يعملون تقريباً على الإطلاق، ويتهربون من العمل، وفضلاً عن كونه أمر غير عادل بالنسبة لمن يعملون حتى الإرهاق، يتساءل المرء، كيف يعيش هؤلاء بمثل هذه الطريقة؟ كيف لا يستحي من التهرب من العمل والمراوغة طوال الوقت؟ كيف لا يستحي من نفسه؟ كيف يرى نفسه أصلاً؟ ورغم ذلك، لا ألقي باللوم عليهم وحدهم، إنما ألقيه على المدراء الذين ييأسون منهم، وحينما يجدون من يتحلى بالذمة للعمل، يتركون كل العمل على عاتقه دون أن يتفكروا بما قد يشعر به وهو يعاني من عدم العدل، ولا أن يتفكروا بأن أحد ما يدفع رواتب لهؤلاء المهملين مقابل لا شيء، وأنهم شركاء بالإثم على ذلك، فذممهم تسع أيضاً ذمم موظفيهم. يوجد موظفون كثرة لدينا من هذه الشاكلة، وهو أمر صدمني بصدق، فلم يكن الأمر بمثل هذه الصراحة بالجامعة. صحيح أنه يوجد مهملين بالجامعة، ولا يؤدون عملهم على أكمل وجه، ولكن لا تستطيع أن تقول بأنهم لا يعملون إطلاقاً، أو يرفضون العمل ويتهربون منه بنفس درجة الوقاحة هنا. يوجد موظف منذ أن جئت وأنا لم أره يكلف بأي عمل على الإطلاق، فكل ما يقوم به هو التنزه بين المكاتب، وشرب الشاي. وقد رأيت زملائي الذين يعملون بجهد يتذمرون من وجوده الثقيل، وبقاءه في قسمنا رغم أنه غير تابع لنا!! وقد كان يوحي لي بالبداية بأنه شخصية عملية. الدكتور الذي أتو لي به مؤخراً حاول الاستفادة من هذا الموظف، وقد حاول الأخير كبت تذمره قدر الإمكان أمامي، ورغم أنه أتي به بوضوح ليحمل بعض المهام عني، إلا أني لم أرى له فائدة حقيقية حتى الآن، ويبدو أن سيتدبر طريقة للهروب من المكان، فحينما جاؤوا بالدكاترة وعلم بأن استخدامه للشبكة سيكون مقيداً بوجودي قريباً، تذمر وقال بأنه سيخرج من هنا ولن يعود، وتساءل لماذا أتو بهم!! لقد أتوا بهم ليعملون، هذا مكان عمل، ولكن لا يبدو أن أمثاله يستوعبون الفكرة، إن قيم العمل لدينا ليست راسخة، بل إن الأمر يتعدى هذا بالسوء، إن الكثير منا يعيش وكأنما على صدقة الحكومة، لا على عمله.


كان زملائي في القسم السابق قبل أن أنتقل منه، وهم شباب متخرجين حديثاً ويطمحون للعمل كمعلمين، يتعاملون أحياناً مع المراجعين بفضاضة غير عادية، تجعلني أتساءل أين تقع حدود صبر هؤلاء المراجعين، ويتعاملون مع مراجعين آخرين برقة وعذوبة تجعلني أتساءل عن المقياس؟! اتصل ذات مرة شخص يبدو من لهجته أنه شيعي وطلب تحويله إلى رقم آخر ووعده زميلي بذلك، ولكنه أغلق السماعة بوجه وضحك، هو وصديقه، لمعاملتهم لهذا الرجل هكذا. صدمت بالفعلة غير المبررة، فهو أجير بالنهاية لخدمة الناس لا لتقييم معتقداتهم. أخبرته بأن هذه ليست قيم مهنية، ولكن لا حياة لمن تنادي. إن ما يشعرني بالأسف، رغم أنهم لم يكونوا زملاء سيئون كلياً معي، إن ما يشعرني بالأسف أنهم قد يصبحون معلمين، وقد يعلمون الصغار أشياء خاطئة، أو لا يعلمونهم جيداً في أفضل الأحوال. إن الأجيال الجديدة من المعلمين أسوأ من القديمة، وإن كانت القديمة سيئة جداً بشكل عام، ولكن هؤلاء الجدد لا يتورعون عن تصوير الأطفال بكاميرات جوالاتهم ونشر المقاطع لإضحاك الناس عليهم. ولا يعلمونهم أو يهتمون بذلك جيداً كما أرى في تعليم أبناء إخواني.


ينقصنا معلمين يقومون بالأمر بوعي وباهتمام وشغف بالأمر، وخوف من الله قبل كل شيء. قد يكون سوء المعلمين عائد لعوامل كثيرة مثل الوسائل وظروف التعليم وعدد التلاميذ وعدم التحفيز والرجعية، ولكني متأكد بأن هناك خطأ في المجتمع الذي أفرزهم كذلك يحتاج إلى نظر وتوعية قبل أي شيء آخر. نرى المعلمين يضربون الطلاب أحياناً بقسوة ويتسببون بمشاكل صحية لهم، كما نرى تلاميذ يضربون معلميهم لدوافع مختلفة، وهذه مشكلة يجب أن ينظر إلى دوافعها قبل النظر باتخاذ مواقف ضد مرتكبيها. ويختلف الأمر جذرياً في الجامعات، فلا تسمع عن دكتور يضرب طالب، ولكن لأنه لن يضرب، يستبدل الأمر بطرق أكثر وضاعة، تدمر نفسيات ذخيرة الوطن وتحبط معنوياتهم، وتخرجهم معلمين معقدين لهؤلاء الصغار المساكين، الذين ينتظرون دورهم بالمستقبل ليذيقوا ما ذاقوا، وتكتمل الحلقة المفرغة.


قبل سنوات، ذم الناس طالب طعن دكتور في الجامعة في كتفه بسكين، ولكن لم يتساءل أحد عن الدافع. فداحة التصور للحادثة يجب أن لا تمنعنا عن التفكير في الفعل الذي ولد ردة الفعل بطبيعة الحال، فلن يطعنه الصبي بلا دافع، ولو كان الطعن حدث لدافع مختلف عن المتوقع، أي عن الظلم، لسمعنا بأنه طعنه ليسرق منه شيء، أو لأنه مريض نفسياً مثلاً. لم أتعاطف مع ذلك الدكتور، فأنا أعرف إلى أين يمكن للقهر أن يودي. إن الإنسان مهان الكرامة قد يقوم بأي شيء مجنون ما لم يتمالك نفسه. أتذكر أن أمي بكت وذعرت لأنها خافت أن هذا الدكتور قد يكون أخي، حيث أن الحادثة وقعت في القصيم حيث كان يعمل أخي، أتصلنا بأخي طبعاً من اجلها. أنا ضد الضرب، وضد الإهانة، مثلاً أنا ضد أن يضرب الطلاب مدرسهم، أو دكتورهم، لأن في هذا إهانة لإنسانيته، ولكني صرت أتفهم لماذا قد يصل بالمرء الأمر إلى هذا الحد من الإنحدار في الإحساس وتقييم الأمور. أتذكر أني اعترضت بشدة على ضحك طلاب وتفرحهم على دكتور حينما أتوا على ذكر ضربه من قبل طلاب آخرين وإهانته وترويعه. كان هذا الدكتور يتصرف كيفما أراد وهو يشعر بالحماية والقوة، يتوجه إلى الناس بالظلم والقهر دون أن يرف له جفن، رغم أنه كان انتقائي بالأمر، ولكنه اختار أن يظلم الأشخاص الخطأ، الذين ضربوه بالنهاية وحشروه تحت سيارته في مكان عام حسبما سمعت. كان الدكتور قد تغير جذرياً بعد الضرب وصار أكثر قبولاً، ولكني أنا لم أتجاوز بسهولة شعور الشفقة والتعاطف، والتفكير بالجرح والشعور بالإهانة الذي يأكل نفسه. دافعت عنه في ذلك الحين، وقلت بأن من ضربوه ليسوا رجال أصلاً، فكيف يتكومون على رجل واحد، ويهددونه أيضاً بمسدس، هذه ليست رجولة، لو كان أحدهم رجلاً لواجهه وحده، هذا ما قلت، ولكني أفهم الآن بأني فهمتهم وفهمت غرضهم بشكل خاطئ، على أني لا زلت أعتقد بأنهم ارتكبوا خطأ سيندمون عليه. رد علي زملائي بأخذ الموضوع من آخره، إذ سألوني: هل أتى الأمر بفائدة أم لا؟. عدت إلى نقطتي الأولى ولم أجب سؤالهم، ولكن الواقع هو أن الفعلة أتت بفائدة تجاه الطلاب، إذ صار هذا الدكتور أكثر احتراماً، ولكن هذا الإحترام المغصوب يحطم القلب حقاً. ولكن، حينما أقول بأنهم أخطأوا، لست أحاول أن أعطي الانطباع بأنه لم يجن على نفسه كذلك. صرت أتكلم بخصوص التعامل مع الناس وحدوده كثيراً مع زملائي، وكانوا يرون بأني مثالي فوق الحد حينما أتكلم عن إهانة الإنسانية، و جدوى الرد بالمثل على الأكثر. لا زلت أعتقد بأن هذا هو الصواب، ولكني صرت أكثر خوفاً من أني قد أسلك مسلك اولائك الطلاب المعتدين مع أحد ما. إني أعتقد بأني بالكاد أتمالك نفسي حينما أرى طبيب حجازي وجه إلي إهانة في مقابلة شخصية، على أني لا أريد أن أضربه، ولكن تصرفي الجامد حينما أراه يجعلني آكل نفسي من الداخل، وأنا أفكر بالصواب والخطأ. وغيره الكثيرون...
قد أمزق أحدهم،،، قد أمزق نفسي.


بالأمس، ناداني أحدهم وأنا بالدكان قبل أذان العشاء بقليل. كان زميلي في المتوسطة والثانوية، ولم أره منذ ربما سنتين أو ثلاث. آخر مرة رأيته علمت بأنه صار مدرساً متخصص بالتربية الخاصة، أي في تعليم الأطفال الذين يعانون من إعاقات ومصاعب، كان لتوه تزوج في ذلك الحين. حينما رأيته أمس كان قد تغير كثيراً، وبدا أكبر من عمره الحقيقي بكثير. قال لي هو كذلك: تغيرت!!. عرفت بأنه صار لديه طفلين. ولأن الوقت ضيق طلبت رقم جواله، وكان من الذوق أن أصر علي أن أزوره في بيته أو حتى أن نلتقي بالخارج، فهو يريد أن يتكلم معي بالكثير من الأمور. لم أكن شديد التفاعل لأني كنت ناعساً إلى أقصى حد، ولكني كنت سعيد من كل قلبي برؤيته. ما شاء الله، إذا لديه طفلين؟ نحن بنفس العمر، كان الممكن أن يكون لدي طفلين كذلك، لو كنت أريد أصلاً، هل أنا لا أريد؟ لا، لا أريد الآن. ولكن البعض يشعرني بأني تأخرت، ولا أستطيع أن أنظر للمتأخرين وكأنهم يقولون بأني لا زلت مبكراً. ولكن بغض النظر عن الشعور، يوجد خطط قبل الزواج.


لقد سافر مديري مع العديد من الناس في الوزارة إلى الخارج في مهمة، ولا أحد يستغرب، فهو كثير السفر من أجل مهام الوزارة. حينما أخبرت أحدهم بأنه يسافر كثيراً، قال اسأله هل يريد أحد ليحمل حقائبه؟.. إن الناس مجانين بالسفر.


أعرف الآن بأن أيام الخميس والجمعة مشغولة لدي أكثر من وسط الأسبوع. لدى أخواتي مهمة مستحيلة دائما في نهاية الاسبوع. وهذا أمر أدركته مؤخراً؛ إني أفضل إلتقاء الناس شخصياً في وسط الأسبوع، لا في نهايته، رغم ضيق الوقت. لم أعد أفضل الخروج مع أحدهم والبقاء طويلاً نتجول طوال الوقت ونقفز من مكان إلى مكان كما كنت أفعل مع بعض الأصدقاء، أريد أن ألتقي أحدهم في كوفيشوب أو في المنزل لوقت محدد. كذلك، لم يعد من أحد لأقضي معه الأمور كما كنت أقضيها.


اشتريت هاتف جوال من ماركة جديدة، لدي شك بأنها إماراتية، أو تايوانية. المهم أن جوالها الأول صغير الحجم، ولم أشتره بصراحة لأستبدل ما لدي حالياً، ولكن لمجرد التغيير والتجريب حيث شد نظري بشدة، ولأن سعره رخيص. اسم الماركة: نيو. حجمه صغير جدا أصغر من الكف، ولكن ليس هذا المميز بالنسبة لي، حيث يوجد من حجمه في السوق منذ مدة طويلة، ولكن المميز هو طريقة ترتيب واجهته، حيث تمسك بالجوال حينما تريد طلب رقم أو كتابة رسالة أو مشاهدة فيديو أو صورة بالعرض، لأن أزراره تأتي إلى جانب الشاشة وليس تحتها، كما أن تصميمه مميز، ليس فائق النعومة أو الإبهار(ربما كانت لتكون هذه المزايا نقيصة)، ولكنه لطيف وشبابي، شبابي ليس بالحس العربي أو السعودي، ولكن بالحس السليم. وهو إلى صغره يحوي بشكل مذهل الكثير من المزايا، كاميرا، بلوتوث، راديو، مشغل فيديو وموسيقى، انترنت وام ام اس، شحن بالوصل بالكمبيوتر، وغيره. ولكن ما يهمني حقاً هو طريقة مسك الجهاز بالعرض، أما غيره فلم يكن ليلفت انتباهي إطلاقاً، فلم تهمني يوماً الجوالات الأخرى من حجمه. وكان مفيداً جداً في فترة الحج لصغر حجمه، حيث يمكنني أن أضعه ولا يضايقني في الحزام المربوط على خصري في أصغر جيب فيه، هذه فائدة يستحق من أجلها الشراء. استريته بـ600، الآن ربما انخفض سعره 50 ريالا.



يوجد مدونة رائعة لأخ مصري. وهي تتحدث عن التسويق وقصص النجاح عموماً ونصائح في جوانب الحياة العملية التجارية، وهي مدونة محفزة جداً، خصوصاً إذا كنت تملك خطط حقيقية مسبقاً، وإذا لم تكن تملك يمكنك أن تتخذ المدونة كمصدر إلهام، بشرط ان تتحرك فعلاً. وهي تحتوي كتب قيمة من تأليف المدون نفسه. هاهي المدونة:




لقد اكتشفت أن مجموعة كروت أعطاني إياها الدكتور الذي أعمل معه حالياً ضاعت. كنت قد حفظتها بملف شفاف، وتركتها مع عملي على المكتب، وأنا بالواقع ليس لدي مكتب خاص، ولا دولاب لأحفظ فيه عملي، ولم أتمكن من تدبر الأمر كذلك لأنهم لم يكونوا متأكدين أين سأجلس. يبدو أن أحدهم أخذ الملف الشفاف بكروته. بحثت عنها جيداً ولم أجدها، ولكم أن تتخيلوا القلق الذي عشته. بطبيعة الحال، لن أسكت عن الأمر. ذهبت إلى الدكتور وأخبرته بأن الكروت التي أعطاني إياها ضاعت، حيث تركتها مع عملي وفقدت. كان سيعطيني وقتها كروت أخرى كما قال، رأيت بأنه ذهل مما جرى، وكان يريد أن يوبخني، إذ قال بأنه يعتقد بأن الأمر يدخل فيه الإهمال. إني أبذل قصارى جهدي، ولكن العمل كثير ولا يوجد مكان أضع فيه الأغراض، مع ذلك، صمت ولم أجب، إنها مسئوليتي رغم كل شيء. ولكن لحسن الحظ، لا أدري لماذا تجاوز الأمر وألقى باللوم على عدم وجود مكتب، وكأنه يريد أن يخفف وطأة الموضوع، هل بان الخجل والخوف من التوبيخ على وجهي؟. وقف وذهب معي إلى مكتب وطلب من الموظف الآخر أن لا يجلس على مكتبي ويجلس على الآخر، اعترض الآخر، الذي يتطفل أصلاً على قسمنا، حيث لا يعمل فيه أصلاً، بأن المكتب الآخر مجرد مخزن، وقال بأنه يملك مكتب في قسم آخر. كان كل هذا بلا داع، ولكن رضخ حتى لا يلتفت إلى وضعه الغريب والمشبوه مهنياً. كان حينما يكلمني الدكتور أجيبه وأنا انظر إلى مكان آخر، كيف ضاعت الكروت الضرورية؟. إن هذا ليس عملي، ليست مهنتي وليس ما أجيد القيام به عمل السكرتارية والمساعدة هذا، ولكن، صبر جميل. سأنتقل إن شاء الله. على أني أدرك حظي حينما لم يوبخني أو يقل شيئا مستفزاً، فهو يفعل هذا على ما يبدو مع الموظف المشبوه. إن التعامل مع الدكاترة السعوديين في الوضع العادي لا يهمني، يمكنني حتى أن أرفع ضغطهم، ولكن حينما أكون تحت إدارتهم وتصرفهم، فهذا أمر يوترني كثيراً ويجعلني أعيش وضعاً نفسياً وعقلياً صعباً، لأني أشعر بأني معرض للإهانة في أية لحظة، وهذا هو شعوري الدائم منذ أن عملت بالوزارة، لا أستطيع أن أعمل، ليس كموظف فقط، ولكن حتى كإنسان، ككائن حي له وظائف حيوية ووعي، لا أستطيع أن أعمل وأنا معرض للإهانة أو أتوقعها في أية لحظة. إني مفتقد لحماية مديري السابق، ومفتقد للشعور بالأمان النفسي، والأمان على كرامتي، وهذا يتعبني كثيراً.



جربت أمس عرض لمطعم سزلر هاوس في طريق التحلية. حيث أنه أعلن عن عرض بوفيه مفتوح لوجبة الغداء بـ35 ريال. وأنا كنت أعلم مسبقاً بأني سأدفع أكثر من هذا كعادة المطاعم، لكن لا بأس. كان البوفيه ممتاز بصراحة. ليس شيء لم تجرب مثله من قبل، ولكنه بالتأكيد جيد ومتنوع بما يكفي، رغم أني لم أرى حلويات وهذا أمر سيء. كنت لم آكل منذ غداء اليوم السابق سوا ربما قطعة شوكولاته أو بسكوت أو اثنين، وعليه، ارتكبت جريمة حرب في حق البوفيه. كان أفضل ما لديهم هو فيليه السمك، ولحم السيشوان البقري. الشوربة التي تذوقت كانت عادية أو أقل، شوربة الدجاج بالذرة. الأرز ليس أفضل الأنواع لدي، ولكنه النوع الذي تتوقع رؤيته في أي مطعم هنا نظراً لأنه الأكثر شعبية، وهو الأرز الهندي طويل الحبة، وقد أعد بطريقة البرياني، ومن الجيد أنهم لم يعدوه بالطريقة الصينية لأن هذا الأرز لا يصلح لها ولكن المطاعم تصر عليه. السلطة كانت متنوعة إلى حد جيد، ولكن الحمص سيء، كما أن الخبز لم يعبأ مكانه. ولكن لحم السيشوان كان مميزاً حقاً، أفضل لحم سيشوان تذوقته، رغم أنهم لم يعد بالطريقة الصحيحة، إذ كان يجب أن يكون جافاً قليلاً ومقرمشاً بعض الشيء. دفعت في النهاية 41، الزيادة من أجل المشروب ورسوم الخدمة، أي حتى لو لم آطلب مشروباً، لزادوا من أجل رسوم الخدمة، أي خدمة؟ إنه بوفيه أنا من يأتي بالطعام بنفسي، ولكن ربما من أجل حجز الطاولة، ورفعهم للصحون. عموما توقعت زيادة أسوأ. كان ذهابي إلى المطعم ملحاً، فلم أعد أستطيع احتمال أكل الوجبات السريعة طوال الوقت، بينما الطعام بالمنزل ليست أمي من يعده، ولا أخواتي، فلهذا لا أجده جيداً مطلقاً. اليوم هو اليوم التالي، لم آكل وجبة منذ تلك الوجبة، ولكن لا أعتقد بأني سأذهب إلى مطعم مماثل.
على أني فطنت أني لو استخدمت طريق عودة مختلف عن العادة، فسأمر بالعديد من المطاعم التي أحب.






قال لي الدكتور اليوم أني سأصبح إن شاء الله مديراً وسأرتقي السلم خصوصاً لحاجة مديري الدكتور الآخر لموظفين، قالها وهو مبتسم تلك الإبتسامة المعدة سلفاً، بلفتة يراد بها رفع معنوياتي. طبعاً، أقدر هذا. ولكني لا أطمح لذلك. أعلم بأن مستقبلي مهنياً أفضل هنا في هذه الوزارة من الجامعة، ولكن أهم مميزات الوزارة لا أستطيع الاستفادة منها لظروف حياتي، ولهذا، لا يستحق الأمر عناء البقاء، بالإضافة لملايين الأسباب التي تقف في وجه المحفزات في هذه الوزارة، من دورات وفيرة وانتدابات للخارج وفرص مادية كثيرة، كل هذا يوجد أسباب لتجاهله والرجوع للجامعة. وهي ليست كلها تتعلق بأسباب مهنية، ولا نفسيه، ولكن ظروف حياتية لا أحب أن أتكلم عنها حتى لا أفسدها. ربما كان يريد تشجيعي كتغطية على غلطتي أمس حينما أضعت الكروت؟. قال كذلك بأن أهتم بأمر الملفات كلياً، لأن الموظف الآخر لا يبدو أنه يريد أن يفعل شيئا، قالها بضيق، يعني الموظف المشبوه مهنياً. إذاً، لا أمل بالمساعدة. أحياناً أنسى رغبتي بالانتقال للجامعة أتخيل ما يمكنني أن أفعله هنا بالمستقبل، من دورات خارجية أو الانضمام لوفد، واو. ولكن، الله يعين. حينما خرجت من عند الدكتور جاء الموظف الآخر، ووجد ورقة ملاحظات لم تنل إعجاب الدكتور كتبها هو، في مكتبي، قلت له كاذباً بأن الدكتور طلب مني الاطلاع عليها، ولم أقل بأنه قال بأنها غير مجدية وغير جادة، أو شي من هذا القبيل. جلس زميلي هذا وأعطاني العديد من النصائح بخصوص بناء النفس والمستقبل، فهو يردد الكثير من الشعارات دائما. ولكن ما فاجئني هو أنه حائز على شهادة ماجستير، وقال بأن هذه شهادته وهذا منصبه والدكتور يريد منه إحضار قهوة!! لم ألمه على غضبه من المعاملة الفوقية، ولكني مع ذلك ألومه وأعتقد بأنه يتسبب على نفسه بهذا النوع من المعاملة حينما يتسكع ولا يعمل شيئا، كيف يقبل أصلاً على نفسه؟، وما فائدة المؤهل والمرتبة إذا كان المرء لا يعمل ولا يقدم شيئا؟ علمت كذلك بأنه يعمل على إكمال دراسته والخروج من هذا المبنى إلى مكان آخر للعمل. أتخيل بأنه بمؤهله لو كان جاداً، ولا يقضي وقته بالتسكع لربما فرض نفسه بشكل ما، رغم أني أشك بأن هذه الوزارة تفرق بين المؤهلات أكثر من قول: هذا دكتور، والآخر لا شيء. ليس وكأن الحكومة لم تعد كلها هكذا.



سعد الحوشان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما رأيك بالقول؟