الاثنين، 17 أغسطس 2009

بعد اختمار(أحداث،آمال،كتاب)

بسم الله الرحمن الرحيم











يوجد أمور لا يعاد فيها النظر، وهي ما يسمى بالمسلّمات بالعادة. ولا بأس بوجود المسلمات، ولكنها تحتاج إلى جرد، وتصنيف من وقت إلى آخر، فبعض ما كان من المسلمات، قد يتغير وضعه بعد فترة. من هذه الأشياء، ما نتخذ تجاهه موقف ونحسب موقفنا من المسلمات التي لن تتغير، ونعتقد هذا لفترة طويلة، وإن نسينا إعادة النظر، قد نعتقد هذا إلى الأبد، ولو لم يكن الأمر منطقياً.

من هذه المواقف، ما نتخذه ونحن لا نريد، مرغمين لسبب ما، دون تروي، دون اختمار. أعرف بأني تخليت عن بعض العلاقات بعد اختمار قرار إنهاء العلاقة، واختمار الموقف وتأكدي، ولم يساورني الحزن تجاه الأمر لاحقاً. ولكن، ماذا عن المسلمات الأخرى؟ العلاقات التي تخليت عنها مرغماً بشكل ما؟ وظللت أفكر بأن لا حيلة في الأمر، صار البُعد من المسلمات. لماذا؟ لا زلت حزيناً ونادماً على ما آلت عليه الأمور، والأهم، لا زلت أعتقد بأني أسأت التصرف، وكان يمكنني التصرف على نحو أفضل، كان يمكنني إنقاذ الأمر لو كنت أكثر حكمة وتوازن في قراراتي، وفهمي. أنا أعتقد بأن هذه الأفكار، جائت قرب رمضان لحسن حظي، رمضان مناسبة خير، وخير مناسبة للإصلاح. لست من الذين يرسلون الرسائل ليهنئون برمضان أو العيد. ولكن، ها قد وجدت سبباً للتواصل مع أحدهم، وإبلاغه بشكل ما، بأنه لا يزال مهماً، وربما طرح نفسي عليه كفكرة. فكرت؛ لماذا دائما أفكر؟ أعني بما جرى؟ لماذا لم ينتهي الأمر مثل غيره. الآن عرفت بوضوح أكثر من أي وقت مضى، بأنه لم ينتهي، لأنه سار بسوء غير عادي، وغير منطقي، لقد شوه الأمر وأسيء إليه حتى غدا شيء يحتاج إلى تصحيح جذري، لا يمكن تجاهل التشويه الذي لحق به، لا يمكن تجاهل سوء الفهم الكامل الذي أحاط به، هذا ما يجعله أمر ضروري، إصلاح غلطة شديدة الوقع، غلطة معقدة وغير عادية، ولا مبرر حقيقي لها، لهذا، يجب أن أصححها، ولهذا كذلك لم أنسى. لا أستطيع تحمل خسارة إنسان بهذه الجودة والتميز، مع ما حصلت عليه من تقدير من قبله، تقدير لم أستحقه تماماً، لا أستطيع أن أخسره لأني كنت غبياً في وقت ما. على الأقل، يجب أن أقوم بشيء، يجب أن أحاول، أن لا أستسلم هكذا وأقول: قَدَر. لقد كنت بالغ الشجاعة حينما ارتكبت غلطتي، كنت كما كنت دائماً، شديد المثابرة، والآن، يجب أن أكون شجاعاً في إصلاحي أيضاً، لماذا نكون شجعان حينما نتوجه بشكل خاطئ؟ يجب أن أكون كما أحببت وكافحت دوماً أن أكون. ولكن الفرق بين الشجاعة التي دفعتني في وقت سابق، والشجاعة التي ستدفعني الآن، هو أن تلك الشجاعة كانت شجاعة غبية، حمقاء خرقاء، بعيدة كل البعد عن المنطق والحكمة، والآن، أنا بعد سنوات أحكم وأذكى.

ولكن، لم يعد الأمر سهلاً عملياً كما كان، بعدما فرقتنا السنين ورمتنا كل في جهة. أتمنى لو كان الأمر معاكساً، لو كان التواصل صعباً في ذلك الحين وسهلاً الآن. هو شخص مهم الآن، ورغم أنه يمكنني الوصول إلى بريده، إلا أني لا أضمن الوصول إليه هو شخصياً، فلست أدري إن كان يطلع على بريده بنفسه. سأحاول، سيعينني الله.








يوجد دكتور ألماني جديد لدينا، وهو شخص ودود على ما يبدو. غالباً لا يحتاج إلى خدماتي المباشرة لحضوره على الأغلب مع دكتورين مصريين يتحدثان الألمانية، وهي لغة لها صوت غريب، وغير جميل على نحو استثنائي. مع ذلك، يهتم بالتواصل معي، ويحاول أن يكون ودوداً معي. يسلم كلما رآني ويفتتح محادثة، يبدو لي أنه ربما يود التعرف على سعوديين من غير السقماء، أعني الدكاترة، حيث ثقل الدم والافتعال والعقول الصغيرة أمر منفر حقاً. حضر لوحده قبل يوم، وهو أمر غريب، وطلب الحصول على جواز سفره. كان الموظف الذي يحمل المفتاح غير موجود، فقلت له بأني سأتأكد إن كان يوجد مفتاح احتياطي، بحثت ومعي الزملاء، وأجريت اتصالات، فوجدت المفتاح. أخرجه زميلي المسئول عن الأمر. شكرني، وقال بأنه يثق بي كثيراً ويقدرني. يا للفرق، يوجد استرالي مسلم، مطوع، ولكنه بغييييييييييييييييييييييض، وسخيييييييييييف، ونذللللللللل. كلهم غربيين، أو على الأقل من أصول غربية بالنسبة للأخير، وهذا الاسترالي مسلم وملتزم بعد من زين الطبايع، ولكن الفرق واضح. رأيت الألماني لاحقاً عند المصعد، نقل الكتب ليسلم علي بيده اليمنى. وسألني إن كنت سآخذ إجازة، أخبرته بأني لن آخذ قريباً، سألته، فأخبرني بأنه سيغادر غداً. سألته من أين هو في ألمانيا؟ قال من ميونخ، قلت: في الجنوب؟ قال: نعم، قلت: يعني من بفاريا؟ قال نعم، هل تعرف الكثير عن ألمانيا؟ قلت لا، القليل فقط. ضحك، وقال ربما أعرف جيداً بالجغرافيا. أحب بفاريا، فهي جميلة جداً حسبما سمعت، و كذلك، لدى أهلها ملابس تقليدية بديعة، لم يعودوا يلبسونها على ما يبدو، الملابس كنا نراها كثيراً في الكرتون، بناطيل قصيرة غامقة إلى مستوى الركب، معلقة بالأكتاف بسيور سوداء، يسمونها الليدن هوزن على ما أتذكر، وقبعات ذات طرف أمامي مستدق، وحزام يحيط بقبتها المجوفة إلى الداخل. كذلك، رأينا هذه الملابس كثيراً في افتتاحية ودعايات كأس العالم هناك في عام 2006. منذ أن كنت صغيراً وأنا أتمنى قبعة من قبعاتهم الجميلة. في شمال ألمانيا، قرب هولندا، يلبس الناس تقليدياً أحذية مصنوعة من الخشب، كنا نراها في بعض الأفلام، ولكن الآن، سمعت أنه لا يلبسها إلا كبار السن. هذه الأحذية أمنية بالنسبة لي، أعلم بأني لو ذهبت إلى هناك، ولن أذهب، سأشتري ما أستطيع من هذه الأماني. عودة للألماني، قال بأني يجب أن أزورهم هناك. رددت: ربما يوماً ما. خرجت وبقي هو، كان سيصعد إلى الطابق الخامس.










اليوم، وأمس، لم يكن أدائي جيداً في دورة السباحة. رغم جهودي، إلا أن هناك بعض الأمور أعجز عنها. أؤدي المطلوب، ويعجب المدرب أدائي، ولكن في لحظة معينة أفقد القدرة على التنفس، ويفسد كل شيء. لا زال رأسي يؤلمني بعد ساعات من الدورة. بعدما امتدح أدائي المدرب في لحظة معينة وأنا في قمة تركيزي، وطلب مني التوقف، لا أدري ماذا حصل، كان كل شيء على ما يرام، ولكني فجئة لم أستطع التنفس جيداًً، فهبط جسمي في الماء، ورغم أني أعرف كيف أخرج، إلا أني لم أستطع، وجدت نفسي أنزل كحجر ثقيل إلى القاع، ورئتي فارغة من الهواء، حتى وجدت نفسي أقف بذهول في قاع المسبح، لم يحدث من قبل، كنت لا أستطيع الهبوط في السابق. حاولت الصعود سباحة ولم أستطع، بحثت عن يد المدرب، فسحبني، وضحك بالأعلى علي. أخذنا لاحقاً إلى المسبح الكبير، وبعد أداء ناجح لتمرين معين، انتقلنا منذ اليوم إلى ذلك المدرب الأسود المزوح، والمخيف. طلب منا القفز من منصة مرتفعة، إلى المسبح. أعلم بأني لن أغرق إن شاء الله، لكون المدرب ينتظرني بالأسفل، ويطمئنني، كنت الأول وكنت مذعوراً، قاومت خوفي الشديد مع ذلك، حتى لا أؤخر الناس خلفي، وقفزت. تمكنت من الصعود إلى السطح، ولكني لم أتمكن من السباحة كما يفترض، مد المدرب الأسود يده الضخمة، ليساعدني، فاحتضنتها! ولصقت بها، حاول أن يطمئنني كي لا أخاف وأسبح، ولكن لا فائدة، رفضت إفلات يده، ثم طلب مني التمسك بكتفه، ففعلت بعد تفكير ومحاولة استعادة للتركيز. عاونني وحاول إصلاح وضعي لأسبح، وأنا أسبح بنجاح منذ أيام الآن، وكل شيء على ما يرام، ولكن لم أستطع السباحة!!! رفض جسمي الارتفاع، فساعدني حتى وصلت إلى طرف المسبح الأقرب. شعرت بالغضب وأنا أصعد الدرجات تحت الماء من أدائي في اليومين الأخيرين، أداء سيء حقاً. رغم أن المدرب الأول كان قد زكا الجميع أمام هذا المدرب، ومنهم أنا.










ذهبت اليوم إلى سوق الرياض جاليري، وهو من آخر الأسواق المفتتحة في السنوات الأخيرة هنا. وبالواقع، لا أرى فائدة من هذه الأسواق السخيفة، لأنك ستجد محلات الشركات العالمية نفسها تتكرر في كل سوق على نحو ممجوج وسخيف. اليوم ذهبت مع أختي وأبنائها، ولم نشتري الكثير، لم ندخل الكثير من المحلات بالواقع. كان المكان مزدحماً جداً، على نحو يشعر المرء بالأسف على حال هذه المدينة، وأهلها المساكين. كان وجود النساء كثيف إلى حد لا يصدق، ولست أدري لماذا بدت علامات الاستمتاع الشديد على وجوه بعض الناس هناك، في مكان غير مميز، وغير جميل. لم أجد محلات تبيع الأشياء الرجالية الجيدة أو المميزة، ولم أكن أبحث عن ملابس، فلم أعد ألبس غير الثوب منذ زمن سحيق، وأجد ملابسي الموجودة منذ ذلك الوقت وافية بالغرض لو فكرت باللبس، فأكثر ما أرى هو الأشياء التي تكون إما قبيحة، أو مكررة بفعل الماركات المنتشرة في كل مكان. كنت أبحث عن اكسسوارات، قبعات مثلاً، محافظ، ميداليات، أشياء من هذا القبيل. كان من أول الأشياء التي فعلتها، هو الذهاب إلى محل الحميضي للساعات، والنظر إلى ساعتي الحلم، كونينو لامبورقيني، وجدت أنهم أصدروا لون إضافي، ولكني لا زلت أحب ذات السير الأحمر، ودخلت لأسأل عن ساعتي المثلثة، وقالوا لي: 4200 ريال. كنت أرجو أن يكون سعرها قد انخفض، وإذا به زاد... مشينا أنا وأختي نتكلم، مررن قربنا فتاتين فقالت أختي حينم تعديناهما: الله ياخذتس!! سألتها لماذا تقول هذا؟ قالت: ما سمعته؟ تغازلك!! قلت بأني لم أسمع. قالت بأن الفتاة قالت: ناظرنا يا حلو!!. لم أسمع هذا، ورغم أن أختي هي الأقرب إلى مكان الفتيات، إلا أني أعتقد بأن هذه لعبة من حركاتها المعتادة، يعني لماذا لا تغازلني الفتيات إلا بحضرتها وليس بحضرة أختيّ الأخريين؟! محاولة مشكورة لرفع المعنويات. ضحكت حينما رأيت شكلي بالمرآة في أحد المحلات.

خرجنا بعدها بساعتين، وقد صدع رأسي ولم أستمتع. إني أكره المولات، ولا أجد فيها ما يمتع، وتزعجني حقيقة تشابهها. تواجد الكثير من العرب الأجانب كذلك، وبعض الإخوة الخليجيين، ورغم أن سلوك العرب الأجانب تحسن عن السابق نوعاً ما، أعني بالذات عرب الشمال وليس المصريين المؤدبين، إلا أن وجودهم لا يزال ثقيلاً على المكان.








غيرت من خبز وجبن، وعدت إلى سعد الحوشان، أعني اسم المدونة. لماذا؟ اكتشفت بالبحث على جوجل أن خبز وجبن لن يجدي نفعاً بالبحث عن المدونة.









رمضان على الباب، طق طق. بقي القليل فقط على هذا الشهر الفضيل. سيكون لدي الكثير من وقت الفراغ. لا يوجد خطة واضحة لدي. سأهتم أكثر إن شاء الله بالتراويح. ولكن غير هذا، لا أدري. سيكون الأصدقاء مسافرين لكون هذه إجازتهم السنوية، أعني أجانب الجامعة.













يوجد جوال جديد من سامسونج، من نوع أجهزة اللمس المتطورة. وهو ذو المعالج الأسرع بين هذه الأجهزة، وبشكل واضح يتفوق على جوال إل جي أرينا. يعجبني جداً هذا الجوال، دعايته تظهر بالجرائد على نحو مكثف، ومراجعاته أكثر من ممتازة. لكن، لا أدري إن كنت سأشتريه أم لا. أملك المال الكافي، ولدي الرغبة، ولكن أشعر بتردد لا أدري سببه. ربما لخوفي بأن حاسبي سوف يتعطل قريباً أو يسوء حاله أكثر، فلم يعد يعمل جيداً كما كان، وصار يظهر رسائل غريبة عند بدء تشغيله وكأنما بدأ الهارد دسك يتلف، أما الفيروسات فلا يوجد فيه منها شيء. لا أريد أن أشتري كمبيوتر و جوال جدد بنفس الوقت، فرغم أن أمي يبدو أنها لن توافق على سفرنا إلى الخارج لاحقاً، إلا أني لا زلت يحدوني الأمل. كمبيوتري لدي منذ حوالي 5 سنوات، وأطمح بأن يكمل 6 على الأقل قبل أن استبدله، لا لشيء إلا لأني أحب حقاً أن أستهلك ما لدي جيداً، كما أن استخداماتي لا تتطلب تجديد حاسبي بشكل دوري، كمن يلعب مثلاً الألعاب على الحاسب، فكل ما أحتاج إليه هو التصفح والكتابة والقراءة ومشاهدة الأفلام، وجهازي يفي بالغرض جيداً. على أني أحياناً، أشعر بأني أريده أن يتوقف عن العمل أو يبدي ذلك، لأني أود تجربة ماركة أخرى، أود تجربة لابتوبات لينوفو.










أنهيت قبل لحظة رواية يوسف زيدان الأولى، وهو مؤلف الرواية التي تحدثت عنها في المرة السابقة؛ عزازيل. روايته الأولى لها اسم غريب، هو: ظل الأفعى. ومن خلف الكتاب، تجد امتداح غير تقليدي للرواية، ومبالغة عربية بنوعيتها. الرواية باختصار سخيفة وقبيحة، ويبدو أن هذا ليس بالغريب على الكاتب، إنما الغريب هو خروجه بالنصف الجيد من روايته التالية. يضيع نصف الرواية هذه، لا، أكثر من نصفها بكثير، بهوس جنسي لا مبرر له، بأخيلة وتوصيف قبيح وقليل أدب، رغم محاولات التورية السخيفة، التي يشبهونها خلف الكتاب بـ"المكر الشديد" و"القدرة البلاغية" ما يعجز عنه الكثير من علماء اللغة!! يا للكذبة الماحقة، يا للتسويق الرخيص. يبدو الأمر بعيد عن الواقعية، وبلا حبكة حقيقية منذ البداية، وأنت تقرأ وتقاوم وتصبر نفسك لتصل إلى نهاية هذا الهراء كله. تتخيل بأنك تشاهد فيلم مصري رخيص، ككل أفلامهم، وأنت ترى توصيفه لكيف يحمل السروال أرداف البطلة، أو كيف تسير بإغواء طبيعي!! هأوأو. لا أنصح أبداً بدعم هذه الخدعة بالشراء، فهذا الكتاب حينما يكف عن هذه الإباحية غير المبررة، يبدأ بمحاولات التفلسف الرديء، غير الذكي. وبشكل سخيف جداً، يحاول أن يصدم القارئ بأراء غريبة ومبالغ في تطرفها، ثم يعود إلى مجاملة معتقد القارئ المفترض، وهو المسلم على الأرجح، فلا أعتقد أن النصارى في مكان آخر قد يضطرون لشراء هذا الهراء، وكأنه يتفادى غضبة أو تهمة، أو ربما يتفادى شعور ذاتي بالهرطقة، حينما يجعل النهاية مفتوحة، والآراء غير مواجهة بآراء أخرى، على موضة إثارة التساؤل، على أن التساؤلات هنا إما أنها عقيمة من الأساس، أو لم تطرح بالشكل الصحيح. وما شد نظري أكثر ما شده، هو أنه بدأ الرواية بحديث شريف كما فعل في روايته الأخرى، وأنا أعتقد بأن هذا الحديث هو تعويذة عملية، وشهادة بحسن نيته من الأساس. وأنا لا أشكك بنية الرجل، إنما أحلل ما أراه. مع ذلك، أجد استخدامه هذا للأحاديث استغلال سخيف لها، وكتابه هذا موضع قذر لا يليق بحديث، إن سلمنا على مضض بأن الكتاب الأول كان أكثر نظافة ومنطقية.
سخيف يا يوسف زيدان... سخيف.

لا أدري ما المشكلة بالإعتدال والتوازن بين متعة الكاتب ومتعة القارئ؟ كثيراً ما يقرأ المرء أفكار في الكتب الغربية، أفكار غريبة، وغير ملائمة لطريقته في التفكير، ولكن، يظل الأمر مقبولاً ومنطقياً. إنه الإحتراف، واحترام القارئ. أعتقد بأن يوسف زيدان يعاني من مشكلة مخيلة غير صحية. صدمني بمثل هذا القرف من قبل الكاتب الياباني موراكامي.












البخل رأس كل مذمة، هذا شيء مؤكد. ليس أبغض على نفسي من البخل والشح. قد يفكر المرء أنه لا يحتاج إلى الناس، لهذا لا يهمه كرمهم من بخلهم، ولكن هذا تفكير خاطئ. إن البخيل أقرب إلى الخيانة والنذالة، وأقرب إلى الاستغلال والجحود. عرفت أشخاص في وقت سابق يتوقعون منك أن تصرف عليهم في كل مرة حينما يخرجون معك، وحينما تدخل معهم إلى محل، وتنتهون عند المحاسب، يتلكأون بإخراج المال، ويقلبون محافظهم على أمل أن تدفع الحساب كاملاً. لا خلاف لدي أبداً بخصوص دفع الحساب عن شخص يستحق، كريم بطبعه ولا يمنعه الشح عن الدفع، ولكن أولائك الناس البخلاء يثيرون اشمئزازي. كان لدي صديق حجازي أعتبره من أكرم الناس الذين واجهت. كنا نخرج معاً كثيراً، وتمر أوقات أدفع الحساب بنفسي لفترة طويلة في كل مرة نخرج فيها، لعلمي بأنه شخص كريم بطبعه، لا يردعه البخل أوالشح عن الصرف حينما يتوفر لديه، بالواقع، لم يكن دفع الحساب مشكلة بيننا، كنا وكأننا نصرف من جيب واحد. بالمقابل، عرفت شخص،،، يا للبخل العجيب فيه، ولا أدري كيف لا يستحي من جعل الناس يدفعون عنه ويصرفون عليه طوال الوقت، ولا يستحي من نوعية ضيافته في أغلب الأحيان بالمنزل. حينما افترقت عنه، شعرت بأن العلاقة أصلاً طالت أكثر من اللازم. ولاحقاً، صرت أختصر الأمور حينما يهم شخص بخيل بتكوين صداقة معي.
أشعر برغبة قوية بتأليف شيء جديد...












جاء قبل قليل دكتور تركي، كان قد وصل للمملكة منذ فترة قريبة لأول مرة. دائماً ما يبدو عليه الذهول، أقصد الذهول عما حوله، فهو لا يركز كثيراً لسبب ما. يحاول أن يتلطف كذلك. للأسف أن مثل هؤلاء المساكين هم من يتعرض غالباً لسوء الحظ. لقد سرقت محفظته أمس، وفيها كل شيء تقريباً. كان لون وجهه متغيراً، ومعه زميله، تركي آخر. شعرت بأنه على حافة البكاء. قال بأنه يتمنى لو أخذ السارق كل المال بالمحفظة، ولكن أعاد البطاقات. بطاقة البنك، البطاقة الائتمانية، أرقام قد تدل على أرقامه السرية، و رخصة القيادة، وبطاقة إقامته هنا، وهي الأهم. كان تواصله معي فقط، إذ لا يجيد اللغة العربية، فهو ليس من الأتراك السخفاء في الجنوب. كان يأكل في المطعم وفقدها، سرقت بالتأكيد. ما أكثر من لا يخافون الله في هذا الزمن.









رحل قبل قليل صديق أسترالي، حكيت عنه في مدونة سابقة. لم أعرفه منذ فترة طويلة، ولكن رحيله أشعرني بانقباض شديد. تعرض هنا للكثير من المتاعب والظلم. ورغم أني لم أره منذ وقت طويل، إلا أني أشعر بحزن شديد لأني لن أراه مرة أخرى. إنها صداقة بالقلب على ما أعتقد، شيء لا يحدده زمن المعرفة. مكثت مع أشخاص لفترة شهور في عملي السابق بالوزارة، رأيتهم كل يوم، بعضهم كانوا لطفاء جداً، ولكن، لم أهتم بأني لن أراهم مرة أخرى، صحيح أني اهتميت وحزنت لأني لن أرى بعضهم، ولكن، ليس كلهم، وليس كما شعرت بالحزن على هذا الاسترالي المسكين. لدي العديد من الأصدقاء الذين رحلوا إلى بلدانهم. أتمنى رؤيتهم في يوم ما.







الصورة بالأعلى التقطتها لأبني أختي وابن أخي، حينما أخذتهما إلى مسابح رعاية الشباب حيث أتعلم السباحة. لم أسبح في ذلك اليوم. لم يعلموا بأني أصورهم، أخرجت الجوال بسرعة لأحتفظ بهذه العفوية والصداقة الجميلة، غير الملحوظة. عدلت الصورة في بكنك.









سعد الحوشان

الأحد، 9 أغسطس 2009

تداعي (أحداث،أفكار،فيلمين)

بسم الله الرحمن الرحيم



















متى يعتبر المرء شريراً؟ لماذا نعتبر البعض أشراراً بسبب أفكارهم التي لا تؤثر على حياتنا، ولكن نصنف آخرين على أنهم طيبون رغم سوء أفعالهم المؤثرة علينا؟. هؤلاء الطيبون، قد يرتكبون أفعالاً شريرة وعدوانية، لأنهم فقط أساؤوا الفهم، وقد تكون أفعالهم مدمرة، وليست بقدر ما قد ظنوا بأنه يمسهم بشكل ما. مع ذلك، نتخيل بأننا ننظر إلى نواياهم، ونقول: إنهم أساؤوا الفهم فقط. لمجرد أننا كنا نتخيل بأنهم طيبون، لا يمكننا أن نعود ونصنفهم أشراراً بسهولة، خصوصاً حينما يكونون مقربين جداً إلينا لسبب أو لآخر. ولو سمعنا عن نفس فعلتهم تجاه آخرين غيرنا، لربما قلنا بأن من قام بالفعلة شخص رديء. المقصد هو، أننا لأننا طيبين، فإننا لا نملك معيار واضح وعادل لتقييم الشر، عادل تجاه أنفسنا. إن من يخرج أسوأ ما لديه حينما يظن سوءاً في من أمامه، لهو شخص شرير. ومن يخرج أسوأ ما في قاموسه، لمجرد أنه ظن أن الآخر أهانه، أو ينوي إهانته، أو حتى لا يتجاوب كما يحب هو، لهو شخص يحتاج إلى إعادة النظر في نفسه، فالجزاء يكون من جنس العمل، حيث لا يجب أن يكون الرد بأقصى طاقة المرء هو ديدنه. قد نضطر أحياناً إلى استخدام لهجة وكلام قاسٍ، ولكن، يجب أن يكون هذا هو الاستثناء في شخصيتنا.
لقد صنفت أناس على أنهم طيبين لفترة طويلة، أطول من اللازم بكثير، فترة من عمري.









اصبت بالتهاب في حلقي نهاية الاسبوع الفائت، ولم أنتظر وأحاول معالجة نفسي بالماء والعسل كالعادة، ولكني اشتريت مضاد حيوي، حيث شعرت بأن الأمر قد يتطور بسرعة. وفعلاً، حدث ما لم أتوقعه. ساءت حالتي في العمل جداً، على نحو مفاجئ. شككت بأني ربما اصبت بانفلونزا الخنزير، وهذا أمر لا أستبعده نظراً لظروف عملي، حيث أتعامل مع أجانب طوال الوقت، كثير منهم لتوه وصل إلى السعودية. ذهبت إلى المستشفى الجامعي للعمل على تنسيق موعد لأمي. وسألت عن الفحص عن الحمى. لم يكن لدى الاستقبال فكرة، وفي عيادة الرجال الأولية، قالت لي الممرضة أن لا أقلق طالما ما أعاني منه هو صداع والتهاب حلق وأذن وغثيان... فقط!! قالت بأن المرء عليه أن يعاني من استفراغ مستمر، ودرجة حرارة مرتفعة. فكرت بأن الأمور قد تجري بالتدريج. استأذنت من مديري، وخرجت إلى مركز صحي في حي الرائد. فحصني الطبيب، وطلب مني التوجه إلى مستشفى الشميسي. هناك، قالوا بأن حرارتي غير مرتفعة، وهذه علامة على أنها انفلونزا عادية على الأغلب. وكان الطبيب متضايقاً من كون حرارتي منخفضة!! وكأنما ضاع وقته، كان يجب أن أكون مريضاً جداً ومعرضاً للموت حتى أساوي وقته الثمين. رطن باللغة الانجليزية حتى يفهم الآخرين معه، وهو اردني على ما يبدو. كتب لي أدوية، وطلب مني العودة لو ارتفعت درجة حرارتي أكثر. وأخبرني أحد العاملين معه أن أحضر ورقة من العمل ليتم تحليل دمي. فيجب أن تكون حرارتي مرتفعة أو أحضر ورقة، ليتجنبون تحليل كل الناس لدمهم! وتظاهر بأنه هو العامل بالمستشفى لم يستطع تحليل دمه!! كذبة ماحقة. أخبرته بأني لست مهتماً بتحليل الدم، طالما أن الأعراض لدي لا ترقى إلى الخطر، وخرجت.
مات أمس اثنين، وقد تأخر اكتشاف حالتهم أكثر من اللازم. هنا، مثل بقية المتأخرين، وعكس كل المتقدمين، حياة الناس ليست الأولوية.









عدت إلى المنزل مبكراً، حيث نال مني التعب والغثيان. اتصلت بالمدير لأخبره بما جرى كما طلب، وأخبرته بأني لن أعود إلى العمل، وقد كان الدوام قد انتهى بالفعل، ولكن بقي وقت خارج الدوام. نمت طويلاً، نوم مُتعب أكثر مما هو مريح للجسد، ولكني حلمت حلماً جميلاً، حلمت بأني فتحت ثلاجتي، ووجدت ثلاث علب روتبير، وقلت لنفسي: ما أغباني، وأنا أبحث عنه بالسوق طوال هذه الفترة. قمت وقد صدقت الحلم لفترة قبل أن أستوعب أنه مجرد حلم للأسف. ولكن، فاتني كذلك تسجيلي وتسجيل أبناء إخواني معي في دورة السباحة، وقد عذروني لحسن الحظ. أتمنى أن يقبلوننا بالدورة اليوم. شعرت بالراحة لاحقاً حينما اتبعت نصيحة زميلي الملتزم الكبير، الذي اتصل ليطمئن، حيث نصحني بعصر الليمون الأخصر الصغير في كوب شاي. ارتحت حقاً والحمد لله. ولكني قبل قليل وأنا أفرش أسناني، شعرت فجئة بالغثيان، وكدت أن أستفرغ. أتمنى أن ينتهي الأمر بسرعة. يا رب.








الآن في العمل. لا أشعر أني على ما يرام. سأحاول أن أنهي ما لدي من معاملات، ربما سأغادر بعد أو قبل الظهر. لا أشعر بالقدرة أو حتى الرغبة بالقيام بأي شيء.










أكتب الآن في اليوم التالي. صحتي أفضل الحمد لله، إلى حد بعيد. عدت باكراً أمس إلى المنزل، و نمت حتى العصر. كان حالي أفضل بعدما صحوت. ولكن لم أكن على ما يرام، ولا زلت. على أني كنت مضطراً للخروج أمس، لأذهب وبعض أبناء إخواني لحضور دورة بالسباحة كنت أنسق لها منذ الاسبوع الفائت. أريد بشدة أن أتعلم السباحة، مع أني لم أكن أمس أشعر بأني بحال يسمح، ولكن لم يكن بوسعي ترك الأولاد لخيبة الأمل. ذهبنا، وسجلنا، أنا، واثنين مراهقين، وابن أخي الصغير. الدورة بـ250 ريالاً للفرد، في رعاية الشباب، قرب عملي السابق في الوزارة. سألني المدرب حينما دخلنا المسبح، كنت مع ابن اخي و ابن اختي المراهقين، سألني إن كنت أدرس؟ في الثانوية أم الجامعة؟ أخبرته بأني متخرج، سأل: من الثانوية أم الجامعة؟ قلت بأني أعمل، وقد ذهلت من استصغاره لعمري إلى هذا الحد! قال: بسم الله ما شاء الله، فهو مصري. أعتقد بأن تقصيري لشعر وجهي إلى حد كبير يساهم بسوء تقدير البعض لعمري. أغضت الولدين بقولي لاحقاً بأنه يحسبني أخوهم الصغير. تدربنا في أول يوم على بضعة أمور، ولم نكن لوحدنا مع المدرب، كان هناك مجموعة كبيرة، سوا أن معظمهم سبقونا بيوم. شرح لنا المدرب كيف أن سحب نفس عميق وكتمه، ثم غطس الوجه بالماء وإرخاء الجسم، سيجعل المرء يطفو على سطح الماء منبطحاً. جربنا، وكان الأمر جميلاً. طلب منا بالبداية فعل هذا الأمر مع دفع أنفسنا من جدر المسبح بأقدامنا، مع مد أيدينا إلى الأمام وفتح أعيننا، لنتحكم بمسارنا، ثم، جربنا بمد يد واحدة بينما الأخرى إلى جانب الجسم مسفوطة، ثم، دون مد أي يد، وهذه الطريقة الأخيرة، خلفت لدي شعور جميل جداً بالتحرر، دفعت نفسي ذهاباً، ووجدت أن مساري جيداً وأعيني مفتوحة تحت الماء، في العودة، دفعت نفسي واستمر جسدي يتقدم إلى الأمام، وأنا أكتم نفسي وأنظر أسفل الماء، لم أعلم أن المدرب تقدم إلي، ووضع يده بين بطني وصدري، وحركني دافعاً إياي برفق، خطر لي العديد من الخواطر الجميلة. شعرت بأني في منطقة وسيطة بين الحياة والموت، حيث يمكن للمرء أن يختار دونما خوف، أو ربما يطلع على الجانبين، ويحتار بطمئنينة لوضعه. خفتي وعدم حركتي، ووعيي الحي رغم ارتخاء جسدي الطافي مقلوباً فوق الماء، أشعراني بأني بوضع لم يسبق أن عشت له شبيهاً، وكأنما ولجت منطقة محظورة بشعوري. يشبه وضعي في ذلك الحين وضع قشة في ساقي، في مزرعة قديمة منسية، حية بشكل ما.










في اليوم التالي، أمس، انضممنا للبقية المتقدمين علينا. وكان هناك تمرين نقفز فيه بالدور، نسبح كاتمين أنفاسنا بمساعدة عوامة، تجاه المدرب. لما طلب منا الانطلاق، ظننته يريد من الكل الانطلاق، فقفزت! وسببت لخبطة إذ قفز اثنين من اصحاب الدور بنفس الوقت، ولم أعلم سوا حينما وصلت المدرب، الذي اتجه إلي وكأنما هو دوري، فرأيت الكل ينظر إلي مستغرباً!! يا للإحراج. بعد ذلك صرت أنتظر دوري بانتباه. لما تمرنا نفس التمرين، ولكن بالتشبث بيد واحدة بالعوامة، وصلت إلى المدرب، وقال: ممتاز، أفضل من المرة السابقة. تساءلت إن كان أدائي في المرة السابقة سيئا جداً؟ إحراج وسوء أداء.


أود لو تعلمت بسرعة، رغم مرضي إلا أن أموري تتحسن تماماً حالما ألج المسبح. وحينما ننتهي ونغادر أشعر بنشاط غير عادي، ومعنويات مرتفعة على نحو لم أعهده من قبل. يظل وضعي حسناً حتى يحين وقت نومي، فيسوء بضيق التنفس.

لا أستطيع الصبر حتى أتعلم السباحة، أشعر بأني سأسبح جيداً لو تعلمت. وخطتي هي الاشتراك بمسبح الجامعة، لأداوم على الأمر.

في اليوم الثالث في الدورة، تعلمنا كيف نسبح بمساعدة العوامة في أماكن أعمق بكثير. يوجد العديد من المشتركين الآن، ويوجد حتى رجال ربما تخطوا الخمسين أو شارفوا، على أن الغالبية هم من الشباب. قفزت قفزة مضحكة، حينما كنا نتعلم كيف نعوم بشكل عمودي، وضحك الناس،،، هل سأقوم كل يوم بأمر محرج؟. عموماً كان الجو مرحاً، على أننا لم نتعرف على أحد، أقصد أنا وإبني إخواني المراهقَين. يوجد مدرب أسود ضخم، يدرب الناس على القفز من أماكن عالية إلى الماء العميق. وكان يتخير منا، نحن من لا نعرف السباحة، من يجعلهم يقفزون على سبيل التحدي والمرح. اختار واحد، ثم لاحقاً قال: فيه واحد بينكم جايز لي، شعره طويل. لا يوجد من شعره طويل بشكل استثنائي بيننا، ولكن، أنا وشخص آخر شعرنا هو الأطول، ضففت شعري إلى الخلف بسرعة، ولكن كان أحدهم قد أشار إلي ضاحكاً، فضحك الآخرين. مع ذلك، لم يذهب أحد في المرة التالية لحسن الحظ.
يوليني المدرب عناية خاصة لسبب ما، فكثيراً ما يهتم بطريقة أدائي ويصححها، ويسبح بجانبي وأنا أطبق تمارينه ليعدل وضع جسمي ويعطيني ملاحظاته أكثر من الآخرين. غالباً ما يكون أدائي في المرة الأولى سيئاً جداً، ثم في المرة الثانية يشرح لنا المدرب عملياً، أدرس حركته جيداً، وأجد أمور كنت لم أستوعبها، يتحسن أدائي في المرات الثانية عموماً. مع ذلك، أداء إبن أختي السيء جداً، والذي ينال توبيخ المدرب لعناده وعدم استجابته يعطيني الثقة في نفسي.

تذكرت مع هذا المدرب، اخصائي العلاج الطبيعي حينما كانت قدمي متعبة بعد تخرجي من الجامعة. كان ممتازاً ومعروفاً، وهو مصري كذلك، ولكنه عصبي جداً، ويوبخ المراجعين كثيراً. في البداية حينما رأيته يوبخ ويصرخ خفت جداً، فأنا لا أحب أن يصرخ في وجهي أحد، وهو كان بصراحة مخيفاً حينما يعصب. ولكن لسبب ما، كان يخصني بمعاملة رقيقة، واهتمام خاص. شعرت بارتياح كبير حينما رأيت بأنه لا يحب توبيخي، ويبدو أنه لن يفعل حتى لو أخطأت. اعتنى بي جيداً، واهتم بحالتي. هل حظي جيد مع المصريين؟.
أخبرته ذات مرة بألم مفاجئ ألم بركبتي وأنا أؤدي التمارين المطلوبة، فأخذني إلى حجرة وفحص ركبتي، ودلكها بمرهم، وصار يسألني عن أمور كثيرة، ماذا أفعل بحياتي؟ ماذا أدرس؟ وكم عمري؟ فوجئت بأنه يعتقد أيضاً بأنني صغير. لو سمع زملائي هذا لضحكوا، ولو سمع من كانوا أصدقائي هذا لكان الوضع أسوأ، ربما باستثناء أحدهم، فراس، باستثناء فراس.







قبل أيام قال لي زميلي، وهو إمام بريء الملامح، بأني أحب الأشياء الغريبة. كان ينظر إلى ساعتي التي تظهر الوقت بالضوء، وإلى خاتمي المعدني الأسود المزخرف. أخبرته بأن هذا ما يجلسني معه، فضحك. خالد لديه قلب طيب جداً، ربما من أطيب القلوب التي تنبض. ولكن، يؤسفني القول بأنه غير حكيم تماماً. إنه يتكلم كثيراً عن الاستفادة من الوقت، عن الأداء الجيد في أمور الحياة، وهو يفلسف الأمور ويعطي النصائح، والأراء، ولكنه لا يجرب. وهذه مشكلة متفشية، عدى أن ما يبرزها لدى زميلي هذا هو إظهاره للحماسة دونما نتيجة، حتى أنه يسوف الأشياء الضرورية. ناقشني اليوم عن حبي للروايات، وهو لا يفهم الجدوى من الروايات، مثل الكثيرين بالمجتمع هذا، والمجتمع عموماً لا يفهم الجدوى من أشياء كثيرة، كالمسرح، والرسم، والفلسفة، مع أنك تجد لهم العذر في عدم فهمهم لقيمة الموسيقى، حتى لو استمعوا لها واستمتعوا بها، مع أن الموسيقى الرائجة هذه الأيام لا تضيف عموماً. أخبرته بأن الروايات كالشعر، كلها قد تكون خيالية، ولكن فيها المفيد البناء، وفيها التافه. لا أحد يجادل أبداً على جدوى الشعر هنا، رغم أن أكثر الشعراء هذه الأيام هم من الفقراء فكرياً وعاطفياً، ولكن الشعر أمر موروث ويفهمه الناس، وهم للأسف مغلقون عما لا يفهمون. إن ما أود فعله هو؛ حمل أمثال زميلي هذا، من لم يجربوا ولم يقرأوا، أو من جربوا ولم يجدوا في الأمر جدوى بسبب سوء الاختيار، ما أود فعله هو حملهم على التجربة والفهم بشيء ملائم وراقي. مشكلة الكثيرين هنا هي مع الخيال، فهم أعداء للخيال، وبشكل لا واعي يقرنونه بالكذب، فهو لا أساس له برأيهم، مع أن لكل شيء أساس، كل شيء تقريباً. أخبرت زميلي هذا بأن هذه لم تكن مشكلتنا حينما ألفنا كليلة ودمنه، وهو كتاب لو تكلم عنه أي أحد هنا، رغم أن لا أحد يقرأه، سوف يجزم بالنهاية بأنه شيء له قيمة، دون أن يطلع عليه، فقط شيء موروث، رغم أن الكتاب قصص عن الحيوانات، فكيف لهذه القصص أن تكون واقعاً؟، إن الأمر يتعلق بعدم الاطلاع وسوء الفهم فقط. بدا عليه الذهول حينما أخبرته بأن كليلة ودمنه تدور حول الحيوانات، مما أثبت وجهة نظري.
ليس زميلي هذا من يعاني من هذه المشكلة. يوجد من هم أسوأ منه. أكثر الناس حولي في العمل من الصعب تحفيزهم للقيام بشيء مختلف عن المعتاد. خارج الدوام يحفزهم على المكوث، والقيام بالمزيد من العمل لو استلزم الأمر، ولكن لاحظ: "المزيد من العمل"، هل هذا شيء مختلف؟ لا، إنهم فقط يحافظون على روتين معين، ويتكاسلون عن كسره، وتتثاقل أنفسهم عن تعلم شيء جديد، أو تجربته، لماذا؟ لأن تحفيزهم صعب، لقد تربوا بشكل عام على أن غالب أمور الحياة عبارة عن تفاهة، وما يكتفون به يعتبرون أنه هو فقط الأمر الجوهري، دون أن يعيدوا النظر.









لقد تأخرت كثيراًَ هذه المرة في إنزال التدوينة. هذا بسبب مرضي الاسبوع الفائت، وانشغالي الشديد.








أنهيت عزازيل قبل أيام. وهي رواية اشتهرت مؤخراً، خصوصاً بعد منح كاتبها يوسف زيدان البوكر العربي عنها. الأمر معقد بخصوصها نوعاً ما، ولكن لا شك أنها رواية جميلة وممتعة في معظمها، وأنصح بقراءتها بكل تأكيد. تدور الرواية حول راهب نصراني، في وقت يسبق ظهور الإسلام، وتقعد الأحداث في البداية في مصر، ثم في فلسطين وبلاد الشام. الراهب شخصية غير عادية،  مثيرة للإهتمام والتعاطف، ولها رؤية نافذة في الناس من حولها. وليست الرواية تدور في أكملها حول الرهبنة، ولكن يوجد شخصيات قليلة ولكن جيدة تظهر في المحيط، وتؤثر بشكل غير عادي، وإن كان الجيد منها حقاً لم ينل حقه في الظهور مثل الشخصية الوحيدة التي لا معنى لها. وهذه الشخصية الوحيدة التي لا معنى لها خطيرة بالواقع، أعني خطيرة على جودة الرواية وإحساس القارئ. تظهر هذه الشخصية التي يتم التلميح لها منذ البداية في الربع أو الثلث الأخير من الرواية، وهي شخصية امرأة شابة اسمها مرتا. ورغم أنها ستجر الراهب، أو على الأصح، ستشاركه الخطيئة، فهو على استعداد غريب وغير محسوب من قبل الكاتب لمجاراتها، إلا أنها ليست الوحيدة التي تسيء لتاريخ الراهب الذي يفترض فيه الطهارة، رغم ذلك، ستجد أنك تحب وتتعاطف مع الفتاة الأخرى في أول الرواية، الفتاة اليونانية اوكتافيا، وستكره وتتعجب من وجود مرتا في نهاية الرواية، وكأنما وجدت بشكل منفر ومقحم لإيصال فكرة معينة أو إشباع نزوة مريضة. كل ما يتعلق بهذه المرتا، وحتى توقيتها، هو أمر ملغوم تجاه فهم الرواية، أو النوايا من خلفها، وفي كل الاحوال، وجودها سخيف ومسيء للرواية برأيي. ففي الوقت الذي كان من الممكن أن يعيش فيه الراهب البحث عن جواب لتساؤلاته، والقلق على صديقه الأسقف المُوحد نسطور (نستور على ما أعتقد أن الكاتب يريد)، واتخاذ قرار مثمر وحقيقي، أو منطقي على الأقل، نجده يمارس الخطيئة مع مرتا، ويفتتن بها، ويتصرف كشخص عاهر بلا تدرج ولا مقدمات تليق براهب، وفي النهاية يبدو وكأنه لا يستوعب حقيقة ما قام به، لهو أمر قمة بالسخف. كان وجود مرتا مقحماً حقاً، والآن وأنا أقرأ رواية أخرى للكاتب، لا أجد أن وجود مرتا عجيب، فالعجيب هو الجودة التي سبقت ظهور هذه في النص. هذا ما خلصت إليه بخصوص مرتا كقارئ عادي.
مع كل هذا، أرجو أن لا يثنيكم ازدرائي للجزء الأخير والضئيل من الرواية عن قرائتها، فما يسبق هذا الجزء لهو درر ومتعة صرفة. إنه لجميل ومدروس ما كتبه المؤلف منذ البداية حتى سخافة النهاية. وقد أذهل المؤلف النقاد بدقته التاريخية والعلمية، وهذا شيء مشجع وغير مألوف في بيئتنا الإبداعية. لقد جعلني المؤلف أفكر بالاسكندرية لأول مرة، وأفكر برؤيتها. وزودني بفكرة أكبر عن تلك الفيلسوفة والعالمة اليونانية المظلومة، التي قتلها النصارى في تعصب كما يظهر من الرواية، وإن كان ما أعرفه من إطلاع سابق أن أسباب قتلها كانت أعجب من التعصب، كانت قد قتلت لرفضها للرذيلة على حد معرفتي. ستحبون اوكتافيا، الوثنية الأخرى، وتحبون بساطتها وطيبتها رغم مجونها. ستحبون نستور وطيبته ومنطقه وذكاؤه وحنانه. ستحبون الراهب البطل، هيبا، وتحبون براءته قبل أن يفاجئكم المؤلف بغباء بالنهاية ويعرفكم على هيبا بشكل غير واقعي.

إن التوصيف الغريب لبعض الممارسات الجنسية في الرواية لم يكن كله مبرراً أو ضمن السياق المعقول، خصوصاً مع مرتا، ربما لأن شخصية الراهب كانت قد صقلت في ذلك الوقت، وأثبت نقائه، ليس كما كان الأمر مع اوكتافيا. خطر في بالي أن المؤلف مصري، ولم يستطع أن يتخلص من العقدة الأزلية لإنتاج المصريين، الإغراء الفج ومخاطبة الغريزة حتى حينما تفترض في عملهم الرقي، كان يبدو وكأنه قد قاوم الأمر حتى النهاية، حينما جاء دور مرتا.


أنا حالياً أقرأ رواية المؤلف الأولى، رغم أني تركتها لمللي قبل يومين، ولكن ربما سأتكلم عنها لاحقاً.






يبدو أن السفر إلى نيوزلاندا لن يكون. يبدو أن أمي قد كدست الأعذار منذ الآن... ولكن أنا وراه والزمن طويل. إن إنتهى الربيع في نيوزلاندا ولم نسافر، فسيبدأ في مكان آخر ونسافر بإذن الواحد الأحد.




عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال :
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة أضحيان وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، قال : فلهو أحسن في عيني من القمر .
رواه الدارمي والترمذي والحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي وأبو يعلى . ومعنى أضحيان : أي مضيئة مقمرة .

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً ، بعيد ما بين المنكبين ، له شعر يبلغ شحمة أذنيه ، رأيته في حلة حمراء لم أر شيئاً قط أحسن منه .
رواه البخاري ومسلم .

ما الجامع بين الأحاديث التي وصلتني بالبريد؟ ما لفت انتباهي هو أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يلبس حلل حمراء في اثنين من الأحاديث. كان قد قيل لي أكثر من مرة أن لبس الأحمر مكروه للرجال!!! مع أن ثلاثة أرباع الشعب يلبسون الشماغ، إلا أنه يصبح مكروهاً حينما يكون تي شيرت مثلاً. حتى أن شخص كان صديقاً قال بأن الرجل الملتزم الذي قابل شخص يجلس معنا لفت الانتباه إلى قميصه الأحمر لأنه مكروه، وعليه، تضايق!!. لا أدري ما أساس الفكرة. لكن اللون الأحمر هو أحب الألوان إلى قلبي، وأحب لبسه حينما كنت ألبس غير الثوب في العصور الغابرة.







اليوم، طلب مني أخي الكبير أن أنضم إليه في استراحته القريبة، التي اشتراها مؤخراً. كان يريدني أن أجلس معه ومع زميله وصديقه الأمريكي. وجدت الأمريكي رجل ودود إلى حد جيد، وكبير جداً بالعمر. كان متوسطاً، ليس بالممل، وليس بذلك المثير للاهتمام. تكلمنا عن بعض الأمور السطحية، ووجدت أن له اهتمام كبير بحساب دخول الشهور الهجرية، فكرت بأنه يصلح لمجالسة والدي. تكلمنا عن القهوة، وأوضح أنه يعشق قهوتنا، ويحب شاينا. أخبرته بأني لا أحبهما. وتكلمنا عن طرق تجهيز الشاي في الأماكن المختلفة، تدخل أخي ليخبره بأني أحب الشاي الأخضر والهوت تشوكليت، وأخبره بجدية أني خبير بهما، ضحك الأمريكي. تكلمنا عن الشاي الأخضر وجودته، أخبرته بأن الناس هنا لا يعرفون كيف يحضرونه جيداً، فهم يحضرونه مثل الشاي العادي، ثقيلاً، بينما يجب أن يكون هو خفيف جداً. تكلمنا عن الحلال وطريقة ذبح الحيوانات، وصحح لي بعض المفاهيم. تكلمنا عن الطعام كذلك، فانبرى أخي الكبير يخبره بأني خبير بالمطاعم هنا، فأي شيء يحب أن يسأل عنه في هذا الخصوص، أين يأكل أو ماذا يتجنب فليسألني. بدا الأمر مضحكاً، خيل إلي بأن اعتدال جسمي يعتبر انتقاص لمصداقيتي. سألني عن الطعام الصيني الجيد هنا، وقال بأنه مل الطعام الصيني الكانتوني، ولم يجد من يوفر الأكلات السيشوانية والهينانية، أخبرته بأنه لن يجد خلاف الكانتوني، عدا عن بضع أطباق غير جيدة من المناطق الصينية الاخرى. تكلم أخي عن ما يحب تجربته من طعام، وهي أمور غريبة. وحكى لنا الأمريكي عن الطعام الغريب الذي صادفه في أوروبا. سألته إن كان قد أكل الجمل؟ قال بأنه أكله، ثم سألته عن الضب؟ فلم يعرف ما هو. أخبرته بأنه نوع كبير من السحالي. سأل إن كان هو الوزغ؟ لم يفهم أخي ما يقصد، فأخبرته، فضحكنا حقاً. بعد شرح فهم وبدا أنه يعرفه ولكن لم يجربه، ولا الجراد أيضاً. سألته إن كان الناس يأكلون القنادس في أمريكا؟ قال لا. أعتقد بأنه صادق، ولكني أعلم بأنهم في مرحلة ما كانوا يأكلونه. السناجب؟ قال بأن البعض يأكلها، ولكن لا يبدو أنه أكلها. ماذا عن الثور الأمريكي؟ البايسون؟ قال بأنه يؤكل على نطاق واسع، ويعتبر صحياً. تكلم عن بيئة مدينته، وسألته إن كان في منطقته طيور طنانة؟ قال بأنها كثيرة هناك، ولزوجته قنينة معلقة لإطعام الطيور. أخبرته بأني أتمنى لو رأيتها. قال: أنتم ليس لديكم منها هنا؟ فكرت: يا لها من فكرة مضحكة. قال أخي عني هذه المرة: بأني أقرأ وأطلع كثيراً على الشعوب وعاداتهم، وأقرأ عن الطبيعة والحيوانات وأحبها. وأنه نصحني كثيراً بالتوجه للعمل في الخارج في السفارة، فهكذا سأرى العالم وأرى الطبيعة، وأتعرف على الناس، ولكن، يبدو أني متردد فيما يخص الأمر. شعرت بالإحراج. قال الأمريكي بأن هذه صفات ديبلوماسية في دعم لوجهة نظر أخي. لم أجاوب. فكرت بأن أخي لا زال يفكر بعملي السابق، حيث كان يتمنى لو خرجت للعمل في الخارج وكان ينصحني كثيراً بالأمر في ذلك الوقت، كان شديد الحماس تجاهه، سوا أني خرجت من العمل وخيبت أمله، ولم يفهم اختلاف أولوياتي، ولكن يبدو مع ذلك أنه لا زال يتخيل الأمر. سألني الأمريكي إن كنت قد درست في الخارج؟ أخبرته بأني لم أفعل. قال بأن لكنتي جيدة، وأنه افترض بأني درست بالخارج. كيف اكتسبتها؟ اخبرته بأني اكتستبها بالممارسة. قال في الجامعة؟ أخبرته بأني تخرجت ولم أكن اجيد التحدث تماماً، ولكني مارست التحدث في العمل. امتدح لهجتي مجدداً. ولكنه لم يحدد نوعيتها. وأنا أعلم بأني لا أتحدث مثل أحد على وجه الخصوص. غالباً ما يتكلم الناس عن اللهجة البريطانية والامريكية، متناسين لهجات أخرى، وغير مستوعبين أنه لا يوجد ما يسمى باللهجة البريطانية. كنت أحب دوماً اللهجة الانجليزية التي لن أكتسبها أبداً، ولكني لست أتكلم بلهجة محددة، أو أحاول أن أتقن لهجة محددة، مع ذلك، أسمع أن لكنتي جيدة، دون تحديد لنوعيتها، أعتقد أن الآخرين مدركين كذلك أني لا أتحدث مثل أحد من أهل اللغة، إذا، كيف تكون لكنتي جيدة؟ لا أعرف كيف يُشرح الأمر، ولن يبدو وضعي جيداً لو سألت أحداً عنه.
ودعتهم لاحقاً قائلاً بأني سأذهب للصلاة، التي ابدى الأمريكي اعجابه بصوت مؤذنها القريب. طلب مني أخي أن أعطي ضيفه بطاقتي الشخصية، ولم يكن لدي يوماً بطاقة شخصية!! أخبرته. احتج أخي، لماذا لم يعطوك في الجامعة؟َ! فطلب أن آخذ بريد ضيفه، الذي أعطاني بطاقته. في مثل هذه الحالات، بالعادة أقترح إرسال بطاقتي الشخصية الالكترونية عن طريق البلوتوث، حيث يوجد ميزة البطاقة الالكترونية في جوالي، ولكن جوال الأمريكي لم يكن من النوع الذي يحوي بلوتوث فصمتُْ. ودعني بلطف وخرجت.






يعمل في الجامعة زميل لي، تخرجنا معاً. هو شخص طيب ولطيف، ولكني لا أقابله كثيراً رغم أنه يعمل بالجامعة أيضاً. سوا أننا في الفترة الأخيرة صرنا نتقابل أو نتكلم بالهاتف كثيراً لأنه اشترى جهاز حاسب جديد ويحتاج إلى مساعدة في بعض أموره. انتيهنا من موضوع جهازه، وفاجئني بزيارة إلى قسمي في يوم من الأسبوع الفائت. تكلمنا في الممر المجاور. ولطالما وجد طريقة للضحك علي وعلى غفلتي بحسن نية. كان قد أخبرني قبل فترة بأنه ارتاح للخروج معي، حينما خرجنا للأسواق للبحث عن كمبيوتر له والاطلاع. قال بأني أمشي في حالي، ولا أهتم بمن حولي، مما يجنبنا المشاكل، حيث علمت بأن أحد أقاربه ينظر كثيراً للنساء، وهو ما يقوده للجنون حينما يخرج معه. أردت أن أخرج شيء من جيبي، فخرجت صورة لي صغيرة، كنت قد طبعتها لدورة السباحة وبطاقة الجامعة، فأخذها وتأملها. قال بأني وسيم، قال هذا بطريقة شخص أكتشف الأمر لتوه. فكرت؛ بالعادة الناس يقولون بأن الصور جميلة حينما ينظرون إليها وأصحابها إلى جانبهم، أما جمال الشخص نفسه فالمفترض أن يكتشف بالواقع وليس بالصورة.






لدي زميل، كنت قد حكيت عنه سابقاً، لا أدري هل حكيت في هذه المدونة أم في مدونتي القديمة المحذوفة. ينتمي هو إلى العرق الأسود، رغم لونه البني الفاتح. وكثيراً ما يعاملني بانبهار ساخر، بحكم أني أبيض، وهو يسخر من كل شيء، حتى نفسه وعرقه. وهو كما يقولون، دائما ما يحاول أن "ينفخ رأسي" ويضحك علي، ويشاركه في هذا زميله الآخر، الأبيض. يتكلمون وكأني "هاي كلاس" كما يعبر الناس. ويستغلون كل شاردة وواردة للتعليق. ودمهم خفيف فعلاً، ولا أجاريهم بالتعليق، فلا أرد على تعليقاتهم غالباً. وغالباً ما يبدي هو وزميله ذهولهم المصطنع من أتفه الأشياء التي تخصني، ويخرجون بتعليقات مضحكة. لكن، ما كان يشد انتباهي منذ فترة جيدة الآن، أن زميلي الأسمر الذي يقترح دائما بأن نسافر معاً، كثيراً ما يقترح بأن نسافر إلى اسبانيا، وأن ألبس هناك تي شيرت فرنسي، ولا أدري ماذا يقصد بالضبط، رغم أنه يشير إلى قصة معينة للياقة، ولكني أفترض بأنه يقصد ذلك التي شيرت الموضة الذي انتشر كالنار في الهشيم قبل فترة، حيث كانت رؤيته تضايقني، إذ أشعر بأن من يلبسه يجدر به تربية صدر يليق بامرأة. كان أخي يلبسه، وأصدقائي يلبسونه، وكثيراً ما شعرت كم هو قبيح. ويقترح بأن ألبس مع التي شيرت الفرنسي بنطال برمودا، وأن أرقص هناك لأجذب الاسبانيات. كنت أستغرب من هذا السيناريو، ولا أفهم أي ضرب من الرقص يقصد حينما يهتز بطريقة غريبة، سوا في آخر مرة حينما قال، ترقص كذا، وهز جسده وضرب رجليه بالأرض وقلد صوت دقات حادة. فطنت فجئة، وسألته: فلامنكو؟ ولكنه صمت، فهو لا يدري ما اسم الرقصة، ولكني فهمت ما يعني. وأكمل القصة عن تجمع الفتيات الحسناوات وشيء من هذا القبيل. فهمت لماذا اسبانيا بالذات، ولماذا يتخيل هكذا. هذه الرقصة، الفلامنكو، رقصة تقليدية هناك، يرقصها الرجال والنساء، ولكن لكل طريقته. تركيز الرجال عموماً على حركة أقدامهم، بالقرع على أرضية خشبية للمساهمة بالموسيقى، أو حتى التعويض عنها في مقاطع معينة. ينطبق الأمر على النساء غالباً، ولكن النساء يتوجب عليهن القيام بحركات أكثر بأجسامهن، وفي بعض أساليب الرقص الإقليمية، تتجاهل النساء حتى الأقدام ويركزن على أشياء أخرى. كنت قد فتنت بهذا الضرب من الرقص منذ أن كنت صغيراً، حينما رأيته في فيلم أمريكي يدور في أسبانيا، في الفترة القصيرة التي امتلكنا فيها جهاز فيديو، حيث كان ممنوعاً بالمنزل، حتى فترة متأخرة من حياتنا. كنت في الصف الثالث الابتدائي، وبدا لي هذا الرقص الغريب هو الأجدر بالتعلم، بينما كنت حسب ثقافتنا لا أهتم بالرقص ولا يشد انتباهي أصلاً إلا في حالات استثنائية قليلة، حينما تعتلي المنصة امرأة ترقص وهي مميزة في أحد الأعراس مثلاً. لا زلت شخص لا يجيد الرقص، ولا يهتم حقاً مثل بعض الشباب. ولكني أحب دائما الإطلاع على الرقصات الشعبية لمختلف الشعوب، وليس الرقص الحديث. أحب مراقبته ودراسته، ومقارنته كثيراً. وقد فجر هذا جدلاً في منتدى أشارك فيه، حينما عرض أحدهم مقطع فيديو لشباب سعوديون في الشرق، يبدو أنهم يدرسون هناك، ويشاركون في حفل اجتماعي، فلما حانت فقرة السعودية، شغلوا أغنية جميلة لراشد الفارس، ورقصوا رقص جميل ماتع، أفسده دخول بعض الشباب الأغبياء مع العارضين لأنهم تحمسوا، ولكن فكرة الرقص لم تواجه اعتراضي، بينما قال الآخرين بالمنتدى بأن هؤلاء "فشلونا". تكلمت عن أنهم رقصوا فقط، وأن من لا يسمح لهم برستيجهم بالرقص، فيجب أن لا ينتقدوا الناس إن رقصوا، خصوصاً أنهم لم يرقصوا في غير موضع الرقص ولم يزعجوا الناس، كان استعراض لفلكلورنا. واحتجوا بأنه ليس فلكلورنا، قلت بأنه مزيج منه، وشرحت بأني لا أرقص، ولكني مهتم بالرقص الفلكلوري، وتنوعه لدينا، ومراقب له. يسهل الغضب من الناس وانتقادهم دونما سبب، بينما لا ينتقد هؤلاء أنفسهم أولاً على تعصبهم ونظرهم للآخرين من أعلى، ولا ينتقدون حتى سراويل اللوويست أو الأشياء المقرفة الأخرى التي قد لا يحجمون عنها.
عموماً، لم أكن لأرقص في مكان أولائك الشباب لسبب بسيط، أني لا أعرف. ولو كنت سأتعلم كيف أرقص، لتعلمت رقص الفلامنكو الذكي والذي يحتاج إلى مهارة حقيقية. ولا أخفيكم، لقد كانت هذه أمنيتي منذ أن عرفت عنه، ولا زالت.










أنهيت اشتراكي أخيراً في محل الفيديو، الماسة الزرقاء. وكنت أنوي هذا منذ فترة طويلة. حيث أنه صار سيئاً، ويوفر كل أفلامه للبيع وليس للأجار إلا في حالات قليلة، متذرعاً بأن هذه قوانين بعض شركات التوزيع. حينما تنهي اشتراكك، يحق لك أخذ فيلمين لك بدلاً من قيمة الاشتراك التي دفعتها. لم أتردد بالاختيار، بل كان الأمر بديهياً. أحدها كان: الرقص في لونسا، وهو فيلم عن مسرحية ايرلندية، أعتبره من أجمل ما رأيت. يتكلم عن عائلة من خمس من الأخوات العوانس، وأخوهن الذي عاد معتوهاً شائخاً من أفريقيا، وحبيب الصغرى ووالد طفلها غير الشرعي الذي يحكي القصة. تقوم على الجميع الأخت الكبرى، التي تؤدي دورها مريل ستريب، الممثلة الأكثر مهارة واحتراماً. وهي هنا متدينة، متسلطة إلى حد ما، شكاكة ومزعجة، ولكنها لها دوافعها، إنها رائعة، قلبها دافئ، محبة للجميع، ولكنها مهووسة بصورة الجميع في الخارج كذلك. تتكالب الأقدار على هذه العائلة البائسة، على نحو يدعو للشفقة، وتتفكك بشكل ما. إن ما يذهل في هذا الفيلم هو الأداء الطبيعي جداً، العفوي جداً. حتى الأخت التي تعاني من تخلف خفيف. هذا الفيلم من الأفلام القليلة التي تحرك شعوري بطريقة مألوفة إلى نفسي، بطريقة تشعرني بأني لدي شيء مثيل. الفيلم الآخر هو فيلم اسباني، اسمه متاهة الفون. وهو يدمج بين الواقع المرير القاسي للحرب والثورة المكبوتة، وبين الخيال الغريب، الذي لا يخلو من رعب في بعض لحظاته. من أروع ما رأيت.

فقط انظروا إلى الإبداع في هذا الفيديو:






كانت أمي تبحث عمن يأخذ جوازها وصورها لغرفتها، حينما أخذته منها، وطلبت الاحتفاظ بصورة من صورة الموجودة في نفس الظرف، فرفضت. ألحيت، فتمنت بأنها لم تعط المظروف لي!. وافقت بعد جهد جهيد على مضض. هي مثلي على ما يبدو، لا تفضل احتفاظ الآخرين بصورها . حينما نظرت إلى الصورة في الجواز تذكرت صورة أم شخص آخر، كنت قد ساعدت في أمر تأشيرة لها. يا للشبه!! حتى نفس النظرة. أقصد شبه الصور والانطباع طبعاً.




الصورة في أعلى الموضوع لمصلى الكلية، حيث أصلي الظهر كل يوم. يبدو أحياناً أن الأمور تتداعى، ونحن نصلي، إما غافلين، أو مؤمنين.




سعد الحوشان

الثلاثاء، 28 يوليو 2009

ابتسامة السكرتيريزا(أحداث،أفكار،شيء من قصة)

بسم الله الرحمن الرحيم








ما أصغر الأشياء التي تستجلب الذكريات الكبيرة. قد تبدو أحياناً أشياء غير منطقية، ولكن، لها معنى في منطق عقلي لا يشرح. صوت غريب، ضحكة، كلمة لا علاقة لها بالذكرى، ولكن بشكل ما تستدعيها. إن نصف حياتي اليومية ذكريات، أو أكثر. إن اختفاء الناس الذين يعطون للأماكن معانيها، لا يثنيني عن زيارتها.



كنت اليوم في مصلى كلية الآداب. وقد أحضرت معي قارورة الماء، في جرابها القماشي الذي أستعمله كي لا تسخن. لم يكن من أشيائي حتى وقت قريب. في المدخل، دليت القارورة إلى جانب العمود ووضعتها. تذكرت تركي كل يوم للقارورة بجانب ذات العمود، بنفس الطريقة. ورغم مرور الكثيرين، إلا أنها لا تمس. فكرت بالصعود إلى الأعلى، حيث كانت الصولات والجولات، ولكن في الأعلى، سيكون الأمر أشد وطأة على النفس. لقد ذهبت اللغات، ولكن بقي المصلى، مصلى. وفي الأعلى، لم يعد مكان اللغات، صار مكان كلية غريبة، تعنى بالسياحة والآثار... آثار ماذا؟ أنا آثار، يمكنهم أن يَدرسوني ويُدرسوني، هل تبقى مني شيء؟.









كنت قد بدأت قصة، أردت نشرها هنا. وهي ليست الأولى، ومثل سابقتها، ليست مجرد قصة قصيرة، ومثل سابقتها، صارت في النهاية قصة مبتسرة، يتساءل المرء هل يصلى عليها قبل دفنها؟ عموماً، لا أشعر بعاطفة كبيرة تجاه هذه القصة، ربما لأنها في أمر لا يعنيني، ولا يشكل بالنسبة لي هماً. هي، ويا للعجب، وبالنظر للكاتب، تعنى بالشغف بالسيارات.

عموماً، هذا ما كتبته منها، ولا أنوي إكمالها.

إسمها: سوبارو502



بسم الله الرحمن الرحيم





لم تكن السرعة، ولا فن القيادة، هي أكبر همومه الحياتية، ولكنها كانت موهبة، وكانت تشبع رغبته بالانجاز بشكل ما. لم يحصر حياته عليها، رغم ما يتخيله الناظر إلى حياته المهنية إن جاز القول. هل يمكننا أن ندعو شيء لا يتكسب المرء منه مهنة؟ إن المؤلفون هنا لا يكسبون من كتابتهم شيئا، ولهم وظائف أخرى غير التأليف، وعليه، لا نسمي التأليف مهنتهم. رغم ذلك، يكسب المؤلفون في العالم من الكتابة، ويعتاشون منها، وقد يثرون من خلفها كذلك، ولهذا يدعونها مهنتهم. إن الأمر يتشابه، الكل يقوم بنفس الشيء، ولكن، من يقرر مهنية الشيء وفائدته هو المجتمع. إنه كالمؤلف، بجرة إطارات السوبارو في الطريق، وكل مؤلفاته كتبت على شوارع الرياض. لقد يسرت له بشكل عجيب كل أسباب ممارسة هوايته. فهو شجاع لا يهاب، وواثق لا يهتز، وله أصدقاء، ليسوا نافذون تماماً، ولكنهم يستقبلونه حين تسوء الأمور، وهي تسوء في لحظات، في كل مرة تقريباً. إنه لا يخاف الشرطة ولا المرور، الذين اتفقا على مطاردته، فهم ليسوا بند له، لا أحد يقود سيارة هو ند له، وهو لا يبحث أصلاً عن منافسين.


لا أحد يعرف إسمه من معجبيه، ولا حتى شكل وجهه. وقد حضهم بإلهامه أن يبدعو بدورهم، أو يحاولوا على الأقل، كما تقرأون هنا. راح بعضهم يرسم صور متخيلة له، والبعض يؤلف القصائد، والبعض ينسج القصص، وآخرين يحترفون الشائعات والتشويه والإهانة. وحينما تقول بأن لديه معجبين، فأنت لا تتحدث عن نوعية الإعجاب المألوفة في عالم السيارات هنا. فمن جهة، هو مختلف، فهو غير مفحط، وغير باحث عن الشهرة لذاته، ومن جهة أخرى، أصبح هذا الإنسان ظاهرة في المجتمع، يهتم الجميع السائم باخبارها وتمردها. إن الجرائد تبحث عنه، وتنتقد الأمن بسببه، وتدرس تداعيات ظاهرته الإجتماعية، وقد أثار وجوده ومواقفه جدلاً مشتعلاً، وذكر في خطب الجمعة، وحكت عنه جريدة اللوموند وهي تناقش ظاهرة عشق السيارات لدى السعوديون. يسمونه الناس صاحب السوبارو، ولكن اسمه ببساطة: سليمان، وهو ما لا يعرفونه.




كان سليمان في الثامنة والعشرين من عمره، ولكنه يبدو أصغر أحياناً. تخرج من الجامعة، فكانت معونة أهله له هي شراء سيارة جديدة. ولأنه توظف سريعاً، قرر شراء سيارة مختلفة، ولو كانت غالية، بحيث يدفع جزء من معونة أهله، والجزء الآخر يقترضه من المصرف. المهم أن يحصل على ما يريد، ليس أقل ولا أكثر. ولكن، ماذا يريد؟ احتار كثيراً في الأمر، لم يرد تويوتا ولا فورد، ولا نيسان. كان تفكيره يرتكز على سيارة أوروبية مرفهة وجميلة، ذات شكل غير مألوف. توجه إلى سيات، كانت سياراتها جميلة حقاً، ولكنها من الداخل غير مرفهة، كما أنه خاف من توفر قطع الغيار، وعلم أن قطع الغيار والصيانة ستكون مشكلته وتضحيته إذا ما اختار سيارة أوروبية. إذا لتكن ستروين. كانت سيارات جميلة تلك السيارات، أنيقة جداً، وذات مميزات مذهلة من الداخل والخارج. ولكن، لاحظ بأنه على الطريق، يزول الانطباع الذي تتركه الستروين على المشاهد حالما تختفي السيارة عن ناظريه لسبب مجهول. كان يريد لفت الانتباه ولا يخجل من هذا، لأنه يريد لفت الانتباه بشكل مختلف عن رؤية المجتمع للفت الانتباه، كان يريد أن يعطي انطباع عن شخصيته بلفته للانتباه، لا عن ثروته أو سطحيته. لا أمل من فولكس ويجن، فهي جامدة ومملة، ليس كما كانت. كانت هناك فيات، ولكنها لا تباع هنا للأسف. ميني كوبر جميلة، ولكنها انتشرت، وفضلاً عن انتشارها، كان مقتنوها هنا مشكلة، فهم قوم مشبوهون، ومما زاد الطين بله، إنه يكره البريطانيين. ساب السويدية جديرة بالاهتمام، اجدر من فولفو الأشهر. مع ذلك، كان ساب تعاني من مشاكلة كشركة، وبدت سياراتها حينما دقق فيها النظر مترهلة، تكاد أن تتفكك، ولم يحب أن يتأكد، فطالما تركت لديه هذا الانطباع، فلا يهم ما تتركه في نفوس الناس. رينو؟ سيارات جميلة، بعضها يبدو رخيصاُ على نحو مفرط، ولكن كانت سياراتها المتوسطة مبدعة حقاً، خصوصاً لاجونا، حملت الطابع الفرنسي المتقن والمرهف في الأمور، ليس بالغ الرهافة، ولكنه واقعي الرهافة، ويدخل القلب هكذا، وهو لا يبدو مفتعلاً، لا يختلف عن باقي صنعة الفرنسيون وطابعها الجميل. لم تكن السيارة منتشرة كثيراً، واطلع على بعض الانطباعات التي امتدحتها. وحينما يراها متوقفة، كان ينتظر أصحابها ليخبروه عنها، وقد وجدهم جميعاً لطفاء على نحو غريب وموحد، ولا عجب، فهم كلهم لبنانيون. إنهم يسرقون البريق هكذا، لرجل سعودي يشتري سيارة مميزة، كما قد يسرق السعودي البريق من لبناني، حينما يحاول الأخير شراء شراء لاندكروزر أو شاص. كانت خسارة، ولكن، لم يجد خياراً.
 
انتهت، أو انتهى ما قدر لها من طول.
 


 
جائني موظف مصري، وسألني إن كنت أخ المهندس فلان؟. أخبرته بأننا لسنا أقارب. أنا أعرف الاسم جيداً، وقد شد الشخص انتباهي كثيراً لحضوره المكثف في رسالة الجامعة، وربما جريدة الرياض، ولكني نسيت شكله، أو لم أشعر بالتمييز بينه وبين موظف بارز في الجريدة. رأيته بعد قليل، وقال بأني أخ المهندس فلان، ولكني لا أريد أن أقول. أقسمت له بأننا لسنا أقارب. وفي تلك اللحظة، كنت قد ولجت الانترنت وبحثت في موضوع هذا الفلان، ووجدت عدد مهول من الروابط لأجله، ولكني بحثت بالصور ووجدت كذلك العديد منها، ولم أجد شبه حقيقي بيني وبينه. ربما لنا نفس الدرجة اللونية، وحتى هذا أشك فيه. تكلم لي عن الرجل، وأنه شخص طيب ورائع، وأنه صديقه. قلت: طيب، قل له اخوك بالشبه يسلم عليك. حينما أراد أن يذهب سألني عن اسمي. قلت سعد. قال الفلان؟ قلت لا، الحوشان. إن الشبه قد يكون انطباعياً أحياناً، وهذا ما لا يدركه الكثير من الناس، وأحياناً يدركون قضاياه مع الوقت. من يدري، لعلنا نتشابه بشكل ما. بالواقع، الشبه الانطباعي من أكثر الأشياء التي تثير اهتمامي.











حصلت مفاجئة حلوة اليوم. لقد جاء مديري الدكتور العزيز السابق، أقصد مديري في الوزارة قبل أن أعود إلى مكاني. جاء إلى عمادتنا ليحصل على ورقة، وبنفس الوقت ليأخذ تلك الورقة التي تكفلت بمتابعتها حتى انتهت من أجله.سلمت عليه مصافحة، وسألنا بعضنا عن الحال. ذهبت إلى مكتبي الخالي لأحضر له ورقته. كان يقف في مدخل الاستقبال، قريباً من مكتب مديري العزيز الحالي. فوقفت بباب مكتب مديري قبل أن أعطيه ورقته، وأخبرته بأن مديري الدكتور في الوزارة هنا، وأني أود لو سلم عليه. ابتسم مديري وخرج من مكتبه. وتصافح الرجلان، وتبادلا المجاملات. وقال مديري في الوزارة أني كنت من خيرة موظفيهم، ولكني رفضت البقاء. رد مديري الحالي بأنهم يعرفونني من قبل، وامتدحني. بعد السؤال عن الحال والتعارف، ودعنا مديري السابق، ومضى. نظرت إليه وهو يمضي. خطر في بالي الدكتور المشرف، هذاك، لن يحضر أبداً إلى هنا. أعتقد بأني لن أراه أبداً. كم هذا مؤسف، رغم أني لم أعرفه بقدر ما عرفت مديري الدكتور المباشر.








أحاول تنسيق أمري لإكمال دراستي، ولكن الوضع أعقد مما توقعت. إني لدي شروطي ومتطلباتي، لأني حريص على الأمر وشغوف به. لا أستطيع الإكمال في جامعتي، الملك سعود، لأني لا أعتقد بجودة مستواها، خصوصاً مع عميد إدارة الأعمال الحالي. ولا مانع لدي عن الدراسة في جامعة أهلية هنا، بل هذا ما أفضل في ظل الظروف. ولكن، ليس في جامعة الأمير سلطان. أما جامعة اليمامة، فيبدو أنها تعطي برنامج مختلف في ماجستير إدارة الأعمال، يستهدف من يعملون بهذا الحقل بالفعل على ما يبدو. جامعة دار العلوم الجديدة، التي راسلت مديرها الغريب عبر موقعه، أخبروني اليوم في الهاتف أن البرنامج قد يبدأ بعد سنة... وكانوا قد أهملوا رسائلي إليهم عبر البريد، مما أعطاني تصور مختلف عنهم. أنا متحمس للدراسة هناك، فقد يدرسني مديرها مادة، حيث أن تخصصه يناسب ميولي بشدة، وربما هو ما أريد دراسته بالفعل، ولكنه غير موجود في السعودية على شكل ماجستير للأسف. صحيح أن شخصية هذا المدير،،، لا أدري، ولكن لا يهمني، أعتقد بأنه سيكون مفيداً، حيث أن موقعه مفيد. الراجحي سيبدأ جامعته في العام المقبل، ولا أتصور بأنه سيقدم الماجستير في أول سنة، رغم أنه يولي عناية خاصة إلى جامعته على ما يبدو. هي بالقصيم، البكيرية، وربما أمكن تنسيق حضور الطلاب من مناطق أخرى كما يجري في البحرين. لا يمكنني الدراسة بالخارج، وهذا ما يصعب على بعض الناس فهمه. جاء اليوم دكتور جنسيته استرالية وأصوله باكستانية، وهو ودود جداً، ومتحمس لإعطائي فكرة عن الدراسة في استراليا، سمعت لشرحه، وأخبرته بأني لا أستطيع الخروج للدراسة على الأغلب الأعم. ولكن، هذا لم يقلل من اهتمامه بالمساعدة وعرض الخبرات والاستشارة من أجلي حتى. لو فكرت بالدراسة في أحد دول الخليج، ولو كان هذا ممكناً من حيث تقسيم الوقت كالانتساب، سأواجه صعوبة كبيرة بالمصاريف. وإلا، فإنه يوجد تخصص آخر يهمني جداً في جامعة زايد في الامارات.
برنامج اليمامة حتى مرهق مادياً، لكن لا بأس إن كان على دفعات معقولة.








كنت أسعى في أمر يخص أخي الكبير في الجامعة، وكان الأمر قد تأخر كثيراً. ومع الكثير من التردد، شارف الأمر على نهايته أخيراً في مكتب مدير الجامعة. هناك، يوجد موظف شهير، وهو آمر ناهي في المكان. كنت قد كلمته عدة مرات سابقاً، حينما رفعت شكوى لم يجري عليها شيء، بطبيعة الحال، إلى مدير الجامعة، بخصوص دكتورين خسيسين. وبشكل غريب، كان هذا الموظف كثيراً ما يصمت حينما أدخل عليه، وأقول ما لدي بهدوء، ويتأملني "برواقة" ثم يبتسم ابتسامة مفاجئة، واسعة، ليست لي بشكل واضح، وكأنما هي علي، جريئة وكأني حتى لا أراه، رغم أني لا أستطيع أن أضع يدي على ما يضحكه. حينما دخلت في آخر مرة منذ أيام، كلمته عن معاملة أخي، وبدا أنه غير متأكد من شيء سوا أنه وقعها من المدير، ولكن لا يدري أين أودعها أو لمن أعطاها. كنت أكلمه بهدوء أكثر من المعتاد، إذ كان نفسي مقطوعاً أصلاً لأني كنت أجري تقريباً، وحاولت أن لا أبين إنقطاع نفسي. لم يبدو أنه لاحظ. ولكن بعد لحظة، سكت وتأملني بشكل غريب، ولأني أعلم، انتظرت الابتسامة الغريبة الواسعة، فحدثت. تساءلت بنفسي، ما الطريف الذي يجده بي؟ حيث يبدو أنه كلما رآني وكأنما قرأ نكتة، رغم محاولتي الظهور بأقصى ما أستطيع من رسمية. فاجئني بسؤاله، إن كنت أعمل معهم؟ أخبرته بأني أعمل معهم، ولكن ليس في القسم الذي أرسلني لسؤاله. أعادني للقسم، ثم أعادني القسم إليه. أخبرته بأن المعاملة لم تأتي إليهم. وقف ليبحث بالأدراج، ولكنه ما لبث إلا أن توقف فجأة، والتفت يتأملني، لا يتواصل بصرياً، ولكن ينظر إلي وكأني جماد، ثم عاد وابتسم تلك الابتسامة اللغز. سألني في أي قسم أعمل؟ أخبرته بأني مترجم في القسم الفلاني. بحث عن المعاملة فوجدها على المكتب تحت معاملة أخرى. مدها إلي وطلب مني إعطاءها للموظف بالخارج ليعطيها رقماً. شكرته وخرجت من مكتبه. ولكنه لحق بي، أو خرج معي على الأصح، وأخذ المعاملة مني ودخل بها على موظفين تحته، ولما منحوها رقماً خرج وأعطاني إياها، ثم تردد، أخبرته بأني أريد صورة فقط، فقال بأن هذا ممنوع، وأخذها مني. لم أعترض. غير رأيه، وطلب مني أنه أعده أن لا أصورها إلا إذا سمح لي القسم المعني، فوعدته. مشى إلى جانبي قليلاً ومعه المعاملة، ثم توقف ونظر إلي. توقفت وعلمت بأنه يريد أن يقرأ النكتة مرة أخرى. توقفت بهدوء وصمت، وتركته يتأمل ملئ عينيه، نظر إلى وجهي ودارت عينيه فيه، ولم أشعر بالضيق، فعلى الأقل، يبدو حسن النية من جهة أنه ليس من النوع الذي قد يخرج السخرية خارج نفسه. لما اكتفى، ابتسم بقوة وكأني لا أراه، وأعطاني المعاملة ثم مشى. وفي طريقي للخروج مشى معي وقال بأنه يتعامل معي بالثقة، فيجب أن لا أصور المعاملة، أكدت له أني لن أفعل بدون اذن القسم المعني، وكاد أن يخرج معي من القسم لولا أنه انتبه فجأة وعاد أدراجه من عند الباب. في كل مرة كان هذا هو الوضع معه. لا أحد بالعادة يجد شكلي طريفاً، أو يبتسم بهذه الفجاجة، فلا موقف يذكر قد حصل لأقول بأنه ما يضحكه. كذلك، أتصور بأنه في كل مرة، يحسب بأنه لأول مرة يراني. ومن يعمل في مكتب مدير الجامعة أو الوزير، لا يتذكر الناس.
ذكرني هذا الرجل بابتسامات شخص عزيز، كنت في نزاع معه في لحظة من تاريخي، وكان يصمت بعدما يقول شيئاً، ويتأمل كياني المهزوز، الغاضب، المحترق، ثم يبتسم بغرابة، وكأنما يرد باله فكرة لا يريد أن يفصح عنها، فكرة لا تتعلق بالنزاع، وكأنما في لحظات ابتسامه، يناقش موضوع آخر يخصني بصمت، موضوع عني، ولكن لن أعرف ما هو أبداً. كم كنت مثيراً للشفقة والازدراء في نفس الوقت، في ذلك اليوم...





إني أجمع المال حالياً وأخطط للسفر في شهر اكتوبر أو نوفمبر مع أمي. في بلاد العالم المشهورة يكون الوقت شتاء في ذلك الحين، ولكني أخطط، إن كتب الله، أن أذهب بأمي إلى نيوزيلاندا. وهي تقع في جنوب الكرة الأرضية، حيث يكون الفصل في ذلك التاريخ ربيعاً. نيوزيلاندا بلد جميل، في نهاية العالم شرقاً، بعد استراليا. سمعت بأن أهله طيبون، حسن تعاملهم مع الناس. وقد قال لي شخص استرالي بأنه يلائمني كشخص، فهو بسيط وجميل وهادئ، وأنا أحب الهدوء. أمي تحتاج إلى السفر إلى مكان كهذا برأيي. لا أود أن أتنقل بها إلى العديد من الأماكن هناك. ربما نكتفي بجولة بقطار الترانزالبين، وهو شهر عالمياً بسبب المناظر التي يمر بها، ثم نستقر في مكان أخضر وريفي، حيث نتمشى فقط بالسهول، ونرى الأغنام التي نحب. المشكلة الكبرى في الأمر هي موافقة أمي. التي تسايرني، وتشد وترخي في الأمر، وكأنما تود خداعي في النهاية كالعادة، وتقول لا بطريقتها الأوبرالية. ساعتها، سأحزن حقاً. إنها أمنية أن نسافر معاً لوحدنا، أنا وأمي. ما أجمل مجالستها، ما أجمل حكيها، وكيف سيكون بلا مقاطعة، وبلا هم، وبلا حظ سيء ومنكدين.
لماذا نيوزيلاندا؟ رأيت الكثير من الصور عنها، وقرأت الكثير عنها، بالإضافة، حينما كنت صغيراً، كنت أرى دعاية لحليب من نيوزيلندا، حينما ينهمر المطر على الأرض الخضراء، والحيوانات ترعى، ورجل يبتسم بهدوء وسعادة وهو ينظر إلى السماء. كانت الأرض خضراء، تميل إلى السواد. قبل سنوات، وضعت عرضاً للمراسلة في موقع للتواصل. وردتني رسالة اهتمام من امرأة يابانية في أربعيناتها. تواصلنا بالرسائل، وقد كانت متحفظة، ولكن مهتمة جداً بالتعرف على ثقافتنا. كان الأمر ممتعاً، حيث كانت امرأة محترمة، محتشمة في كلامها، راقية باهتماماتها. وكان من ضمن اهتماماتها السفر. طافت العالم. سألتها ذات مرة، لو أردت رؤية الطبيعة الجميلة، أين أذهب؟ قالت؛ إذا أردت الطبيعة الجميلة، اذهب إلى أحد بلدين، إما سويسرا، أو كندا. سويسرا شهيرة بجبال الألب، وطيب العيش. ولكن كندا؟ كان شيء جديد علي، لم أحسب بأنها استثنائية تلك البلاد. كنت أفكر بأنها تشبه أمريكا. أنا أثق برأي تلك المرأة، وكانت تضع كندا في صف سويسرا. في كندا، يوجد فرصة لرؤية الطيور الطنانة، الثيران الأمريكية، والحوت القاتل، المسمى الأوركا. وهذه كلها حيوانات أحبها جداً. ولكن، لا يساوي الأمر التعب لأخذ والدتي إلى هناك، خصوصاً إجراءات الفيزا، والتوقيت السيء، حيث سيكون هناك فصل الشتاء، وتكاليف المعيشة، وكذلك، لا أدري... إن الذهاب إلى هناك لا يشعرني بالراحة حالياً. أحياناً أتمنى لو كنت قد سألت تلك المرأة عن نيوزيلاندا، ولكن، لم تكن هذه البلاد تخطر على بالي أبداً.


زميلي في الكلية، وفي الجامعة كموظف الآن، أخبرني بأن شخص أجنبي اصطدم بخلفية السيارة التي يقودها. وكان الخطأ على الأجنبي، وهو سوري. كنا نمشي في ممشى الملك عبدالله، لأول مرة أمشي معه، حيث كان الوعد الذي تأجل كثيراً هو اللقاء لأساعده ببعض أمور حاسبه الجديد. أخبرني بأنه سيسامح السوري، وسيعيد إليه الرهن. اتفق مع السوري على الحضور هناك في الممشى، وأخبرني بأن السوري يعمل في الحميضي، وهي سلسلة محلات شهيرة تختص بالساعات الأصلية والغالية. أخبره السوري بأن يتصل عليه متى جاءوا أهله إلى المحل، ليقدم خصومات ضخمة لهم كرد للمعروف، وأشار إلي مازحاً وقال: وأنت كمان. حينما ذهب السوري، تذكرت فجأة تلك الساعة الأمنية، كونينو لمبورقيني، وأنيت بأسى حينما لم أسأله عنها، فربما تدبر لي خصم جيد لهذه الساعة الغالية. كانت تكلف حوالي 4000 ريال. وجدت من يستوردها ويبيعها بلا ضمان بحوالي ثلث السعر أو أقل، ولكن فضلاً عن أنه لم يجلب اللون الرياضي الأحمر كما في الصورة، وهو ما لا يمكن أن آخذ غيره، كانت قد انتهت من عنده حينما اتصلت. لست أحب الساعات التي تعمل بشكل تقليدي بالعادة، ولكن هذه،،،""










كان زميلي بالعمل يحكي لي عن أنشطته بالانترنت. وماذا يسمي نفسه مؤقتاً في المحادثات. يسمي نفسه: ملح وفلفل، أو شيء من هذا القبيل. خطر في بالي مباشرة تسمية المدونة. كانت فكرته ملهمة. فكرت باسم على نفس النمط، ولكنه يعبر عن فكرة، لأطلقه على مدونتي. وجدت: خبز وجبن. قد يبدو عنواناً سخيفاً، ولكن تقع خلفه فلسفة. إني كنت أفكر دائما، بشكل مجازي، بأن الراتب سيكفي طالما يبقي الخبز والجبن في المنزل. والخبز والجبن سيكفيان المرء ليعيش كذلك، رغم بساطتهما. أما لماذا خبز وجبن، وليس خبز فقط؟ فلسبب قد لا يهضمه الكثيرين، أو أكثر من سبب. في القديم، كان الناس يأكلون الخبز، كمصدر وحيد غالباً للعيش، وإن كان مخلوطاً بمكونات مختلفة، ولكنه يظل خبزاً، ولكن، هذا غير عصري، فلا أحد يعيش حالياً على الخبز وحده، فحينما يريد أن يعبر أحدهم عن الكفاف، فإنه يعبر عنه بالخبز والجبن، وعليه، الخبز والجبن أصدق لعصرنا، لمجرد لعيش وكما أقول دائماً، أنا عايش، رغم كل شيء، للأفضل أو للأسوأ. بالإضافة إلى أن ذكر الخبز وحده كعنوان يشبه التظاهر، لا أدري كيف أعرف التحذلق تماماً رغم أني أعتقد بأني أفهمه، ولكن، أعتقد بأن تسمية المدونة: خبز، سيكون مثال على التحذلق، عكس: خبز وجبن، لأن التسمية الأخيرة لا تخلو من سخف، وأبعادها خفية على من لا يفكر. كما أني أحب الجبن جداً، والخبز بطبيعة الحال لا غنى عنه. للأسف أني لم أعد آكل هذا الطعم منذ فترة طويلة، رغم اشتهائي له.
سأفكر كثيراً بهذا العنوان، والاحتمال الأكبر أني سأطلقه على المدونة. وهذا يعطيني أمل بإيجاد عنوان للرواية، وهو موضوع يؤرقني أكثر من عنوان المدونة بكثير. فالعنوان الذي خلصت إليه لم يقنعني.











أقرأ حالياً رواية: عزازيل. كما ذكرت في مدونتي المصغرة. وهي رواية نالت جائزة الرواية العربية التي أقيمت مسابقتها في أبو ظبي قبل فترة. لست أحب قراءة ما يكتبه العرب، وفي كل مرة أعطيهم فرصة، يخيب ظني وأندم على الوقت الذي ضاع. هذه المرة، حينما رأيت الكتاب في جرير، فكرت بأن أعطيهم فرصة طالما احتفلوا بهذا الكتاب، بالإضافة إلى أني لم أتوقع نزوله بسرعة. اشتريت الكتاب، ووجدته جيداً حتى الآن على الأقل. لا أريد أن أحكم وأتحدث أكثر قبل إنهاء الكتاب، ولم يبق الكثير عموماً.










الصورة في قمة الموضوع، هي صورة ثريا مما يعلق بسقوف الجامعة، يفترض بأن تبدو عصرية، ولكنها بصراحة غريبة، وليست جميلة جداً. مع ذلك، أحبها. التقطتها من فوق الجسر المؤدي إلى كلية السياحة والآثار، حيث سادت ذات يوم كلية اللغات والترجمة، حيث تخرجت، وجرت أمور كثيرة. عدلتها كذلك. التعديل ممتع.








سعد الحوشان