سِجل المدونة

الجمعة، 12 يونيو 2009

تمرد اللا حيلة(أفكار،أحداث)

بسم الله الرحمن الرحيم


لطالما تساءلت عن سبب شهوة الاستبداد في مجتمعاتنا، وتوفير المعاملة الجيدة بدونية
 للأجانب الأكثر تحضراً حسب تصورنا. قلب هذه الأفكار في رأسي مسلسل ياباني يدور حول أطفال في مدرسة تدرسهم معلمة مستبدة. إني كثير التذكر لمراحل الحياة السابقة، وكثير التحليل لها، أعتقد أن هذا يعطيني فهم جيد لنفسي وللمجتمع. الإخوة الأقوى والأكبر يستبدون على الأصغر، الأباء على الأبناء، المعلمون على التلاميذ، ويعلمونهم أن هذه هي طريقة الحياة، الشرطة على المدنيون، وهكذا دواليك. وماذا بعد؟ حلقة مفرغة؟ أدوار تنتظر أصحابها؟ حينما تكون ضحية، تنتظر دورك لتكون ظالماً؟ هكذا هي الأمور. يبدأ الأمر على الأغلب منذ أيام الدراسة، حينما لا يعطف عليك الغرباء، بينما إن كنت محظوظاً فسيعطف عليك أهلك قبل الدخول إلى المدرسة. لا يرى الغرباء في المدرسة رادعاً، أنت لست إبنهم، لست منهم، ولا أحد يحسابهم، حيث نترك الأمور في ذمم أصحابها، غافلين عن أن هذا سينتج أجيالاً مريضة. حينما يضربك والداك ويؤدباك، فهذا أمر مختلف مهما جار عن اضطهاد غريب لك، غريب لا يوجد في قلبه رحمة فطرية لك، ولا يوجد رادع حياتي أو أخلاقي لديه. فهنا، لا مكان إلا للفطرة، فقد لا يكون للوالدين رادع سواها، إن كان الأبناء محظوظين.
 هؤلاء المعلمون، بداية المشكلة الحتمية، إن لم تبدأ قبلهم، كانوا في وقت ما ضحايا، إنهم مرضى، وينقلون مرضهم، إنهم يعدون الآخرين بالقوة. إن الأخلاقيات التي يعلمونها بالكتب لا تردعهم، فلا قيمة لها إذاً في نفوس التلاميذ. إنهم لا يتورعون عن إسقاط أقصى أذى على طفل ضعيف لا يملك رده، ويدعون أنفسهم ناساً، ويدعون أنفسهم مسلمين، ويفتخرون به كذلك، رغم أنهم إهانة للدين. إني لن أنسى أبداً ما جرى لي بالمدارس، ولا ما رأيته يجري. يقولون قف للمعلم ووفه تبجيلاً، كاد المعلم أن يكون رسولاً. يا لسخافة القول ونفاقه، إذا ما نظرت إلى ما لدينا من تعساء مرضى. لماذا نقدرهم؟ لماذا ننظر إلى ما قدموه على أنه جانب من التضحية؟ إنهم حيوانات، أكثرهم، غالبيتهم العظمى لم يكونوا سوا حيوانات، بل أسوأ، لا مشاعر لديهم، ولا ضمير، ولا رادع بالتالي. لن أنسى الكراهية غير المبررة لطفل، الحقد على قدراته، إيذائه بتسلط متلذذ، السيطرة المطلقة عليه. لن أنسى تركي أقف خلف الباب، والطلب من كل طفل يدخل ضربي بالباب بأقصى ما يستطيع، لن أنسى الصفعات على خداي وأنا ابن الست سنوات، بكل ما تشكله الصفعة من كسر للقلب وتحطيم. أعتقد أن المشكلة تظهر أسوأ وجوهها حينما يكبر هؤلاء الأطفال ولا يشتكون، ولا يغضبون، لأن هذا يعني أنهم تقبلوا الأمر، وينظرون إليه على أنه وضع طبيعي، وبالتالي، يمارسون هذا الاضطهاد على من هو أضعف منهم، إن لم يكونوا تلاميذهم، فسيكونون أبناءهم أو إخوانهم. إن الناس يغذون بعضهم بالحقد والقسوة وسوء التربية.
قرأت كذلك قبل يوم عن تعامل الشرطة مع الناس. الشرطة مجمع الجهلة وغير المتعلمين. قرأت وسمعت عن معاملتهم المهينة للناس خصوصاً في الشوارع، وشاهدت بعيني أحدهم يرد بوقاحة واستعلاء غير عاديين، موحياً بشعور عميق بالنقص والخواء. لا أنكر وجود بعض الخيرين منهم، بعض العارفين بأهمية التعامل الراقي والإنساني. ولكني سمعت الكثير عن سوء التعامل، والإهمال، وإخفاء الحقائق على نحو يدعو إلى الاستغراب، كما حدث مع شاب مر بتفتيش مع صديقه، فأنزلوا صديقه من السيارة وطلبوا منه اللحاق بهم حينما يمضون، ورفضوا إبلاغه بسبب حجز صاحبه، الذي هو أيضاً لا يدري ما السبب. كان يسألهم بذل عن السبب، والشرطي لا يجيبه وكأنه غير موجود، أيما وقاحة واستعلاء وجهل، حتى جاء شرطي آخر وكاد أن يلصق وجهه بوجه الشاب وهو يصرخ موبخاً، مطالباً بأن يلحقهم بسكوت!! أي منطق هذا؟! منطق لا يوجد سوا لدينا، نحن المرضى المعقدين، الملغين لكرامة الناس واحترامهم. وسأله بعد إصرار الرجل على معرفة الأمر إن كان لا يعرف بأن الشعور الطويلة ونوع من القصات ممنوع؟! لم يكن يعلم، أنا لم أعلم، لم أسمع من أحد، هل أعلنوا بالجرائد؟ لا، التلفاز؟ لا، إذا لماذا يصدمون الشباب والصبيه هكذا؟ إني لا أعتقد بأن اسلوب القهر غير المنطقي هذا، الخالي من التوعية والتربية، يقصد به خير، إني أعتقد بأنه يقصد به عكس ما يبدو، إني أعتقد بأنه محرض على القهر والتمرد، حتى يتفشى الأمر كعناد، ثم يستسلم الجميع للأمر الواقع المرير. ولا يمكننا دائماً إلقاء اللوم على البدو في الشرطة، لا، لا يمكن هذا، لقد أصبح الإقبال على العمل في الشرطة يشمل كافة شرائح المجتمع، ومن نراهم يعاملون بسوء ليسو جميعاً من البدو، مع كوني غير بدوي، إلا أني لا أميل إلى إلقاء اللوم عليهم في هذا المجال بالذات، إني أميل إلى إلقاء اللوم على كل من تسبب بهذا الجفاف واللؤم بين الناس، إني ألوم الشرطة الذين يسيئون معاملة المتدربين حتى يخرجوا لنا أنذالاً، وألوم المعلمين الذين عقدوهم وعقدوا الجميع في وقت سابق، وألوم الأهل غير الحريصين، وألوم المجتمع القاسي كله. لقد أصبح المرء يتوقع الإهانة من كل صاحب سلطة، لقد أصبحنا مُروعون.
إنها حلقة طويلة، لا تقتصر على ما ذكرت، ماذا عن بعض الدكاترة في الجامعات؟ بعض رؤساء العمل؟ التجار وأصحاب النفوذ؟ بعض رجال الهيئة؟


 

المسلسل، وهو يدعى ملكة الغرفة الدراسية، رائع بحق. لم أكمل بعد كل حلقاته، وإن كنت قد رأيت أغلبها. وهو مترجم باللغة العربية على نحو جيد. هو مسلسل عائلي، ولكن من الواضح أنه موجه للأطفال المراهقين بالدرجة الأولى. وهذا قد يثبط البعض، وقد يثبطني بصراحة، لولا أني أعلم أن أطفالهم المراهقين، لن يوجهوا إليهم أشياء سطحية كالتي يوجهها الإعلام العربي إلينا كراشدين، إن ما يقدم في هذا المسلسل له معانٍ يحلمون السخفاء العرب من أهل الإنتاج بطرحها. وبالواقع، يطرح المسلسل بطريقة رائعة ومعبرة، تجد فيها الأطفال يعيشون أوضاعهم بجدية كما يفعل الأطفال حقاً، بينما يبدو أن الكبار هم من يتصرف كالأطفال معظم الاوقات، كما يدور الأمر في الواقع في رؤية الطفل لما حوله. يدور المسلسل حول عدة شخصيات، المحورية منها إناث مع ذكر واحد، بالإضافة إلى المعلمة المستبدة، ومعلمين آخرين. المعلمة المستبدة جديدة على المدرسة، وتتصرف كعسكرية، صلبة وجافة جداً، وواسعة الحيلة، رغم أنها تبدو وكأن لا هم لها سوا السيطرة على هؤلاء الأطفال، وضربهم ببعضهم إن تطلب الأمر تأديب أحدهم، وهذا أمر واقع لا ريب فيه، فقد عرفت في حياتي شخصيات بالغة بهذه الدرجة من الوضاعة والسخف، ولا زلت أعرف. القلة من الطلاب يتمردون ويدافعون عن حقهم في اتخاذ القرار والمعاملة العادلة، ولكن القلة تصمد من هذه القلة. يتبقى في الأخير الطالبة الطيبة كازومي كاندا، و يوسوكي، أكسل طالب في الصف، الذي لا يبالي بما يجري، حتى تتكون بينه وبين كازومي صداقة عميقة، تجعله شيئا فشيئا يهتم، رغم احتفاظه باستهبالاته المضحكة. يخضع كل من في الفصل لاختبارات لولائه لزملائة وأصدقائه، على نحو محير ومثير للمشاعر، وبطبيعة الحال، أكثر من يعاني هو كازومي صاحبة المبادئ البسيطة، ولكن الراسخة. تتدهور الأمور بتدرج سريع بالنسبة لكازومي، وتخسر صديقاتها في مواقف مؤثرة، مواقف رمزية لما قد يواجهه أي إنسان، من تبدل النفوس والمصالح. تجاهد لكسب الجميع من جديد، ولكن الجميع تقريباً يجرحها ويلحق الأذى بها ويتنمر عليها، بشكل غير بعيد عن مشاهدات حقيقية رأيتها خلال حياتي، الجميع يتملق المدرِّسة، ويريد رضاها، وما دامت حاقدة على ما يبدو على كازومي، فمن الأسهل كسب رضاها باضطهاد الفتاة المسكينة، أو اضطهادها بلا خوف من عقوبة على الأقل. ولكن، ليس كل التلاميذ هكذا، لقد خانت صديقات كازومي الصداقة، ولكن لديها أمل في آخرين، مثل الصبي المتغابي، وهو شديد الوفاء، وفتاة غريبة اسمها هيكارو شيندو، هي من أفضل الشخصيات التي وجدتها في المسلسل، لخلقتها البديعة ما شاء الله، ووجهها المعبر الحزين، وبنيتها الصغيرة وشعرها الجميل، حتى صوتها مؤثر، ويبدو أنها أصغر من بقية الممثلين، ربما كانت في العاشرة من عمرها. هذه الفتاة تتجنب الناس، وفي أشد المواقف توتراً تعزل نفسها بوعي وبوضوح من خلال قراءة كتاب، وسيطلع المشاهد على قصتها في حلقة معينة، ولن يخيب ظنه، لقد دمعت عيناي تأثرأ، يمكنك أن ترى إلى أي حد يمكن أن تجرح الطفولة، إلى أي حد ممكن أن يذهب الانكسار بالطفل، وبالراشد. يوجد شخصيات أخرى كثيرة ومثيرة للاهتمام، ومواقف تعبر عن معنى الصداقة، ومعنى الخذلان، حينما تنزع نزوة شخصية أو خوف معين المعزة من قلب الصديق بكل سهولة، فيتنكر، وقد يأخذ دور الضحية ببرود، ليبرر موقفه، أنا، أفهم هذا جيداً. لن أفسد المسلسل، إنه بديع جداً، وقصير كذلك، 13 حلقة. هذا الرابط يمكنكم تحميل حلقات المسلسل، وهي مجزأة، تحملون كافة أجزاء الحلقة، ثم يفك ضغط أول جزء فقط، وبقية الاجزاء ستفك تلقائيا. الرابط:


الملفات تبدأ هكذا: QoC



اليوم، تعرضت إلى موقف سيء جداً بالعمل. أثار اكتئابي حقاً. وهي مصادفة غريبة، كنت قد استشرت أمس شخص حكيم أثق فيه في أمر مخاوفي من الانتقال وتدخلات الناس، وأشار علي بالمضي قدماً. واليوم، الاثنين، عرفت أني فعلاً لا أستطيع البقاء في هذا العمل. مهما كان الدكاترة السعوديين طيبون بشكل مختلف عن أقرانهم، إلا أنهم يظلون دكاترة سعوديون. اليوم جاء دكتور لدينا، لا علاقة لي فيه، ولكني أراه حينما أعمل مع الدكتور الآخر فهو يعمل في نفس المكتب، وأراه أحيانا في مكتبنا، وهو يبدو لي مغروراً، وبغيضاً جداً. في يوم الأحد، رأيته بالتلفزيون، في مقابلة، ولكن، لم يخطر في بالي وكأن هذا نذير أو إشارة، قد لا يكون، ولكن تذكرت مباشرة رؤيتي له بالتلفاز حينما حصل الموقف. حصل الموقف حينما جاء إلى مديري الدكتور، وخرجت إلى المستودع لجلب بعض الماء لي وللدكتور والزملاء، وأنا عائد أحمل قواريري، واجهني بالممر وطلب مني الحضور إلى مكتبه لأنه يحتاجني بعمل. فوجئت، فلا عمل بيني وبينه ولا أي علاقة، كما أنه ليس من المتفق على التعاون معهم. ذهبت إلى مديري الدكتور وسألته عما طلبه منه؟ قال بأنه طلب منه أن يسمح أن أساعده أنا، سعد، بمهمة لديه، وأنها مهمة بسيطة ستسغرق ربما حتى السبت. وأعقب بسرعة أن لا أجهد نفسي، وأن أعمل بقدر طاقتي، توجست من كلامه وتجهمت، وشعرت بشعور غاية بالسوء، بينما بدا عليه هو الارتباك الشديد. حزمت أمري، سأذهب، وإن كان العمل بسيطاً فسأساعده كي لا أحرج مديري، الذي خذلني حينما لم يستشيرني بأمر يخصني بالمقام الأول. أما إن كان العمل استغلالياً، فيجب أن أتخذ موقفاً معقداً قليلاً. دخلت المكتب، ولم يستشرني، كان يأمر فقط، وجمع العديد من الملازم، وطلب بريدي الالكتروني ليرسل نموذجاً أعمل عليه. لم تكن مساعدة، كان يريدني أن أقوم بكل عمله، وهو يدري أني أفهم، ولكنه يحسبني مسلوب الإراده، لقد رأى كيف يستغلني زميله، وحان دوره، لقد عملت على مشروعين مماثلين، وأعلم بأني أقوم بكل العمل بينما يجير لهم. أنتم، أيها الدكاترة السعوديون هكذا، تشتهرون باستغلال الأجانب، يقومون بالأبحاث عنكم ويضمون أسمائكم دون أن تقوموا بشيء، وحينما لا تجدون الأجانب، تجدون أمثالي، إن أغلبكم كالعَلَق. صمت وهو يجمع العمل لي بوقاحة وقلة إحساس، وبدون كلمة لطيفة حتى. يا للخسّة. أخذت العمل محزوناً، وقد حزمت أمري بما سأقوم به، كنت محزوناً لسوء الوضع، للمنطق الظالم، لعدم وجود الرادع لدى المتسلقين، وكذلك، لأني خُذلت بدكتوري، وسأتسبب بإحراجه لا محالة، فقد عزمت. دخلت على مديري الدكتور وأنا أحمل العمل، الذي يروع من يراه، ولم أتكلم، صمت، وبدا عليه التوتر وهو ينظر إلى العمل، سأل إن كان هذا هو العمل؟ أخبرته بأنه أعطاني عمله كله، أنه أعطاني هذا وهو ليس عملي، بل الكثير مما أقوم به أصلاً ليس عملي. كنت حزيناً ومخذولاً بوضوح. ثم سألته: ما كنت تقدر يا دكتور تقول له، خل أشوف وش رأي سعد؟ نظر بعيداً، ثم قلب نظره بالغرفة وهو لا يدري ماذا يجب أن يقول، ولكنه قال أخيراً مبرءا نفسه بأنه طلب منه أن يتفاهم معي، كنت أعلم بأن هذا كذب للأسف، لقد أعطاه موافقته، رغم أنه لا حق لديه أن يقرر بدلاً عني. كررت سؤالي مرة أخرى، أما كنت تستطيع أن تخبره أنك ستستشيرني؟ كنت أقسو عليه، وأنا أشعر بالأسف، ولكني مللت من كوني أداة للمجاملة، أداة توزع بين الدكاترة. استسلم أخيراً وقال بأنه مستعد للقيام بما أريد، هل أريده أن يتصل بالدكتور ويخبره برفضي؟ فلو لم أرد أن أعمل فلا يجب أن أخاف فتقييمي في يديه وليس في يدي غيره. كان من الواضح أنه يرجو أن أكفيه الاحراج وأخرج محزوناً كما دخلت، ولكن بصمت، لأعمل لذلك الرجل البغيض. ولكن، قلت له بلا تردد أن يتصل، ويخبره بأني لن أعمل. كان قد أعطى كلمة، وقد ارتبك حقاً بعد ردي، ولكنه لا يبدو من النوع الذي يخل بكلمته، فطلب تحويلة ذلك الدكتور، ذهبت أسأل عنها، وأنا أفكر بالمقابلة بالتلفاز أمس، حينما بدى الدكتور منفراً حقاً، وهاهو يستغلني. اتصل مرتين وأخبرني وأنا في مكتبي بصوت عال لأسمع بأنه لم يرد. لم أقل شيئا. ظللت مكتئباً جداً في مكتبي، ماذا أكون بالنسبة لهذا الدكتور الذي يبذل الكثير لأبقى أعمل معه ولا أنتقل؟ ماذا أكون لأي أحد هنا؟ أين أنت يا أبو عمر. لم ينادني الدكتور لفترة طويلة، بسبب ما حصل على ما يبدو. خرج بعد ذلك ليرى المكاتب المجاورة لينتقي مكتباً، فهو سينتقل من هذا المكتب، ولم يقل لي شيئاً، ولم أقل له شيئا، فقط انكفأت بكرسيي وأنا أشعر بشعور غريب، حزين، أشعر بأني بلا حيلة، وبلا سند. عاد بعد قليل وقال بأنه سيذهب إلى الدكتور في مكتبه. استغربت أن قال هذا من تلقاء ذاته، ولكنه لم يجده على أي حال. أعطاني الدكتور البغيض عمله وخرج متحرراً. رأيت بالملف أن قوالبه غير مجهزة جيداً، وليست صحيحة ولا منطقية، وأنه عمل القليل القليل قبل أن أخطر على باله.

اليوم الثلاثاء، الدكتور عازم على إعلام الدكتور البغيض بأني لن أقوم بعمله. أتمنى أن تسير الأمور على ما يرام، وأن لا يضطرني أحد إلى الشراسة.

اتصل فيه الدكتور، ولكنه مصر على أن أقوم بالعمل، وينوي أن يحضر غداً ليقنعني بالقيام به. لن يحدث، ولا أدري ما النتائج المترتبة على رفضي رغم تطمينات مديري الدكتور. أشعر هنا بأني بلا سند حقيقي. الله معي.




منذ أن كنت صغيراً، وأنا أسعد أيما سعادة في اللحظات العفوية النادرة، التي تناديني فيها أمي: حبيبي. ليس أنها لا تناديني بألقاب أو صفات أخرى محببة، فقد تكون"وليدي" تقال في لحظات تفيض بالحنان، وقد تناديني: سعود، وهو اسم ربما فضلته هي على سعد، وتدعي لي كثيراً في كل وقت، خصوصاً في السنوات الثمان الأخيرة، ولكنها نادراً ما تفطن إلى قول حبيبي، نادر جداً. قالتها الاسبوع الفائت، قبل أن تغلق السماعة في مكالمتنا اليومية من العمل بعد صلاة الظهر. إن قولها هذا يشعرني بسعادة، وكأني لا أعلم أن هذا هو شعورها حتى لو لم تقل. إنها أمي، لا غرابة بفرحي. لكن، حتى بعض الناس تفرح حينما يلقون عليك مثل هذه الصفات، وإن اختلفت، وليس لندرتها، إذ قد يقولونها لك طوال الوقت، ولكنها تجد صداها في نفسك في كل مرة. وآخرين، ليتهم فقط يصمتون أيا كان ما سيقولونه.

 أسمع مجاملات من حين إلى آخر، ورغم أنها غير واقعية، إلا أنها تدخل البهجة على قلبي. قال ابن اخي حينما سمعني أغني أغنيتي المفضلة التي أغنيها كثيراً، لماذا لا أشترك بمسابقة فنية؟ ضحكت، ولكنه استمر بامتداح صوتي. أنا أعلم بأن صوتي غير جيد، قيل لي ذلك دون أن أحتاج لأعرف هذا، مع ذلك انا أهوى الغناء، لاقتناعي بأن المرء يمكنه أن يقوم بما يحب حتى لو لم يُجده، إن كان يبهجه. الكلمات الحلوة، المجاملات اللطيفة، حتى لو علمنا بأنها غير صادقة تماماً، إلا أنها تسعدنا. قد يقول لك أحدهم بأنك أطيب شخص بالعالم، لا يمكن أن يكون هذا، ولكن، يسعدك أنه يجاملك، ويضعك في هذه الخانة. لست أسمع الكثير من المجاملات، ولست أجد الفرصة لأعطيها، ولا أعطي المجاملات بلا أساس أستند عليه، أساس من الحقيقة، فأنا لست بشخص مجامل بالواقع، هذا منذ أن خرجت من وظيفتي في الجامعة، في الجامعة كان المجتمع أكثر ود معي عموماً.




لا إله إلا الله محمد رسول الله... كان لدي موضوع مهم لأقوله، وها قد نسيته...
إني أواجه مشكلة كبيرة في النسيان، لم أعد أستغرب. أعتقد بأن هناك أسباب وجيهة لذلك، أعتقد بأنها تمتد إلى فترة طويلة لآن تلك الأسباب.





صرت أضطر للذهاب إلى مقهى وقت الشاي كل يوم، لأحمل الجزء المطلوب مني من حلقات المسلسل، حيث لا زالت الانترنت مقطوعة في المنزل، وأنا أشارك مجهود تحميل الحلقات مع ابن أختي العزيز. السرعة فائقة هنا، ورغم أنها في أسوأ الأحوال تظل ممتازة، إلا أني أحقد حينما يشغل شخص آخر كمبيوتره بالمقهى!! لأنه سيسحب قليلاً من الباندويدث، وعليه، سأتأخر في التحميل. حينما أرى أحدهم فتح جهازه، أتمنى أن فعل شيء لأمنعه. مقهى ابوي الظاهر.




اليوم الاربعاء. في تمرد جديد في حياتي، قررت هكذا أن لا أذهب إلى العمل. كنت في وقت قديم قد قررت في الجامعة عدم الذهاب إلى العمل، ولكن، ما حدث هو أني أصبت بالمرض حقاً، ولم أكن لأذهب بتلك الحال، ولم أستفد من قراري. أما هذه المرة، فنفسيتي شعرت أن لها حق علي. لماذا أذهب وأنا تعيس هكذا؟ بالإضافة، من الأفضل أن أذهب والمشرف موجود، حتى  لو حدث شيء حينما يطلب مني ذلك الدكتور البغيض القيام بعمله وأرفض، لا يتوجب علي الانتظار لأرى تطور الأمور. كان من أحمل همه حقاً هو أمي. إنها لا تتسامح مع مثل هذه القرارات. ولكني فوجئت اليوم أنها تغاضت، ولم تسأل لماذا غبت، حينما بررت مسرعاً وبخوف أني سأطلب اجازة اضطرارية قالت بأن هذا لا يهم، ولكن هل أعاني من شيء حتى أغيب؟ قلت بخجل:لا. حيث أن قولي أن نفسيتي متعبة سيفتح علي وعليها أبواب من الأفضل أن تظل مغلقة. طلبت مني فقط أن أنزل الآن لأتناول الغداء، ولم تسأل أكثر. أعتقد أنها تعرف لماذا بقيت بالمنزل. ولكن عدم توبيخها لي، عكس توقعي، جعل نفسيتي تتحسن بسرعة.


الذكريات السعيدة قد تختفي ما لم توثق، أليس كذلك؟ لقد كنت دائما أكره التصوير، والآن، أعتقد أن للأمر مغزى، بعدما أصبحت أكثر انفتاحا على الفكرة. خطر هذا في بالي حينما رددت على تدوينة لأحدهم، وهو يكره التصوير، أي أن يصوره أحدهم، بينما أنا أتعافى من هذه الحالة المزمنة حالياً. لماذا كنت أكره التصوير؟ كنت أفكر بأني أكرهه ربما لكرهي رؤية صوري. ولكن الآن، بت أكثر تسامحاً مع الأمر، فحينما كنت أرفض لأي أحد أن يحتفظ بصورة لي، حيث كان أصدقائي يطالبونني دائما بسماحي لهم بتصويري وأنا أرفض، وجدت نفسي أسمح لأخي على نحو غير معتاد بتصويري مباشرة، وبلا مبالاة، حتى أني فاجئت نفسي في اللحظة التالية. أعتقد، أتخيل، بأن الأمر كان لحسن الحظ، ربما لم يكن يجب أن أحتفظ أو أعطي صور للتذكار لبعض الناس الذين افترقت عنهم، ربما القادم أفضل، وعليه، سيكون أخذت صور تذكارية شيء جيد.




من المؤسف أني لا أستطيع أن أكتب من المنزل لغياب الانترنت. يجب أن أغادر المقهى الآن.


إني أبحث منذ فترة طويلة الآن عن فرصة جيدة لإكمال دراستي هنا، في السعودية، في تخصص أحبه. كالعادة، حظي لا يساعد كثيراً. التخصص الذي احبه هو التسويق، أود أن أكمل ماجستير تسويق. ولكن، كل م يتوفر لدينا هو الحل الأسهل وما يخطر على البال بسرعة، كل الجامعات التي توفر شيء في هذا المجال فيجب أن يكون: ماجستير إدارة أعمال... يا لضيق الخيال والبحث عن الحلول السهلة. وقعت على موقع مدير جامعة دار العلوم في الرياض. وسألته المشورة. رد مشكوراً بلطف وعلى نحو وافي، ولكن لا يبدو أنه يوجد حل حقيقي، ربما سأضطر إلى دراسة إدارة الأعمال، وأركز على التسويق في مرحلة من البرنامج كما قال. ولكن مع ذلك، لا زلت أملك تساؤلات مهمة بالنسبة لي، طرحتها عليه. ولكن، دكتور سعودي، فالحلو ما يكمل.



سعد الحوشان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما رأيك بالقول؟