سِجل المدونة

الجمعة، 30 أكتوبر 2009

لحية نصفها أشيب،تحت شفاة ملتوية(أحداث،أفكار،حادث سيارة)



بسم الله الرحمن الرحيم

 
 




يختفي الإلهام أحياناً، ولا يعود بوسع المرء أن يبدع شيئاً. في السنة الأخيرة كفيت عن كتابة شيء مما أهوى كتابته، باستثناء الكتابة هنا. أعتقد بأني بت بحاجة ماسة للتغيير. وقد يكون هذا عبر الدراسة.

 
 
مررت بأمثلة كثيرة من الناس الذين يبدون اهتمامهم، ثم يفقدونه بسرعه. حتى هنا بالمدونة، اعتقد أن هذا هو الحال مع البعض. يبدو لي أحياناً بأنه يتم فهمي بصورة خاطئة، أو متسرعة. وتُترك بالنهاية متسائلاً، تملأك الحيرة، ما السبب؟. لكن هذه مبالغة، لقد اعتدت على الأمر منذ صغري.
 
 
رأيت قبل أيام معلمي في الثانوية، معلم آخر غير صاحب محل الحلويات الذي تحدثت عنه. رأيته هنا، في الجامعة حيث أعمل. كنت قد سمعت بأنه نال شهادة الدكتوراة في علم شرعي. لم يتغير كثيراً، لا زال ذو شكل مميز، وجهه مليح، وبشكل غريب وضاء، رغم اعتقادي بخبثه أحياناً، أو سخريته التي لا داعي لها. في الثانوية، كان يجدني مثير للاهتمام بشكل ما، وحينما تثير اهتمامه، فإنه يستفزك كثيراً، ويحاول إحراجك. كنت مراهقاً، واستدعاني الأمر وقتاً حتى أفهم بأن هذا شكل من التقدير، كان ينبغي أن اتجاوب معه على نحو أفضل، وبظن أحسن، مع أني لا زلت أعتقد بأنه لا يحسن التعامل تماماً، ولكن، وإن كان لا يهمني هذا الرجل، إلا أن الكثير من الناس الذين فضلت لهم هذا الطبع المحير معي، أو كان. أدركت هذا بعد تخرجي من الثانوية. وحدث أن صادفته، ووددت السلام عليه، ولكنه تفاداني بكل ما يستطيع. ربما كان هذا مسلكه مع الجميع؟ صحيح أنه لم يعد بيننا علاقة إطلاقاً، سوا من مزحات انقرضت في آخر سنة من دراستي. أتذكر بأنه كان يقول دائماً بطريقة ساخرة ومستفزة: أحببببك يا سعد والله أحبك. وكان يسبب لي الإحراج أحياناً ويحاول أن يلزمني بأمور رغماً عني، إلا أني كنت أرفض بعناد. اضطررت ذات مرة لموافقته حينما دخلت مكتب الوكيل، حيث جلس لفترة، كان المدرس قد أرسلني على عجل لأحصل على شيء من عنده، وكان هذا يجلس مع ولي أمر طالب يناقشه بأمر ما، عرّف ولي الأمر علي بشكل مفاجئ، وقال لي: سعد والله أحببببك!! وصار يكررها ويحاول أن يطيل الموضوع، وكان ولي أمر الطالب يكبت ضحكته، قلت له أني أحبه أيضاً، ولكن يجب أن آخذ ما جئت لأجله وأعود بسرعة


حينما رأيته قبل يومين، كنت أسير بصحبة شخص أجنبي، لأترجم بينه وبين الموظفين. التفت عينينا، وعرفته مباشرة، وظل ينظر إلي، شعرت بأن رابط ما، تواصل ما، ابتدأ، ولكني لم أنوي السلام علي أي حال. لماذا؟ لم أعد أحسن الظن بالناس بسهولة، لقد نلت ما يكفيني من حسن النية. قلت بأنه لم يتغير كثيراً؟ بشكل ما، لم يتغير، ولكن بدا شكله أكبر بطبيعة الحال، ولحيته التي كانت كثيفة صارت أكثف، وأقل ترتيباً، منتشرة نوعا ما، ولكن جميلة مع ذلك، تخطها بضع شعرات طويلات من الشيب، إلى الجهة اليسرى منها فقط. شعرت بأن نظرتي الطويلة، وعدم سلامي، شعرت بأن هذا استفزه بشكل ما. إن كان لا يزال كما أعرفه، فلا بد بأنه غير معتاد على التجاهل، أو الاستفزاز من الآخرين. عدت إلى القسم بعد قليل، وجدته يكلم موظف وهو واقف أمام قاطع مكتبه الصغير. استمريت اترجم لمن معي، وبعد مضي بعض الوقت التفت تجاهه، فوجدته ينظر إلي، وقد التوت شفتيه ازدراءً، ازدراءً شديداً لم أرى على وجهه مثله من قبل، هل اكتسب هذا مع شهادته الجديدة؟ صد ملتفتاً إلى الموظف، وشفتيه لا زالتا على إلتوائها.

يوجد دكتور لدينا، درسني الثقافة الإسلامية قبل أن أتخرج، كان دائما ما يذكرني فيه. لهما نفس السحنة، ونفس السخرية. لم أكن ألبس غترة إلا فيما ندر، حسب المزاج. كان هذا الدكتور يناديني وكأنما يمزح، بصاحب الشعر أو شيء من هذا القبيل. أعتقد بأنه كان يرمي إلى إحراجي حتى آتي مرتدياً الغترة. كان يقول للكل تقريباً بأنه يحبهم، أعتقد أن هذا لم يكن حقيقياً، كيف يحب كل هؤلاء الناس الذين لا يعرف، ويدرسهم لفترة الصيف فقط. كان يحاول أن يكون مزوحاً، وكان ينجح. قال أحد الزملاء ذات مرة كلمة: أصدقاء. ولكن الدكتور قاطعه بأنها كلمة مضحكة وغريبة، فلا أحد هنا يقول: أصدقائي، الكل يقول: ربعي، أخوياي، ثم التفت إلي وقال: صح؟ قلت أنا: لا، أنا أقول أصدقائي. ضجت القاعة ضحكاً، وتبسم هو. كان له تركيز علي، ولست أدري لماذا. ورغم أنه كان دائم التبسم في وجهي، إلا أني كنت أشعر بالقلق لشعوري بأنه لا يتقبل، وربما كان يود التأثير علي بشكل ما. أبدى رضاه ذات مرة لما حضرت لابساً الغترة، ولكني لم ألبسها مرة أخرى. كان من جهة يحاول إحراج الطلاب الشيعة متى ما توفرت الفرصة، على نحو يثير الضيق. فلم يكن لنا علاقة بما يعتقدون، ولن يمكننا تغيير ما يعتقدون بالإحراج والاضطهاد. طلب منا بحثاً، وأخبرنا بأن نضعه في صندوق بريده، أو نحضره بالمحاضرة. وضعته في صندوق بريده، ولما جئنا للمحاضرة، وسأل عن بحثي، أخبرته بأنه في صندوق بريده، تساءل باستنكار لماذا تركته هناك؟! أخبرته بأنه هو من طلب!. جيء ببحثي بالمحاضرة القادمة، وناقشني فيه بعناد، ثم اعترف بأنه لم يقرأه، إنما تصفحه فقط!!





أصوم الست هذه الأيام. إن الصيام في غير رمضان متعب أكثر على ما يبدو.





يوجد زميل من القصيم، مهذب وطيب، ويبدي اهتماماً بمعرفتي. من الواضح أنه من عائلة مشابهة لعائلتنا، من حيث نوعية التربية والمبادئ، وبشكل عام، يتشابه معظم أهل القصيم من هذه الناحية لحسن الحظ. تكلمنا عن المعيشة بالرياض، وهي لا ترضيه مقارنة بالعيش في بريدة، حيث يقول بوجود الكثير من المسطحات الخضراء والأماكن التي يمكن للشباب التنزه فيها. لا يرضيه الرياض لأنه لا يحب الإزعاج كما يقول. الرياض مدينة مزدحمة ومزعجة في بعض المناطق، لكني أحب العيش هنا واستمتع به. وطبعاً، لا أعتقد بأن بريدة ستختلف كثيراً بالنسبة لي، وربما تكون أفضل، فهي مدنية ويتوفر فيها ما أريد، بالإضافة إلى أنها أقل ازحاماً وأكثر هدوءاً. أتفهم وجهة نظره بأن بريده برأيه أفضل، لكني ناقشته بعدم إعجابه بالرياض. أستمتع بوجودي هنا، خصوصاً حينما أكون بعيداً عن الزحام.








شاهدت فيلم قديم على اليوتوب، اسمه ذا اكسورسيست (The Exorcist)، أي طارد الأرواح. هو فيلم قديم جداً وشهير جداً، أيضاً. وهو يدور حول إخراج روح شريرة تلبست فتاة صغيرة، إخراجها بالطريقة النصرانية، وهي طريقة شبيهة من حيث المبدأ لإخراجنا للجن. يفترض أن يكون الفيلم مرعباً، وقد حُذرت منه كثيراً، خصوصاً أني لا أحب الأفلام المرعبة بشكل عام، حيث قيل لي أن رعبه متطرف. مع ذلك، لم أجده مرعباً، أبداً. كان فقط مثيراً للاهتمام، أو فيلم ممتاز على الأصح، رائع ومتكامل. وقد رأيت من خلاله اشتراكنا بالرؤية مع النصارى تجاه معالجة الممسوسين، أو لنقل تشابه الرؤى إلى حد كبير، يصل إلى حد التطابق أحياناً. سمعت شائعات كثيرة عن الفيلم، ولا أعتقد أن أكثرها صحيح، ربما أكثرها صحة هو موت العديد من العاملين عليه حين تصويره. ولكني سمعت أيضاً أن بعض دور السينما اشتعلت حينما عرض فيها، لكونه يحضر الشياطين، وهذه بعيدة عن التصديق برأيي. ولكني لا أنفي بأنه قد يجذب الجن، فمن المعروف أنهم ينجذبون لما يدور حولهم ويتعلق بهم، ككتب تتحدث عن السحر مثلاً. قد يكون لوحظ عند بعض مشاهديه أمور غريبة حال مشاهدتهم له أو انتهائهم منه، ربما، وربما هذا ما جلب الشائعات والمبالغات. ما أثار اهتمامي، هو أن الفيلم يبدأ بأذان، وينتهي بأذان. يبدأ في العراق، ويعرض المساجد، والمصلين، والحياة لدى المسلمين، من خلال وجود عالم آثار غربي. وينتهي بالأذان، والنهاية في أمريكا. قد يكون وجود الأذان فقط لمسوغات فنية، ولكن خطر في بالي أمر قد يكون سخيفاً. ماذا لو كانت تلك الشائعات حقيقية، وقد أضيف الأذان لاحقاً في البداية والنهاية لطرد الشياطين والجن من مكان الفيلم بعد عدة حوادث غريبة؟ فمن المعلوم لدينا بأن الأذان يخيفهم ويطردهم. أو قد يكون القرار اتخذ منذ البداية بتدبير محسوب. خصوصاً أني لا أتذكر بأن الأذان تصاحبه موسيقى.







ذهبت قبل فترة مع دكتور أجنبي، دعاني للعشاء معه ومع والده. قال بأن والده الذي يزوره سيسافر قريباً، وهو يريده أن يراني قبل أن يذهب. كنت أؤجل الخروج معه حتى قال هذا، مدللاً على ضيق الوقت. كنت مرهقاً في ذلك اليوم جداً. جنسية هذا الدكتور استرالية، ولكنه باكستاني الأصل، بينما والده باكستاني فقط. ذهبت وأدخلني للمنزل، حيث سلمت على والده، وجلسنا حول طاولة نشرب عصيراً لذيذاً. هذا الدكتور ملتزم، له لحية طويلة ولديه حماس. والده كان ودوداً، ولكن على جانب من التحفظ. خرجنا للصلاة، ولما عدنا خرجنا للمطعم حيث سنأكل. ذهبنا إلى مطعم باكستاني في العليا، وهناك صادفت بعض المحاضرين الباكستانيين من الجامعة!!. كنا نتكلم عن أمور كثيرة، ولكن ليست استثنائية أو غير معتادة. زال تحفظ الوالد مع الوقت. كليهم في غاية اللطف، ولكن شخصياتهم مختلفة جذرياً. يبدو على الابن الذكاء الحاد ولكن صعوبة التأقلم مع الآخرين، وهو يجاهد هذا الأمر بوضوح وذكاء، بينما الوالد أكثر عفوية، وأكثر ثقة، أو لنقل ما يشمل الصفتين؛ أكثر سأم، يبدو أنه يعرف الحياة أو مل من هذه الأشياء الجديدة، كالعشاء مع سعودي. مع كل هذا، استمتعنا، وتحدثنا كثيراً، وسألوني وسألتهم عن الأمور.

حينما انتهينا، خرجنا إلى شخص آخر في مكان قريب، لنأخذ بعض الأغراض منه، ولنرى سيارته التي ينوي الدكتور شرائها. كان الشخص الآخر كندي من أصل باكستاني، خرج لنا، وبدا جافاً، لم أره من قريب، ولكن هكذا بدا من بعيد، وظل يحملق بي بطريقة غريبة، هل كان يفكر بما جلبني إلى هنا؟ بدا شكله أيضاً غريباً نوعاً ما. كان أبيضاً أكثر من المعتاد للباكستانيين، أو لنقل بياض ليس من نوعية بياضهم، وبدا جسيماً كالغرب، ليس جسيماً كالباكستانيين. حملنا الأغراض ومضينا.

عند المنزل أنزلنا الأغراض الصغيرة، ووقف أمامي الوالد، ومد يديه وأمسك بوجهي. استغربت، اقترب فظننت أنه سيقبلني، لكنهم لا يقبلون مثلنا، ففهمت بأنه سيقبل جبهتي، فثنيته، وقبلت جبهته. هذا تقليد جديد لم أره منهم من قبل، ولست أدري كيف يختلفون إلى هذا الحد، فمن المستحيل لكبير أن يقبل رأس صغير لدينا، إنما العكس هو المنطقي.


 

لا يبدو أن الدعوات توقفت، فوجئت بشخص جديد، بريطاني، أصله مصري، ولكنه لا يتحدث العربية. كنت أقوم بالعمل الروتيني له، ولم يحدث أن تكلمنا باسهاب خلال الأمر، وأنا أعمل على ترجمة أوراق توظيفه. هو ملتزم كذلك. حينما فرغنا، وودعني ليذهب، عاد بعد قليل ليسأل عن شيء آخر. أخبرته. قال بأني كنت عون كبير، ويود لو دعاني للعشاء قريباً. ابتسمت وشكرته، ولكنه أبدى جديته، واقترح ستيك هاوس!!. لم أفهم سرعة الأمر، لكنه يبدو طيباً. والآن، لدي كذلك دعوة من دكتور آخر، حدد لها الأحد القادم. لست أدري لماذا صارت الدعوات كثيرة مؤخراً، حيث أني عملت بالجامعة منذ فترة، ولكن منذ أن عدت من الوزارة صارت الدعوات كثيرة، من الناس الجدد على وجه الخصوص.

 

ألا يساوركم الندم أحياناً على المبالغة في ردة الفعل؟ قد يكون للمرء الحق في أن يغضب، ولكن، المبالغة بالغضب غالباً ما تكون أسوأ من الفعل الذي سببها. لم يحدث لي هذا منذ زمن بعيد، ولكنه حدث. في بداية دراستي في الجامعة، غضبت من شخص في منتدى وصف محادثتي مع صديق بأنها سخيفة كمسلسل مكسيكي، فرددت بأن النظر إلى مسلسل مكسيكي من ألف حلقة خير من قراءة سطر واحد له أو شيء من هذا القبيل. استمر السجال، ولكني لا زلت أندم على رد فعلي الشديد والطويل. كم كنت أحمقاً.











قبل اسبوع، رد مدير الجامعة، د. العثمان، على شكاوى القاطنين إلى جوار الجامعة رد غريب. الأمر هو أن بعض أصحاب البيوت إلى جوار مشروع بنائي جديد للجامعة، يحتوي على أداة خلط اسمنت ضخمة، قد اشتكوا للمدير من تلوث الجو المحيط بالغبار الكثيف. ويمكن رؤية هذا دائما عند بيوتهم. وشكواهم مبررة، فالصحة أمر لا يعوض، وقيمة الإنسان أعلى من أي مشروع. ولكن كان رد المدير أن هذا الغبار أطيب من البخور!!. هل لديه مشكلة إذاً أن يستنشقه، أو يبخر به في مكتبه وبيته؟. كم أكره القسوة، وعدم المبالاة بمشاعر الآخرين ومخاوفهم. قد لا يمكنه إيقاف المشروع، ولكن، بدلاً من تجاهل مشاعرهم، والرد بهذه الجلافة التي لا تليق بمدير جامعة، وبدلاً عن التعالي هذا والأنانية، ألم يكن يمكنه الاعتذار والتخفيف من حدة الأمر؟. لو كنت في مكانه، لدعوتهم إلى الجامعة أو زرتهم في منزل أحدهم، وشرحت أهمية الأمر واعتذرت عن الازعاج، وعرضت خدمات المستشفيات الجامعية والمعاملة الخاصة لهم فيها، وكذلك مرافق الجامعة، وإن لم هناك مرافق تستحق الذكر.

طبلت جريدة الجامعة لكلام المدير بطبيعة الحال، وطبل أحدهم بمقال هذا الأسبوع، وكأنما قال المدير خلاصة حكمة الزمان ودرته التي لم يأتي أحد بمثلها. مع الأسف، كلام المدير يمثل الجامعة كلها، ويظهرها بمظهر الجهة القاسية اللا مبالية بالمجتمع الذي يحيط بها، رغم شراكتها المجتمعية المزعومة. لقد استفحل أمر هذا المدير برأيي، وصار يظن أنه يمكنه جرح المواطنين وتجاهلهم، وكأنه أفضل منهم وأعلى. أتساءل على ماذا سيتجرأ في المرة المقبلة؟ في سعيه المحموم للبروز ولفت الانتباه، لا يمكنني تخيل غير الأسوأ.
 

بالمقابل، يوجد مدير جامعة الإمام، الدكتور أباالخيل. بعض الناس، خصوصاً الملتزمين، متحفظين تجاهه، ولديهم وجهة نظرهم ذات الأساس بالتأكيد. ولكني أرى بأنه جيد من جهتي، وفعال. تحفظ المتحفظين تجاهه سببه توجهه إلى توسيع مجالات الجامعة، وهي جامعة إسلامية بالأساس. من وجهة نظرهم أنها يجب أن تركز على العلوم الإسلامية والعربية، كمجال تخصص. ولا أعتقد أن التخصص شيء سيء، على العكس. ولكن بعض التوسع لا يضر، خصوصاً إذا لم يسلب الأصل الإهتمام. فعندما أرى أن المدير أهمل مجال الجامعة الأساسي، سألومه. كذلك، أرى بأن تركيز الجامعة على تطوير العلوم الإسلامية، أو الشق الإسلامي من العلوم، هو شيء رائع ومطلوب، كالتركيز على أبحاث الطب النبوي، وهذا بالإضافة إلى نفعه للبشر له فائدة دعوية كما أتصور. ومن جهة أخرى، يجب الاستعداد لفترة مقبلة، قد لا تكون ملائمة لكل طالبي العلم في الجامعات الأخرى. حيث أنك تضمن على الأقل أنه لن يكون في جامعة الإمام اختلاط، فربما رد الاختلاط أحد الراغبين والراغبات بدراسة أحد العلوم الدنيوية عن الدراسة في جامعة مختلطة أو غير مريحة، فتكون جامعة الإمام ملاذ له أو لها. وبحد علمي، ليس ما ذكرت فقط هو سبب التحفظ، فقد سمعت بأنه للمدير وجهة نظر انتقائية تجاه فكر المعلمين في الجامعة. لست ضد الانتقائية، لكن هل انتقائيته ظالمة؟ هل قلصت فرص أناس جديرين بالعمل بالجامعة؟ لا أدري، ربما هم أدرى، أو ربما مقاييسهم مختلفة عن المطلوب.

 

ظهر الاثنين في مقابلتين منفصلتين قبل شهور في جريدة الشرق الأوسط. شتان بين الأثنين وأسلوبهما. مدير جامعتنا ظهر بدون شماغ، محاولاً الظهور بشكل شاب، وكانت محاولة فاشلة. بدا شكله مثيراً للضيق بحد ذاته. ولكن إن نظرنا إلى مدلولات الأمور، فمن وجهة نظري كان ظهوره بهذا الشكل قرار سيء. إنه يمثل الجامعة، إنه ليس شاعراً، ليس ممثلاً، ليس ثري في مقابلة شخصية. ولكنه ينسى هذا، وأثبت وجهة نظري في المقابلة، التي تقول أنه يمثل نفسه بالمقام الأول، حسب فهمه، أو رغبته. إن إفراطه بالظهور، وتصيد الثناء لنفسه والقبول به، وحجب صورة الجامعة خلفه، لا يدلان على أن مصلحة الجامعة هي الأولى. طبعاً، الله أعلم، لكن هذا ما أتصوره.

كانت مقابلة مدير جامعة الإمام معبرة عن مدير واثق رصين لجامعة واثقة رصينة. كانت ردوده قوية وسديدة، وجريئة تجاه أحد الأسئلة. تذكرت وأنا أقرأ مقابلة مدير جامعتنا، حينما سألوه عن موقف محرج أو مضحك مر به، فأعطاهم موقف ثقيل ظله، يظهره بمظهر البطل بالنهاية.

 


منذ أن كنت صغيراً وأنا أتساءل عن نور الوجه. أشعر بأني أعرفه، وأعتقد أني أراه على وجوه بعض الناس، لكن، ما هو بالضبط؟ هل هو الشعور بالراحة تجاه شخص معين للشعور بطاعته لله؟ أم أنها طلاقة الوجه المقترنة بحسن الخلق؟. كنت أتحدث كالعادة مع زميلي العزيز الملتزم الكبير. قال بأن وجهي له نور، مما استرعى انتباهي، أضاف بأن بعض الناس يبدو النور على وجوههم حتى لو قاموا بطاعات قليلة، عكس الآخرين. ابتسمت، وأخبرته بأن أشخاص هندوسيين أخبروني قبل فترة بسيطة بأن وجهي منير، وكان هذا مفاجئاً. ما فكرتهم عن نور الوجه؟ كما أن المسلم لا أتصور أن بإمكانه أن يرى نوراً في وجه غير مسلم، فالنور مقترن بمرضاة الله. شكرتهم بطبيعة الحال. أعتقد بأنها ربما كلمة تقال عندهم للمجاملة، قد يكونوا متأثرين بالمسلمين فيما يخص المفهوم.

 
 

بذكر الهندوس أعلاه، لنا فكرة وتجارب واضحة مع النصارى، وهم أول الكفار الذين قد يخطرون على بالنا، لكن الهندوس؟ إن صورة النصارى ليست بسوء صورة الهندوس، رغم أنهم برأيي أخطر من الهندوس. ربما أشعل كراهيتنا لهم مجموعة أحداث أليمة، كإحراق المسجد البابري، وتلك الاصطدامات مع مسلمي الهند، هذا بالإضافة إلى غرابة دينهم، وسذاجته من منظور الأديان السماوية. قرأت عن ديانتهم، ووجدتها، ككل دين أتصوره، تحض على الفضيلة والشرف والطيبة، ولكن الممارسات والأفكار الوثنية صعبة الفهم. أعتقد بأن لديهم فكرة عن الله، أو كان لهم في وقت ما. سمعنا الكثير من السوء عنهم، ووصموا دوماً بالقذارة، والحقد وحب أذية الغير. لم اتعامل معهم قبل عملي في الجامعة. كان أول هندوسي أتعامل معه باحث هندي اسمه سبود. وهو يبدو من طرفه على بعض التحفظ والخوف، ولكنه بعد فترة من قدومه بدا عليه الارتياح. وجدته إنسان ودود ولطيف، لا يكثر من الكلام، ويقدر المجهود، ويقدر ظروف العمل. كان لأصدقائي الهنود المسلمين تحفظ حين ذكره، ولم يبدو أن له صداقات من بينهم، رغم أني رأيت علاقات أطيب بين الهنود المسلمين والهندوس الأكبر سناً لدينا بالجامعة. يبدو أن الأمر يتجه للأسوأ لديهم بالنسبة للأجيال الحديثة.




تعرضت اليوم إلى حادث سيارة. اليوم هو الأربعاء، وقد تعرضت له بالصباح، وأنا ذاهب إلى العمل. كنت أمشي بوسط الحي حينما وصلت إلى شارع كبير، يفصل حيناً عما يسميه البعض حي الدكاترة. فوجئت بسائق يعكس السير مسرعاً، ورغم أني أشعر بأني لاحظته بوقت كافي، وحسبت للحظات أنه يوجد أمل في أن لا أرتطم به، إلا أني ارتطمت، وخطر ببالي مباشرة نسياني لربط حزام الأمان، إذ ارتطم رأسي بالزجاجة الأمامية. سبحان الله، حينما نسيت الحزام... شعرت بصدمة بالبداية، وأمسكت رأسي غير قادر على التفكير أو استيعاب ما جرى تماماً، ولكن ما استوعبته فقط أن هذه اللحظات طبيعية، وانتظرت الافاقة منها بوعي (!!) وذلك بسبب خبرتي بالتعرض لحوادث السير. تحسست مكان الارتطام برأسي، ولم أجد دماً. جيد. جاء السائق يسلم علي ويطمئن، ابتسمت له حتى لا أخيفه، لم يكن هناك الكثير ليقال، فقد كان خطأه واضحاً. اتصلت بمديري بالعمل لأخبره بأني سأتأخر. ثم بوالدي لأخبره بما جرى، فقد يمر عرضاً ويرى الأمر ولا يفهم، وهو كبير بالسن الآن ويجب أن تكون الأمور واضحة وبهدوء. ثم اتصلت بالمرور، الذي أعطاني رقم شركة نجم، وهذا نظام جديد يسار عليه في بعض الحالات على ما أفهم. اتصلت بنجم وردت علي فتاة، أخبرتها بالأمر وأرسلت إلى موظف ليقيم الحادث. شعرت ببعض القلق، رغم علمي بأن الخطأ على الآخر بالتأكيد، ولكني قلقت لانتهاء استمارة سيارتي، وماذا لو ظلمني الموظف ووضع علي نسبة خطأ؟ فتأميني لم أجدده من زمن بعيد... يا سبحان الله، والله إني مؤخراً كل يوم أتذكر الأمر وأخبر نفسي بأني يجب أن أستعجل، أشعر بأني سأمر بحادث. توقفت سيارة دفع رباعي، وذهب السائق ليحدث صاحبها، وأعطاه أوراقاً. علمت أنه كفيله، ولكن، لماذا لم ينزل ليسلم، ليحمد الله على السلامة كما تقتضي اللباقة وحسن الأدب؟ لم يسلم حتى من بعيد، فكرت: أيا الخثقه. جاء موظف الشركة، وقد كان شاب سعودي أنيق وحسن المظهر، وعملي كذلك. سأل بضعة أسئلة وقيم الأمر وأخذ صور للحادث، وجاء كفيل السائق، وصافحه، وصافحني، شعرت بأن يده الكبيرة أشبه بالعجين، شيء غريب. حينما ابتعدت، حيث كنت أعود إلى سيارتي لأضع علبة مشروب باردة على جانب جبهتي، جاء كفيل السائق وتجادل مع الموظف. لم أقترب. بعد وقت طويل ابتعد وركب سيارته ومضى. أخبرني الموظف الشاب أن الرجل غاضب جداً. سألت إن كان يطلب أن أتحمل الحادث؟ صمت الرجل. فكرت بأن الأمر ربما هكذا، ربما أراد أن أتحمل 10 أو 20%. أخذت مظروف من الرجل، وانتظرت المرور الآن. انتظرنا، وجاء السائق إلي، وقد كنت آكل من الشوكولاته التي معي، فأعطيته واحدة، رفض بخجل، ولكني أصريت فأخذها. لم يطل الآمر حتى جاء المرور وأخذه، وعدت إلى المنزل بسيارتي، حيث وجدت أمي قلقة، إذ أخبرها أخي كاذباً بأن الدم نزل من رأسي، وطلبت أن ترى الدم! أخبرتها بأنه لم ينزل دم! تعوذت من الكذب وأخي يضحك، ثم سألت بقلق إن كن النساء قد أصبن بمكروه؟ قلت لم يكن معه نساء! تعوذت من الكذب مرة أخرى وأخي يضحك. على أي حال، نظرت إلى جبهتي وتساءلت لماذا لم يضعوا عليها شيئاً؟ قلت من؟ قالت المرور!! ضحكنا أنا وأخي، تخيل رجال المرور الأجلاف يتعاملون بهذه الرقة. 


هذه صور في موقع الحادث لسيارتي:









في الصورة الأخيرة مؤخرة السيارة، لم يصبها شيء، لكنها جميلة حقاً.






لم يظهر التعب بوضوح إلا بعد فترة، حيث اصبت بصداع، وغثيان بالعمل، وبدأت ركبتي ورسغي يؤلمانني.


 

الانترنت فاشل هذه الأيام في المنزل، كتبت بعض الأمور، وفوجئت بأنه لم يتم حفظها، أكتب حالياً على جوجل دوكيومنتس، وهو برنامج رائع جداً، يغني عن الوورد أو المايكروسوفت أوفيس ككل. لكن، عمله في حال انفصال الانترنت غير جيد، حيث لم أتمكن من تفعيل هذه الميزة على جهازي. ربما في الجهاز القادم إن شاء الله.


 

ذهبت لتقدير اضرار السيارة. وتركتها بعد ذلك لدى الميكانيكي السوري الذي أثق به. لم أكن مبتئساً، ولكن لا أدري لماذا شعرت بالضيق في ورشته، رغم أنه استقبلني جيداً. استدعى لي السمكري، وفهمت أنه فاصله، وقال بأن آخر ما وافق عليه هو ألف ومئتين، ثم ألف ومئة. وقال بأنه أمامي الآن، وبوسعي مفاصلته. لم يكن بي جهد للمفاصلة، ولا أدري ما أقول. حككت رأسي وسألت السمكري الباكستاني، هل يمكنك أن تخفض أكثر؟ أنزل مئة ريال. انتهينا هكذا. ذهبت لاحقاً إلى الوكالة، وسألت عن القطع المطلوبة، علمت بأن المبلغ المقدر لن يغطي الإصلاحات، وأني سأدفع من جيبي حتى لو استلمت المبلغ كاملاً. وكلت أمري لله، فأنا كنت قد قررت مسبقاً بأن لا آخذ المبلغ كاملاً من الرجل. اتصل الرجل في اليوم التالي، وسألني عن التقدير، أخبرته، قال بأنه على استعداد أن يدخل سيارتي مع سيارته بنفس الورشة ويصلحها هناك على حسابه، لأنه يعتقد بأنهم يبالغون بتقديراتهم! وبين بأنه يصلح سيارته بورشة جيدة، فهي موديل 2008. أو، استدرك، يمكنني أن أقوم بما اقترح أمس، يقصد أن أخصم من المبلغ المطلوب. ثم عاد ليتكلم عن إدخاله سيارتي مع سيارته ويحاول إقناعي، ولم أخبره بأن المبلغ المقدر أصلاً لا يكفي للإصلاح، لماذا أكثر الكلام؟ قلت له ما يصير الا خير إن شاء الله. طلب مني أن افكر وأخبره. لم أتشجع لموضوع إصلاحه لسيارتي وإشارفه على الأمر، ولكني سألت أخي على أي حال. وافقني. أعتقد بأني سأخصم فقط من البلغ، وأنهي الأمر. قال لي اليوم أحد الزملاء بأن لا أخصم، فهو، أي الخصم، جنوبي، وعلى الأغلب أنه عسكري ويملك المال. فكرة مضحكة، ولكن لا يهمني لو كان الراجحي، إني لا أخصم لأنه فقير، فمن الواضح أنه مقتدر، إني أخصم لأجل نفسي، وحيث أنه طلب ذلك، وهو جار في نفس الحي بالنهاية. 









ماذا بوسع المرء أن يقول، وهو يشعر، أو شعر أخيراً، بأنه مسير أكثر مما هو مخير، من جهة. اخترنا الإيمان، وآمنا بالله ورسوله، ولكن، ما بالي أشعر بأن الاختيار انتهى هنا؟. وكأنما يسير معي شخص، بموازاتي، حتى إذا رأيت درباً مختلف، أو باباً مفتوحاً، سبقني ووقف في دربي، ولم يعد لي خيار إلا أن أتابع. هل هو القدر؟
ما هذه السخافة...

 

أعتقد بأني أطلت كثيراً هذه المرة دون نشر، يعود هذا إلى الأحداث الأخيرة، وسوء أحوال جهازي بالمنزل. أخذته قبل أمس إلى محل الإصلاح في حينا، وهو محل شهير وممتاز، تفحصوه، وأصلحوا بعض العلل، وصار أسرع بكثير، صار ممتازاً بقدر ما يمكن إصلاحه، لا يشمل هذا البطارية، ولهذا لا أستطيع أخذه للعمل خارج المنزل. ولكن، اخترت الآن الاحتفاظ به وعدم شراء جديد، إلا حينما تنزل الأجهزة ذات برنامج تشغيل كروم من قوقل، حيث سأشتري نتبوك، لغرض العمل خارج المنزل، إن شاء الله.

 

يوجد زميلين هنا، لم يكونا موجودين قبل خروجي من الجامعة، ولكني وجدتهما حينما عدت. يبدون اهتماماً بالتعرف علي. كلاهما طيبان، وتربيتهما ممتازة. لست متعاوناً كثيراً بطبيعتي مع الأسف، أو، لم أعد متعاوناً منذ فترة طويلة الآن. مع ذلك، غمراني باهتمامهما، ووجدتهما مريحين. قال أحدهم بأني الوحيد الذي يمكنه التواصل معه، الوحيد الفاهم!. الآخر أصغر سناً، وأكثر خجلاً، يعطيني الكثير من الابتسامات والعبارات اللطيفة. قال الأول ذات مرة، يجب أن نتقابل خارج العمل، هكذا قال. ماذا تحسبون أني فعلت؟ قلت: نعم يجب ذلك. لم أدفع الأمور أكثر كما يقتضي التهذيب. شعرت أني غبي. لم يحدث هذا إلا بعد عدة أيام. وبعدها بقليل جاء الآخر، الأصغر سناً، وطلب رقمي. اتفقنا ان نلتقي مساء الاربعاء الفائت، اليوم الذي تعرضت فيه لحادث السيارة. اتفقنا على اللقاء في كوفي شوب، على النمط التقليدي، حيث تقدم القهوة العربية. حينما وصلت المقهى، دخلت من الباب الزجاجي وإذا برجل غريب، يجلس على طاولة صغيرة مع أحدهم أمام الباب تماماً وبقربه، يقف، ويمد يده لمصافحتي. بدا شكله شديد الغرابة. سألني إن كنت سعد الحوشان؟ قلت بأني هو. وسألته من يكون؟ رد بسؤالي عن المتوسطة التي درست بها؟ قلت: ابن الحاجب. قال: هل تتذكر بدر؟ شعرت بأن الدم يندفع منعشاً إلى رأسي الجامد، وضحكت مباشرة. تكلمنا وتسائلنا عن أحوال بعضنا، قلت بأنه تغير كثيراً، وهو بالفعل، شكله لا يمت بصلة إلى شكله في المتوسطة. قال بأني عكسه، فلم أتغير مطلقاً، إذ عرفني منذ أن رآني مقبل من خارج المقهى، لم يتغير بي سوى أنه نمى لي شعر في وجهي!! ضحكنا. بدا أنه حقق نجاح جيد في حياته ما شاء الله. ذهبت إلى زملائي. ثم خرجنا إلى مطعم، لم يكن سيئاً ولا جيداً، ولكن هناك، اكتشفت بأنهم، أي زملائي، يتعاملون بالدفع على الطريقة الامريكية. أي أن يدفع كل شخص عن طعامه. هذه طريقة لا أؤيدها، لأنها تتعارض مع عاداتنا، وتظهرنا بمظهر أناني. ليس أني أعتقد بأنه على شخص واحد أن يتحمل كل المصاريف، مع أن هذا ما كان يجري بيني وبين أصدقائي، ولكن أضعف الأيمان برأيي هو العمل بمبدأ معروف لدينا، وهو أن يدفع كل شخص ما يقدر عليه. لماذا أقول هذا؟ لأنه بهذه الطريقة الكل سيأكل ما يعجبه، أو يكفيه مجمل المال، ولن يختلف ما يأكله شخص عن آخر في المجموعة، أما على الطريقة الأمريكية، فقد لا يملك أحدهم المال الكافي، هل يطلب ماء وخبزه مثلاً لأن هذا ما معه اليوم؟ بينما، الآخرين يأكلون أنواع مختلفة من الأطباق؟ أو هل يطلب ساندويتش بـ10 أو 15 ريالاً، بينما الآخرين يطلبون ستيك بضعف أو أكثر من صعف السعر؟ أليس من الأجدر مثلاً أن يأكل الجميع شيء بالمتوسط؟ أن يأكل جميع الأصدقاء أو الجلساء أكل متماثل من حيث القيمة؟ لكني عموماً لم أقل شيء من هذا، فتلك هي أول مرة أخرج معهم، ولكني كنت دائماً أعبر عن رفضي لهذه الطريقة الدخيلة، والجشعة، لمن يتكلم عنها.

ولكن بكل الأحوال، استمتعت بمجالستهم إلى حد جيد. والخروج مع ناس بهذا الشكل لم أقم به منذ زمن بعيد.

حينما افترقنا، خطر في بالي بأني استمتعت، ولكن، شعرت بأني لا أدري إن كنت أريد أن أكرر الأمر قريباً، لماذا؟ فقد كانوا ممتعين ولطفاء، ولكن، العلة بي أنا. أعتقد بأني اعتدت على الوحدة. أعتقد أني اعتدت على الخروج لوحدي، والأكل لوحدي، والقيادة لوحدي. حتى حينما كان لدي أصدقاء حقيقيون، بمفهوم هؤلاء الزملاء، لم أكن أراهم إلا فيما ندر، تمر شهور أحياناً دون أن أراهم، لتقصيرهم على وجه العموم، ربما باستثناء فراس، لكن لتقصير الآخرين وأنانيتهم، ولكني اعتدت في ذلك الوقت.

لكن رغم كل شيء، أرى بأن ما يجري لي هو مثل المعدة التي اعتادت على قلة الطعام، وصارت تأنف كثيره، حتى تتعود من جديد.

 

فاجئني أحد هذين الزميلين أمس، وهو الصغير الخجول، إذ اتصل وقال بأن لديه بطاقات دعوة لمعرض السيارات الفاخرة في فندق الفور سيزنس، وهو معرض لأول مرة أسمع عنه. قال بأنه يود لو ذهبنا معاً. بعدما انتهيت من أمر دفع ثمن قطع الغيار للوكالة اللصوصية عبداللطيف جميل، عدت إلى المنزل ولبست غترة وخرجت للقاءه قرب برج المملكة، حيث الفندق. لم أشعر باهتمام كبير لأن اهتمامي بالسيارات محدود ومحصور بمواصفات معينة، ولكن، قدرت اهتمامه كثيراً. ومن الجيد أني ذهبت، إذ استمتعت جداً. هناك، توجد الماركات المعروفة، التي لا تثير اهتمامي، مرسيدس، بي إم دبليو، رولز رويس، كاديلاك، رينج روفر، والكريهة لكزوس، وغيرها. ولكن، يوجد سيارات فاخرة، من ماركات مجهولة هنا، بعضها تصنع يدوياً، وأشكال بعضها تعبير واضح عن الفن، وقد فوجئت بأن بعضها يوافق ذوقي بشكل مذهل، رغم أن الكثيرين اعتبروها غريبة إلى حد غير مقبول. تحجج زميلي بأن قيادة هذه السيارات مستحيلة في شوارعنا، فضلاً عن أن الواحدة بملايين الريالات. أخبرته بأن الأمر لا يتعلق بشرائنا لهذه السيارات، أو قيادتها هنا، إني أجد نفسي هنا أستمتع بتقدير هذه السيارات كفن وهندسة وميكانيكا، أقدر جمالها وذوق صانعيها، واختلافها المطلق عن أي شيء معروف، ولا علاقة للأمر بالنسبة لي بامتلاك هذه السيارات، أو عمليتها في شوارعنا، أخبرته بأني أجد الأمر كمعرض للفن بالمقام الأول. مع ذلك، وللأسف، كان الناس مهملين تجاه هذه السيارات الفنية الرائعة، كان يطلعون عليها بلا مبالاة كبيرة، وبسرعة، وأحياناً باستهتار، ويمضون إلى سيارات مألوفة، يمكنهم رؤيتها في أي معرض، لا فن حقيقي فيها فيما يخص الرفاهية الكلاسيكية والقوة المستمدة من اللمسات الإنسانية والحضور المميز. لم أستطع تفسير رد فعل الناس، ولا حتى قلة اهتمام زميلي النسبية ومحاولته جرنا إلى مرسيدس ورينج روفر، وقد أحزنني الموقف بعض الشيء، أعني موقف غالبية الناس بشكل عام. ما المميز بجعل كل شيء إلكتروني في السيارة؟ ما المميز بملئها بأزرار تتحكم بالتكييف والستائر؟ أو شاشة منزلقة؟ ثم ماذا؟ من هذا الاتجاه، يمكنك توقع التوصل إلى أي شيء، فالإلكترونيات في تطور لا هوادة فيه، لكن، ماذا عن اللمسات الإنسانية؟ ماذا عن، إدماج قائد السيارة، مع السيارة، بدلاً عن تركه مجرد مرفه بالداخل، تحت رعاية السيارة؟ استغرب زميلي اهتمامي الزائد بتلك السيارات الفنية، وتدقيقي على الشكل الخارجي وبنيته، والتصاميم الدخلية. ولم يبد عليه الاهتمام والفهم لوجهة نظري حينما رأى أني ذهلت وأعجبت بشدة بوجود أحزمة جلدية على سطح سيارة إيطالية. قدرت أن الأمر هامشي ربما وأنا لا أعلم. 

وقفنا أمام سيارة، لم يوجد مقبض لفتحها، فجاء شاب سعودي، علمت لاحقاً بأنه مدير التسويق بالوكالة، كان مثلي، لا يعرف كيف يسفط الغترة جيداً، وطلب منا أن نخمن كيف تفتح السيارة؟ ابتسمت وقلت: يمكن ما تفتح الا لعيال النعمة. ضحك زميلي، ولكن الرجل أخذ على حين غرة، علق تعليق لا معنى له بالبداية، ولكنه قال بسرعة: لا وش دعوى، انتم ما ناقصكم شي. شكرناه، وفتح لنا السيارة بطريقة غريبة.

كانت هناك سيارات تجمع باليد، ألمانية، اسمها ويزمان، وشعارها وزغ فضي. بالبداية، بدى الشعار مضحكاً لي، ولكن في وقت لاحق، وجدت نفسي مفتون به!! شكله بديع، وهو غير مقرف كالوزغ الحقيقي، لكنه له وقفة إبداعية على جسم السيارة. هاهو:

 

كان أكثر العارضين لهذه السيارات رجال لبنانيون. كان من الواضح أن لا رجاء في شرائنا لشيء، ولكنهم كانوا غاية بالتهذيب، ولم يتجاهلونا بأي شكل. أحدهم أعطانا كروته الشخصية حتى!!. وجدته ينظر إلي مبتسماً حينما لاحظ الأماكن التي أتفحصها بالسيارة، دون اهتمام كبير بركوبها. لاحظت أن الآخرين ينظرون إلى أشياء مختلفة عما أبحث عنه في هذه السيارات، وبالواقع، أعترف بأني أساساً غير خبير بالسيارات، وربما من هذا المنطلق كنت أتفحص الأماكن غير المهمة بنظر الآخرين، غرضي فني.

  

ذهبنا للسيارات التي يريد زميلي، وركبنا بها. أخبرته بأن هذه السيارات لا تثير اهتمامي، بغض النظر عن السيارات الفنية الأخرى، كنت أتكلم عن الاستخدام الفعلي هذه المرة. أخبرته بأن المرسيدس والرينج روفر ليست من النوع الذي أشعر بأنه يلائمني، شرحت له أني أحب الطابع الأوروبي للسيارات، لكن، ليست كل السيارات الأوروبية لها الطابع الذي أبحث عنه، هذا الطابع أجده فقط في السيارات الفرنسية والإيطالية والاسبانية. أخبرته بأني أحب رينو، أحب بساطتها واللمسات اللطيفة والإنسانية فيها. قال بأنه يعلم بأني أختار أشياء مختلفة، قالها بطريقة أضحكتني، حيث حسبته يسخر مازحاً، ولكنه أضاف بجدية بأنه يعتقد بأني مختلف عن الجميع هنا، خياراتي وآرائي مختلفة عن الآخرين، وأضاف؛ ما شاء الله.
لا أدري كيف توصل إلى هذا الانطباع، إختلافي عن المجتمع، فلا أتصور بأنه يعرفني جيداً. لكن، حينما قال هذا داهمتني ذكرى. تذكرت زميل لي في أول مستوى للجامعة، حينما كنت شهيراً على مستوى القاعة بالظرف وخفة الدم (تخيلوا!!). كنت أمشي معه وعلقت تعليقاً مضحكاً، ونحن خروج من القاعة، ضحك وقال بأني مختلف. استغربت التعبير، فالكثير من الذين حولنا كانوا يلقون النكات، سألته كيف؟ قال أنه لا يدري، لكنه يعتقد بأني مختلف عنهم جميعاً. لم أره بعد ذلك المستوى، وقد احترت كثيراً حول اختفائه. كان اسمه محمد، أتذكر شكله جيداً، أتذكر أنه من الجنوب، لكني فكرت كثيراً بما انتهى عليه أمره، ولم أعلم.

هذه صور لبعض السيارات التي اعجبني تصميمها:



هذه السيارة الرمادية أجمل باللون الأبيض والحدود الحمراء بالصورة المعروضة



القير هنا مرتبط بماسورة ظاهرة فضية مثل لونه، تدخل مباشرة بالمكينة، ابتكار جميل ويبدو كلاسيكي بنفس الوقت، ويعطي شعور بالتحكم والاندماج برأيي







قبل أيام، وبينما كنت أعمل واقفاً، اشرح لأحدهم إجراء ما، مر طبيب حجازي، كان قد وجه إلي إهانات قاسية وغير مبررة في مقابلة شخصية، أثارت استغراب الدكتور الآخر في المقابلة، الذي بدا أنه يفضلني ويعجبه أدائي. كان قد اختفى منذ فترة، أعرف هذا لأني أعرف أين تقف سيارته بين سيارات الأطباء، فهو المختص بزراعة الكبد في المستشفى الجامعي، وكنت أرى سيارته كلما ذهبت إلى المستشفى من عملي لأي سبب، وما أكثر ما أذهب، واحياناً، كنت أراه، ويراني، ويصد سريعاً عني، مع أني لا أعتقد أنه يتذكرني. حينما رأيته قبل أيام، وجدته يعرج بشدة، ليس العرج الذي يحدث نتيجة ألم عابر أو مشكلة بسيطة. تسائلت عما جرى له؟ كان مشيه مثير لانتباه الناس لشدة عرجه. لم أكن لأتسائل كثيراً لو لم يوجه إلي إهانة جعلت حضوره بالنسبة لي شديد الوضوح، لكن، حتى لو لم أعرفه من قبل، لشدتني طريقته بالمشي.






اليوم، ذهبت وأختي لحل مشكلة في شيء اشتريناه قبل فترة، أو لأكون دقيقاً، مشكلة في شيء جاء كهدية مع بضاعة اشتريناها. كانت الهدية عبارة عن لوحة عرض للبروجيكتر الذي اشترته أختي. اشتريناه من اليكترو في طريق الملك عبدالله قبل اسبوع. وبعد يومين أو ثلاثة اكتشفت اختي أن اللوحة التي جائت هدية مكسورة. أعادتها لهم، وقالوا لها خدمة العملاء بأن الأمر بسيط، ووجهوها إلى المسئول عن القسم الذي اشترينا منه. كذب ذلك الشخص على أختي، وقال بأن المهلة التي يهتمون فيها بالبضاعة انتهت، وتظاهر بأنه اتصل بوكيل اللوحة، وقال لها أن تذهب إليه. ذهبنا اليوم أنا وأختي إلى الوكيل، وبعد جهد جهيد وصلنا إليه، وهناك، أخبرونا بأنهم ليسو وكلاء اللوحة!! عدنا إلى الكترو. شرحت الحكاية لخدمة العملاء، ووجهوني إلى مقابلة المدير، الذي وصفوه بالمتفهم والطيب. دخلنا مكتب المدير، وكان هناك شخصين لا أدري أيهم المدير، يجلس على المكتب فلبيني، بينما يجلس أمامه سوري بدين في أواسط العمر. دعانا السوري للجلوس بلطف. جلسنا وشرحت له الأمر. شاور الفلبيني، ثم أخبرني بأن آخذاللوحة إلى قسم الصيانة، وسيقابلني هو هناك. أتيت باللوحة، التي حملها صعب ومجهد لضخامتها وثقلها. عند الصيانة، انتظرنا لوقت طويل دون أن يظهر. بينما بدى أن الموظفين يحاولون إحباطنا، والإشارة إلى أن الوقت تأخر على اهتمامهم بالأمر، حيث انقضت المهلة أمس. أخبرتهم بأنهم هم من ضيع وقتنا وهم من يتحمل المشكلة. ذهبت أبحث عن المدير، في المكتب، في خدم العملاء، لم أجده. مللنا الانتظار. أخيراً رأيته صدفة، وذهبت إليه. أخبرته بأننا انتظرناه مطولاً، وضاع الوقت. سأل لماذا لم أناده؟ أخبرته بأنه قال بأنه سيأتي بنفسه. أنكر (سوري...) وقال بأنه كان بالمكتب، أخبرته بأني بحثت عنه هناك مع ذلك ولم أجده! تورط وشعر بالإحراج، وطلب ما يطلبه العرب الأجانب دائما، أن لا أرفع صوتي، فهو يريد خدمتي!! أخبرته بأني لم أرفع صوتي، ولكني لا أسمح له بإلقاء اللوم علي لأنه تأخر!. قال متشكياً بأنه يعامل الناس بكل طيبة ولكن الناس "ينطون عليه". كان يبرر قلة حرفيته بالعمل واستهتارة بأنه مؤدب، فإذا كان مؤدباً لا يجب عليه أن يعمل جيداً، وبالواقع، ليست هذه فكرته وحده، يوجد الكثير من الناس الذين يعتقدون هذا، هل هم أغبياء؟ أي، هل لا يستطيعون القيام بشيئين بنفس الوقت؟ أن يكونون مهذبين وفعالين في عملهم بنفس الوقت؟؟ أخبرته بأني لم أنط عليه، ولكنهم أضاعوا وقتنا منذ أيام بما فيه الكفاية، وأنا من الأساس لم أرفع صوتي. استفزه اصراري على نقطتي، وبان الطبع السوري على أصوله، حينما قال بأنه سيبدلها لي، ولكنه يريدني أن أثبت له بأنها انكسرت من عندهم! وأوضح بأنه يمكنه أن يفعل هذا معي! قلت بتوتر وغضب: أجل كل هالتأخير واللف والدوران عشان توصل لهذي النقطة من البداية؟ فوجئ بردي، وأوضح بأنه يريد فقط أن يخبرني بأنه يستطيع أن يفعل هذا! وأنه سيستبدلها. بدا متوتراً جداً، أجبت بغضب لم أستطع كبته: يعني بس تبي تتمنن؟؟ تبي تتمنن علينا بحقنا؟ فقلب وجهه إلى الجهة الأخرى وهو يرى الأمور تسير من سيء لأسوء، بفضل غبائه ورغبته بالانتصار لنفسه، رغم أنه هو المخطئ. دفعت علبة اللوحة بيدي على طاولتهم، وقلت: خلوها لكم! ما نبيها أصلاً!. مضيت فذكرني موظف مصري يقف معنا بفاتورتي، فمددت يدي إليه لآخذها، ولكنه أبعد يده وطالبني بالبقاء، وقال بأنه يريد أن يرضيني، فمددت يدي بقوة وبجلافة، وخطفت الفاتورة من يده بعصبية لم أستطع السيطرة عليها، إذ استفزني ابعاده الفاتورة عن يدي، وقلت: لا ترضيني! وأخبرتهم بأن الأمر لن ينتهي هنا. ومضيت. قبل خروجي ذهبت إلى المدير الفلبيني، وأخبرته بأن سوء المعاملة الذي تعرضت له لن يمر مرور الكرام. حاول الاستفسار أكثر ولكني مضيت، لم يلحق بي، رأيته وأنا خارج يحادث أحدهم لا أعتقد بأن له علاقة بالموضوع. حينما خرجنا لحقنا الموظف المصري جرياً، ونادانا. قال بوضوح بأنه سيستبدلها لي، وأنه يعتذر عن المعاملة. دخلنا، ووجدنا الموظف الذي كذب على أختي وابنها، وكلمه المصري، وكذب مرة أخرى! يبدو أنه يمني. قال الموظف المصري أن ذلك الموظف هو من سيتحمل تكاليف القطعة. جر العلبة حتى باب المعرض لنا ونادى عامل ليحملها، واعتذر. قلت له: قل لمديرك الدب أنه ما يقدر ياخذ الناس بالمنة! هذا حقنا ولا له منه بشيء. بدا أنه سيضحك لجزء من لثانية على قولي: الدب. ولكنه كرر اعتذاره. وشكرته أختي على حسن تعامله، وخرجنا.

لن أشتري من محلهم أي شيء بعد الآن. حتى لو حصلت على حقي بالنهاية، المهم، كيف حصلت عليه؟ لم يذخروا وسعاً بإهانة كرامتنا أصحاب إلكترو، ولن أنسى أنهم متلاعبين وكذابين، فغيري لن يكون بقوتي بالتأكيد، يمكنني تخيل ضعف أختي لو لم أكن موجوداً، وضعف من قد تكون أختي، ومن قد يكون ابنها، أو صديق غير قوي.

إن التعامل مع إكسترا يبدو لي آمن، وأكثر احتراماً، فقد استبدلت من عندهم أمور من قبل، ولم يجري إلا التعامل الحسن والسريع. أما إلكترو، فمنذ البداية يبدو أقل حرفية، والآن، أقل أمانة وأدب حتى.





كنت قد تكلمت عن مدونة مشوقة في وقت قديم، تكتبها فتاة، والمدونة مستضافة في موقع جامعة الملك سعود، حيث أعمل. المدونة بمجملها تناقش أمور فكرية واجتماعية بطريقة ساخرة. ورغم استمتاعي بها بالبداية، وردي عليها بضع مرات، إلا أني وجدت بيئتها بالنهاية غير مناسبة لي، فهي متحيزة، كمواضيع ومتابعين(أو متابعات على الأصح) على وجه العموم، ضد الرجال، وحادة وعمياء في طرح وجهات النظر والتعاطي معها، خصوصاً من متابعة بغيضة هناك، أما الكاتبة، فهي متحيزة بلا خجل من الأمر، رغم أنها مؤدبة وذكية. ويبدو أن الدين ليس هماً كبيراً، ولا أقصد أن يكون الدين هماً لكل مدونة، ولكني شخصياً أجده علامة مريحة. لست أحب المدونات التي تركز كل اهتمامها على الأمور الدينية، فبعض المواقع تفي بالغرض، لكني أحب أن ارى اهتمام المدون بدينه، ولو عرضاً. ورغم أن الكاتبة تبدو عليها الطيبة عموماً، إلا أنه يبدو أنها تجد القسوة أمراً مبرراً تجاه الناس الذين يختلفون عنها بالتوجهات الفكرية، وهذا أمر يحزنني، ولم أجد أنه يمكنني إقناعها أو اقناع الناس هناك بخطأ الأمر بسبب اندفاعهم. كما أنها قاسية بسخريتها، قاسية بانتقادها، جداً، رغم لطفها تجاه من يرد في المدونة حتى لو خالفها الرأي، ولكن حينما تكون لطيفة تجاهك لأنك إنسان ماثل، تكون قاسية تجاه مرايا لأشخاص تتعاطف معهم ولو لم توافقهم تماماً.
ما أعادني إلى موضوع المدونة، هو رسالة تلقيتها قبل أيام من صاحبتها. مرت شهور طويلة جداً منذ أن قررت الابتعاد عن مدونتها قراءة ورداً. فوجئت بالأمر، إذ توقعت بأني كنت هم انزاح. كانت تقول بأنهم افتقدو ردودي، التي لم تكن كثيرة، وهذا ما جعلني أستغرب، وتتمنى أني بخير. واجهت مشكلة في كيفية الرد عليها، هل أشرح لها ماذا أبعدني؟ لم يبدو هذا صحيحاً، إذ سيكون قاسياً مقابل اهتمامها ولطفها، وعليه، استشرت أختي، فاقترحت أن لا أرد. هذا أيضاً بدا قاسياً، فكيف اهمل اهتمامها، بشخص لا تعرف إلا اسمه الأول، ولا تعرف مدونته؟ وهو أنا، سيكون هذا نذالة من طرفي، فكم تم تجاهلي، وكم شعرت بالحسرة والأسى تجاه الأمر، رغم أنها تبدو أقوى من هذه المشاعر، ولو أهملتها، فبالتأكيد لست بأهمية الناس الذين أهملوني، وعليه لن تتحسر، ولكن تظل قسوة. قررت أن لا آتي على ذكر سبب ابتعادي، إنما أشكرها فقط، وامتدح مدونتها. وهذه قسوة، ولكنها أفضل ما استطعت القيام به، فلست أحب ردود الناس علي بهذه الطريقة. هذا أفضل ما استطعته.



سعد الحوشان
 

هناك 9 تعليقات:

  1. اولا الحمدلله على سلامتك
    السياره تعوض ولكن سلامتك أهم

    ثانيا رغم أن نصوص مدوناتك طويله
    الا أنني استمتع بقرأتها

    احترامي وتقديري

    أمل الحياة

    ردحذف
  2. حديثك عن بريدة الوطن ..يذكرني بحبي للرياض وحنيني المفاجئ لمزارع بريدة رغم أن زياراتي لها لم تتعدى المرتين !
    صديقك وحديثه عن بريده مدفوع بحب البساطةوالمعيشة الهانئة هناك، رغم تطور بريدة لكنها تظل مدينة جمالها في بساطتها ..
    في الشعور بالألف مع كل الناس..الاقتراب من كل السكـان ..يكفيك أن كثير منهم بشكل أو بآخر " يقربون لك " !

    *
    بالمناسبة كيف تجد الطعام ودعوات الطعام مع الأجانب؟ شخصياً لم أجربها ربما لأن لغتي بسيطة قبل فترة حاولت بريطانية التعرف علي فوقفت اللغة
    حاجزاً إضافة إلى الحاجز النفسي .. فبلا شعور شعرت أني لا أحب أن تقترب مني في سلامها .. "كافرة"؟ و"ابنة بلد مُستعمر" ..
    "سحنتها تشعرني بالذل القديم الذي نمضغه" مشاعر متباينة ومتعددة لم أتصور أني أعيشها لكني فوجئت بي !
    *
    لدي تجربة مع إكستـرا متميزة جداً..أوافقك عليها .
    *
    ما ألاحظه أنك متحسس جداً من نظرات الآخرين/كلام الآخرين.. أعتقد أن شيء من التجاهل مهم ومفيد للصحة النفسية ..
    لن تكون علاقاتك بسهولة وأنت تزداد حساسية وإرهافاً للحس ولنظرات الآخرين..أظن أن شيء من المبادرة والفعالية في العلاقات وتجاهل مايسيء
    هو ماينفعك أنت في نهاية المطاف ..

    *
    السيارات في المعرض جميلة ، لطالما تمنيت امتلاك سيارة من الموديلات الكلاسيكية القديمة ،فاخرة تفهم ذوقك وتلبيه !
    *
    استمر في كتابة التدوينات،مكثت عام كامل أكتب دون ردود متواصلة أنت تكتب لنفسك...تطبعها في نهاية المطاف وتكون ذكريات لعامك/سنينك ..

    موفق ..

    ردحذف
  3. الأخت أمل الحياة.
    نورت المدونة.
    الله يسلم عمرك. ننسى أحياناً أن الحياة أهم، ماذا ينسينا؟ الدنيا. أليس شيء غريب؟
    يسرني أنك تستمتعين بما أكتب. لا تحفز مدونتي على القراءة بالنسبة لمعظم الناس، ولكن هذا لا يهمني، لأني أصلاً لا أكتب لكل الناس، إني أخاطب أناس مختلفين عن المعتاد على ما أعتقد.
    وأبارك لك انتقالك إلى بلوجر، سيعجبك إن شاء الله.
    شكراً على تواجدك هنا.

    ردحذف
  4. الأخت آلاء
    أنا زرت بريدة لمرة واحدة، لفترة وجيزة، بضع ساعات. وكانت سفرتي إلى القصيم غرضها الأساسي تلك االزيارة. أنت وزميلي لكما وجهة نظر متشابهة، وأفهم من حديثك أنك من هناك، مثله. لكن الموضوع مختلف بالنسبة إلي، فأنا لست من بريدة، أنا من المذنب إن كنت سمعت عنها. حبي للقصيم ككل، واهتمامي ببريدة بشكل خاص، لا علاقة له بالواقع بقرابات الدم والنسب، فأنا لا أفضل المكوث في المذنب لفترة طويلة بالواقع، رغم أني أحمل القصيم ككل في قلبي، وإن لم أزره إلا نادراً، وغالباً ليوم واحد. أسباب حبي للقصيم ليست بسيطة تماماً على ما أعتقد.

    أعتقد بأن ردة فعلك تجاه البريطانية لم تكن على أفضل ما يمكن، ويمكنني التشدق بالدعوة التي يحسبها معظم الناس أمر سهل، لكني أعتقد بالواقع أن ردة فعلك لم تكن الأفضل حتى بالنسبة لنفسك. برأيي، لا يجب أن نحكم على فرد بحكمنا على أمته كاملة، لا يمكننا أن نلخص تاريخ لأناس كثيرون، ميتين وأحياء، في شخص واحد أمامنا، بذلك، نحن نعطية فكرة عنا كذلك، فالأمر لا يتعلق بنا وحدنا، والتجربة لم تكن تجربتك وحدك آلاء، كانت تجربة تلك البريطانية أيضاً. أسمع كثيراً، وأرى، إهتمام الغربيين وعطفهم بالتعامل على المستوى الشعبي، ومن أكثر الملاحظات الدارجة، حتى صارت سمجة، أنهم يطبقون الإسلام وهم ليسوا مسلمين، ونبدي إعجابنا بالأمر وجلدنا لأنفسنا، أليس من الأسهل أن نطبق إسلامنا تجاههم وتجاه الكل؟ كيف سنطلعهم على الإسلام إذ تجنبناهم لأنهم كافرين؟ قد لا يسلمون، ولكنهم لن ينقلون صورة سيئة بسببنا. كما أن ضميري يتألم حينما أجرح شخص يبدي الإهتمام بي، أو غريب ضعيف ووحيد، حتى لو كان كافراً. ويمكننا تعلم الكثير منهم، وتعليمهم الكثير.
    إذا ظللنا نردد الماضي في كل وقت، سنصبح مريضين بعقدته، لا يجب أن ننسى الماضي، ولكن يجب أن نتذكره بالمكان الصحيح فقط.
    أعتقد بأن هناك شيء غريب في أمري، أجد نفسي أجذب على وجه الخصوص نوعين من الناس، إني أجذب الأجانب غير المعتادين من جهة، والمطاوعة من الجهة الأخرى، كأني أجذب طرفي نقيض. ربما كنت تتمتعين بنفس الموهبة؟ هذه فرصة جيدة، للتعلم والتعليم، ونقل وتكوين وجهات نظر تحسن الأمور.
    ربما كانت اللغة حاجزاً، ولكن لا حاجز أمام الإبتسامة الصادقة، والنظرة الودودة، ودفئ المصافحة ومحاولة االتفاهم.
    إننا حينما نعامل الناس، ونختار ما نظهره لهم، إنما نحن نعكس أنفسنا، طبيعتنا، تربيتنا، وليس ما هم عليه، لأن ما نقوم به لم يقم به غيرنا، ولم تفرزه سوى عقولنا. وبعد ذلك يأتي فهمنا لهم، وتأثيره على ما نقوم به. ولكن في المقابلة الأولى، ماذا نفهم؟ لو عدت إلى التاريخ، لوجدت أنهم هم ما كان يأنفنا ويحقد ولا يتعامل ببساطة في المستويات العادية، بينما كنا مثلهم الآن إلى حد بعيد. هذه وجهة نظري.
    أتمنى أن تلتقي البريطانية مرة أخرى، وأن تكوني أكثر تعاطفاً معها.
    إن دعوات الأجانب ممتعة أكثر من دعوات العرب بكثير. إنها أكثر عفوية.


    بالنسبة للحساسية تجاه النظرات والكلام، فقد تذكرت نقاش دار بيني وبين أحدهم بخصوص الأمر، ووضحت فيه حقيقة هذه الصفة بي، ووجهة نظري تجاهها. أود التحدث عنها الآن، ولكني أود لو انتظرتي تدوينتي المقبلة. ليس أمر بالغ الأهمية، ولن يكون مسهباً، ولكني أحب أن أتكلم عنه من وجهة نظري الخاصة منذ زمن.

    بعض السيارات القديمة جميلة، وأكثرها لا. ولكن السيارات الغريبة بالمعرض، التي عرضت بعضها هنا، كلها جميلة، وهي حديثة كذلك. أعتقد أني بشكل ما أوافقك الرأي، فمن الأشياء التي جذبتني بسيارتي أنها رغم شكلها التقدمي إلا أنها تحوي لمسة كلاسيكية من حيث الانتفاخات فوق الإطارات والزوايا الدائرية. كنت أبحث عن لمسة كلاسيكية قديمة.

    إن الردود تسرني، ولكن، لست أهدف إلى الحصول على أي نوع من الردود، لدي مقاييس، وعليه، لست أبتئس كثيراً إن تأخرت الردود. إني أطمع بالتواصل، وليس مجرد الردود.
    قبل هذه المدونة، كنت أكتب في مدونة أخرى على موقع سعودي، وكنت قد منعت خاصية الرد عن الزوار، ومع ذلك كنت مستمراً بتدويناتي الطويلة لحوالي 3 سنوات حتى حذفت المدونة، دون رد واحد، لإقفالي للردود. تواصلت معي الإدارة أكثر من مرة لإقناعي بفتح الردود، وقد كان اهتمامهم بدونتي خاصاً، ولكني لم أفتح الردود، فتحتها هنا فقط، بعد فترة من التدوين.
    أقدر عزائك فيما يخص قلة الردود، ولكن رد ذكي وجيد واحد يكفي عن الكثير من الردود غير الملهمة.
    أجدك أبعد نظر مني فيما يخص الذكريات. إنها نقطة جيدة، ربما أدرك أهميتها في وقت لاحق. أجد نفسي أدون لأن هذا يلهمني في الكثير من الأمور الآنية والقريبة، ولأسباب أخرى متعددة.

    شكرا لك

    ردحذف
  5. على فكرة، رددت في ردين منفصلين لأن المدونة اعتقدت أن ردي فائق الطول، فكان علي أن أفصل الردين.

    ردحذف
  6. أول شئ الحمدلله على سلامتك

    هل تصدق أنني بقيت في مدونتك ما يقرب الساعتين أو ثلاث

    ولم أمل .

    تعجبني كثيرا هذه النوع من الكتابات ..

    وهي أشبه نوعا ما باليوميات.

    أتمنى فعلا أن أكتب بهذه الحرية ..

    أتمنى لك التوفيق

    دمت بخير

    ردحذف
  7. الأخت سيدة النجاح

    أولاً، أهنئك على قدرتك الفائقة على التحمل، أنتِ بطلة بحق.
    وأشكرك على تشجيعك.
    إني لا أعتبر التشجيع مجرد حافز ودافع للتقدم، أعتقد أحياناً بأني يمكنني أن أوفر لنفسي تلقائيا القسم الأكبر من الحافز، لكن، التشجيع يعني لي المشاركة، يعطيني شعور مريح لبعض الوقت بأني لست لوحدي، أني شيء مدرك وواضح وموجود بالنسبة لأحدهم، ولو للحظات.

    أعتقد بأنك تكتبين بشكل رائع، لقد اطلعت على مدونتك وهي جميلة ومعبرة. وأعتقد أن كتابتك بالمقارنة بكتابتي بالنسبة لغالبية الناس أفضل.

    أشكرك على تشجيعك مرة أخرى.
    وجزاك الله خيراً.

    وعلى فكرة، تخصصك مثير للاهتمام.

    ردحذف
  8. أولا: نحمد الله على سلامتك،،


    كنت أتصفح مدونتك منذ مدة طويلة،


    فآثرت أن أدلوا بدلوي الآن!

    تعجبني تدويناتك، ورؤيتك للمجتمع والحياة،وواقعيتك في الحديث .


    أرى أننا نتشابه في بعض الصفات .

    أشكرك على منحي الفرصة للرد،

    ..

    ردحذف
  9. عزيزي أبو كرم (يا لها من كنية جميلة)

    يسعدني كثيراً قرارك التعليق في مدونتي. وأشكرك على تشجيعك.

    تشابهنا في بعض الصفات مرده على الأغلب التقاء وجهات نظرنا حول بعض الأمور، وإن كنت لاحظته، فهذا يعني أننا نتفق كثيراً.

    أرجو أن تسعدني مرة أخرى.

    ردحذف

ما رأيك بالقول؟