الجمعة، 30 أكتوبر 2009

لحية نصفها أشيب،تحت شفاة ملتوية(أحداث،أفكار،حادث سيارة)



بسم الله الرحمن الرحيم

 
 




يختفي الإلهام أحياناً، ولا يعود بوسع المرء أن يبدع شيئاً. في السنة الأخيرة كفيت عن كتابة شيء مما أهوى كتابته، باستثناء الكتابة هنا. أعتقد بأني بت بحاجة ماسة للتغيير. وقد يكون هذا عبر الدراسة.

 
 
مررت بأمثلة كثيرة من الناس الذين يبدون اهتمامهم، ثم يفقدونه بسرعه. حتى هنا بالمدونة، اعتقد أن هذا هو الحال مع البعض. يبدو لي أحياناً بأنه يتم فهمي بصورة خاطئة، أو متسرعة. وتُترك بالنهاية متسائلاً، تملأك الحيرة، ما السبب؟. لكن هذه مبالغة، لقد اعتدت على الأمر منذ صغري.
 
 
رأيت قبل أيام معلمي في الثانوية، معلم آخر غير صاحب محل الحلويات الذي تحدثت عنه. رأيته هنا، في الجامعة حيث أعمل. كنت قد سمعت بأنه نال شهادة الدكتوراة في علم شرعي. لم يتغير كثيراً، لا زال ذو شكل مميز، وجهه مليح، وبشكل غريب وضاء، رغم اعتقادي بخبثه أحياناً، أو سخريته التي لا داعي لها. في الثانوية، كان يجدني مثير للاهتمام بشكل ما، وحينما تثير اهتمامه، فإنه يستفزك كثيراً، ويحاول إحراجك. كنت مراهقاً، واستدعاني الأمر وقتاً حتى أفهم بأن هذا شكل من التقدير، كان ينبغي أن اتجاوب معه على نحو أفضل، وبظن أحسن، مع أني لا زلت أعتقد بأنه لا يحسن التعامل تماماً، ولكن، وإن كان لا يهمني هذا الرجل، إلا أن الكثير من الناس الذين فضلت لهم هذا الطبع المحير معي، أو كان. أدركت هذا بعد تخرجي من الثانوية. وحدث أن صادفته، ووددت السلام عليه، ولكنه تفاداني بكل ما يستطيع. ربما كان هذا مسلكه مع الجميع؟ صحيح أنه لم يعد بيننا علاقة إطلاقاً، سوا من مزحات انقرضت في آخر سنة من دراستي. أتذكر بأنه كان يقول دائماً بطريقة ساخرة ومستفزة: أحببببك يا سعد والله أحبك. وكان يسبب لي الإحراج أحياناً ويحاول أن يلزمني بأمور رغماً عني، إلا أني كنت أرفض بعناد. اضطررت ذات مرة لموافقته حينما دخلت مكتب الوكيل، حيث جلس لفترة، كان المدرس قد أرسلني على عجل لأحصل على شيء من عنده، وكان هذا يجلس مع ولي أمر طالب يناقشه بأمر ما، عرّف ولي الأمر علي بشكل مفاجئ، وقال لي: سعد والله أحببببك!! وصار يكررها ويحاول أن يطيل الموضوع، وكان ولي أمر الطالب يكبت ضحكته، قلت له أني أحبه أيضاً، ولكن يجب أن آخذ ما جئت لأجله وأعود بسرعة


حينما رأيته قبل يومين، كنت أسير بصحبة شخص أجنبي، لأترجم بينه وبين الموظفين. التفت عينينا، وعرفته مباشرة، وظل ينظر إلي، شعرت بأن رابط ما، تواصل ما، ابتدأ، ولكني لم أنوي السلام علي أي حال. لماذا؟ لم أعد أحسن الظن بالناس بسهولة، لقد نلت ما يكفيني من حسن النية. قلت بأنه لم يتغير كثيراً؟ بشكل ما، لم يتغير، ولكن بدا شكله أكبر بطبيعة الحال، ولحيته التي كانت كثيفة صارت أكثف، وأقل ترتيباً، منتشرة نوعا ما، ولكن جميلة مع ذلك، تخطها بضع شعرات طويلات من الشيب، إلى الجهة اليسرى منها فقط. شعرت بأن نظرتي الطويلة، وعدم سلامي، شعرت بأن هذا استفزه بشكل ما. إن كان لا يزال كما أعرفه، فلا بد بأنه غير معتاد على التجاهل، أو الاستفزاز من الآخرين. عدت إلى القسم بعد قليل، وجدته يكلم موظف وهو واقف أمام قاطع مكتبه الصغير. استمريت اترجم لمن معي، وبعد مضي بعض الوقت التفت تجاهه، فوجدته ينظر إلي، وقد التوت شفتيه ازدراءً، ازدراءً شديداً لم أرى على وجهه مثله من قبل، هل اكتسب هذا مع شهادته الجديدة؟ صد ملتفتاً إلى الموظف، وشفتيه لا زالتا على إلتوائها.

يوجد دكتور لدينا، درسني الثقافة الإسلامية قبل أن أتخرج، كان دائما ما يذكرني فيه. لهما نفس السحنة، ونفس السخرية. لم أكن ألبس غترة إلا فيما ندر، حسب المزاج. كان هذا الدكتور يناديني وكأنما يمزح، بصاحب الشعر أو شيء من هذا القبيل. أعتقد بأنه كان يرمي إلى إحراجي حتى آتي مرتدياً الغترة. كان يقول للكل تقريباً بأنه يحبهم، أعتقد أن هذا لم يكن حقيقياً، كيف يحب كل هؤلاء الناس الذين لا يعرف، ويدرسهم لفترة الصيف فقط. كان يحاول أن يكون مزوحاً، وكان ينجح. قال أحد الزملاء ذات مرة كلمة: أصدقاء. ولكن الدكتور قاطعه بأنها كلمة مضحكة وغريبة، فلا أحد هنا يقول: أصدقائي، الكل يقول: ربعي، أخوياي، ثم التفت إلي وقال: صح؟ قلت أنا: لا، أنا أقول أصدقائي. ضجت القاعة ضحكاً، وتبسم هو. كان له تركيز علي، ولست أدري لماذا. ورغم أنه كان دائم التبسم في وجهي، إلا أني كنت أشعر بالقلق لشعوري بأنه لا يتقبل، وربما كان يود التأثير علي بشكل ما. أبدى رضاه ذات مرة لما حضرت لابساً الغترة، ولكني لم ألبسها مرة أخرى. كان من جهة يحاول إحراج الطلاب الشيعة متى ما توفرت الفرصة، على نحو يثير الضيق. فلم يكن لنا علاقة بما يعتقدون، ولن يمكننا تغيير ما يعتقدون بالإحراج والاضطهاد. طلب منا بحثاً، وأخبرنا بأن نضعه في صندوق بريده، أو نحضره بالمحاضرة. وضعته في صندوق بريده، ولما جئنا للمحاضرة، وسأل عن بحثي، أخبرته بأنه في صندوق بريده، تساءل باستنكار لماذا تركته هناك؟! أخبرته بأنه هو من طلب!. جيء ببحثي بالمحاضرة القادمة، وناقشني فيه بعناد، ثم اعترف بأنه لم يقرأه، إنما تصفحه فقط!!





أصوم الست هذه الأيام. إن الصيام في غير رمضان متعب أكثر على ما يبدو.





يوجد زميل من القصيم، مهذب وطيب، ويبدي اهتماماً بمعرفتي. من الواضح أنه من عائلة مشابهة لعائلتنا، من حيث نوعية التربية والمبادئ، وبشكل عام، يتشابه معظم أهل القصيم من هذه الناحية لحسن الحظ. تكلمنا عن المعيشة بالرياض، وهي لا ترضيه مقارنة بالعيش في بريدة، حيث يقول بوجود الكثير من المسطحات الخضراء والأماكن التي يمكن للشباب التنزه فيها. لا يرضيه الرياض لأنه لا يحب الإزعاج كما يقول. الرياض مدينة مزدحمة ومزعجة في بعض المناطق، لكني أحب العيش هنا واستمتع به. وطبعاً، لا أعتقد بأن بريدة ستختلف كثيراً بالنسبة لي، وربما تكون أفضل، فهي مدنية ويتوفر فيها ما أريد، بالإضافة إلى أنها أقل ازحاماً وأكثر هدوءاً. أتفهم وجهة نظره بأن بريده برأيه أفضل، لكني ناقشته بعدم إعجابه بالرياض. أستمتع بوجودي هنا، خصوصاً حينما أكون بعيداً عن الزحام.








شاهدت فيلم قديم على اليوتوب، اسمه ذا اكسورسيست (The Exorcist)، أي طارد الأرواح. هو فيلم قديم جداً وشهير جداً، أيضاً. وهو يدور حول إخراج روح شريرة تلبست فتاة صغيرة، إخراجها بالطريقة النصرانية، وهي طريقة شبيهة من حيث المبدأ لإخراجنا للجن. يفترض أن يكون الفيلم مرعباً، وقد حُذرت منه كثيراً، خصوصاً أني لا أحب الأفلام المرعبة بشكل عام، حيث قيل لي أن رعبه متطرف. مع ذلك، لم أجده مرعباً، أبداً. كان فقط مثيراً للاهتمام، أو فيلم ممتاز على الأصح، رائع ومتكامل. وقد رأيت من خلاله اشتراكنا بالرؤية مع النصارى تجاه معالجة الممسوسين، أو لنقل تشابه الرؤى إلى حد كبير، يصل إلى حد التطابق أحياناً. سمعت شائعات كثيرة عن الفيلم، ولا أعتقد أن أكثرها صحيح، ربما أكثرها صحة هو موت العديد من العاملين عليه حين تصويره. ولكني سمعت أيضاً أن بعض دور السينما اشتعلت حينما عرض فيها، لكونه يحضر الشياطين، وهذه بعيدة عن التصديق برأيي. ولكني لا أنفي بأنه قد يجذب الجن، فمن المعروف أنهم ينجذبون لما يدور حولهم ويتعلق بهم، ككتب تتحدث عن السحر مثلاً. قد يكون لوحظ عند بعض مشاهديه أمور غريبة حال مشاهدتهم له أو انتهائهم منه، ربما، وربما هذا ما جلب الشائعات والمبالغات. ما أثار اهتمامي، هو أن الفيلم يبدأ بأذان، وينتهي بأذان. يبدأ في العراق، ويعرض المساجد، والمصلين، والحياة لدى المسلمين، من خلال وجود عالم آثار غربي. وينتهي بالأذان، والنهاية في أمريكا. قد يكون وجود الأذان فقط لمسوغات فنية، ولكن خطر في بالي أمر قد يكون سخيفاً. ماذا لو كانت تلك الشائعات حقيقية، وقد أضيف الأذان لاحقاً في البداية والنهاية لطرد الشياطين والجن من مكان الفيلم بعد عدة حوادث غريبة؟ فمن المعلوم لدينا بأن الأذان يخيفهم ويطردهم. أو قد يكون القرار اتخذ منذ البداية بتدبير محسوب. خصوصاً أني لا أتذكر بأن الأذان تصاحبه موسيقى.







ذهبت قبل فترة مع دكتور أجنبي، دعاني للعشاء معه ومع والده. قال بأن والده الذي يزوره سيسافر قريباً، وهو يريده أن يراني قبل أن يذهب. كنت أؤجل الخروج معه حتى قال هذا، مدللاً على ضيق الوقت. كنت مرهقاً في ذلك اليوم جداً. جنسية هذا الدكتور استرالية، ولكنه باكستاني الأصل، بينما والده باكستاني فقط. ذهبت وأدخلني للمنزل، حيث سلمت على والده، وجلسنا حول طاولة نشرب عصيراً لذيذاً. هذا الدكتور ملتزم، له لحية طويلة ولديه حماس. والده كان ودوداً، ولكن على جانب من التحفظ. خرجنا للصلاة، ولما عدنا خرجنا للمطعم حيث سنأكل. ذهبنا إلى مطعم باكستاني في العليا، وهناك صادفت بعض المحاضرين الباكستانيين من الجامعة!!. كنا نتكلم عن أمور كثيرة، ولكن ليست استثنائية أو غير معتادة. زال تحفظ الوالد مع الوقت. كليهم في غاية اللطف، ولكن شخصياتهم مختلفة جذرياً. يبدو على الابن الذكاء الحاد ولكن صعوبة التأقلم مع الآخرين، وهو يجاهد هذا الأمر بوضوح وذكاء، بينما الوالد أكثر عفوية، وأكثر ثقة، أو لنقل ما يشمل الصفتين؛ أكثر سأم، يبدو أنه يعرف الحياة أو مل من هذه الأشياء الجديدة، كالعشاء مع سعودي. مع كل هذا، استمتعنا، وتحدثنا كثيراً، وسألوني وسألتهم عن الأمور.

حينما انتهينا، خرجنا إلى شخص آخر في مكان قريب، لنأخذ بعض الأغراض منه، ولنرى سيارته التي ينوي الدكتور شرائها. كان الشخص الآخر كندي من أصل باكستاني، خرج لنا، وبدا جافاً، لم أره من قريب، ولكن هكذا بدا من بعيد، وظل يحملق بي بطريقة غريبة، هل كان يفكر بما جلبني إلى هنا؟ بدا شكله أيضاً غريباً نوعاً ما. كان أبيضاً أكثر من المعتاد للباكستانيين، أو لنقل بياض ليس من نوعية بياضهم، وبدا جسيماً كالغرب، ليس جسيماً كالباكستانيين. حملنا الأغراض ومضينا.

عند المنزل أنزلنا الأغراض الصغيرة، ووقف أمامي الوالد، ومد يديه وأمسك بوجهي. استغربت، اقترب فظننت أنه سيقبلني، لكنهم لا يقبلون مثلنا، ففهمت بأنه سيقبل جبهتي، فثنيته، وقبلت جبهته. هذا تقليد جديد لم أره منهم من قبل، ولست أدري كيف يختلفون إلى هذا الحد، فمن المستحيل لكبير أن يقبل رأس صغير لدينا، إنما العكس هو المنطقي.


 

لا يبدو أن الدعوات توقفت، فوجئت بشخص جديد، بريطاني، أصله مصري، ولكنه لا يتحدث العربية. كنت أقوم بالعمل الروتيني له، ولم يحدث أن تكلمنا باسهاب خلال الأمر، وأنا أعمل على ترجمة أوراق توظيفه. هو ملتزم كذلك. حينما فرغنا، وودعني ليذهب، عاد بعد قليل ليسأل عن شيء آخر. أخبرته. قال بأني كنت عون كبير، ويود لو دعاني للعشاء قريباً. ابتسمت وشكرته، ولكنه أبدى جديته، واقترح ستيك هاوس!!. لم أفهم سرعة الأمر، لكنه يبدو طيباً. والآن، لدي كذلك دعوة من دكتور آخر، حدد لها الأحد القادم. لست أدري لماذا صارت الدعوات كثيرة مؤخراً، حيث أني عملت بالجامعة منذ فترة، ولكن منذ أن عدت من الوزارة صارت الدعوات كثيرة، من الناس الجدد على وجه الخصوص.

 

ألا يساوركم الندم أحياناً على المبالغة في ردة الفعل؟ قد يكون للمرء الحق في أن يغضب، ولكن، المبالغة بالغضب غالباً ما تكون أسوأ من الفعل الذي سببها. لم يحدث لي هذا منذ زمن بعيد، ولكنه حدث. في بداية دراستي في الجامعة، غضبت من شخص في منتدى وصف محادثتي مع صديق بأنها سخيفة كمسلسل مكسيكي، فرددت بأن النظر إلى مسلسل مكسيكي من ألف حلقة خير من قراءة سطر واحد له أو شيء من هذا القبيل. استمر السجال، ولكني لا زلت أندم على رد فعلي الشديد والطويل. كم كنت أحمقاً.











قبل اسبوع، رد مدير الجامعة، د. العثمان، على شكاوى القاطنين إلى جوار الجامعة رد غريب. الأمر هو أن بعض أصحاب البيوت إلى جوار مشروع بنائي جديد للجامعة، يحتوي على أداة خلط اسمنت ضخمة، قد اشتكوا للمدير من تلوث الجو المحيط بالغبار الكثيف. ويمكن رؤية هذا دائما عند بيوتهم. وشكواهم مبررة، فالصحة أمر لا يعوض، وقيمة الإنسان أعلى من أي مشروع. ولكن كان رد المدير أن هذا الغبار أطيب من البخور!!. هل لديه مشكلة إذاً أن يستنشقه، أو يبخر به في مكتبه وبيته؟. كم أكره القسوة، وعدم المبالاة بمشاعر الآخرين ومخاوفهم. قد لا يمكنه إيقاف المشروع، ولكن، بدلاً من تجاهل مشاعرهم، والرد بهذه الجلافة التي لا تليق بمدير جامعة، وبدلاً عن التعالي هذا والأنانية، ألم يكن يمكنه الاعتذار والتخفيف من حدة الأمر؟. لو كنت في مكانه، لدعوتهم إلى الجامعة أو زرتهم في منزل أحدهم، وشرحت أهمية الأمر واعتذرت عن الازعاج، وعرضت خدمات المستشفيات الجامعية والمعاملة الخاصة لهم فيها، وكذلك مرافق الجامعة، وإن لم هناك مرافق تستحق الذكر.

طبلت جريدة الجامعة لكلام المدير بطبيعة الحال، وطبل أحدهم بمقال هذا الأسبوع، وكأنما قال المدير خلاصة حكمة الزمان ودرته التي لم يأتي أحد بمثلها. مع الأسف، كلام المدير يمثل الجامعة كلها، ويظهرها بمظهر الجهة القاسية اللا مبالية بالمجتمع الذي يحيط بها، رغم شراكتها المجتمعية المزعومة. لقد استفحل أمر هذا المدير برأيي، وصار يظن أنه يمكنه جرح المواطنين وتجاهلهم، وكأنه أفضل منهم وأعلى. أتساءل على ماذا سيتجرأ في المرة المقبلة؟ في سعيه المحموم للبروز ولفت الانتباه، لا يمكنني تخيل غير الأسوأ.
 

بالمقابل، يوجد مدير جامعة الإمام، الدكتور أباالخيل. بعض الناس، خصوصاً الملتزمين، متحفظين تجاهه، ولديهم وجهة نظرهم ذات الأساس بالتأكيد. ولكني أرى بأنه جيد من جهتي، وفعال. تحفظ المتحفظين تجاهه سببه توجهه إلى توسيع مجالات الجامعة، وهي جامعة إسلامية بالأساس. من وجهة نظرهم أنها يجب أن تركز على العلوم الإسلامية والعربية، كمجال تخصص. ولا أعتقد أن التخصص شيء سيء، على العكس. ولكن بعض التوسع لا يضر، خصوصاً إذا لم يسلب الأصل الإهتمام. فعندما أرى أن المدير أهمل مجال الجامعة الأساسي، سألومه. كذلك، أرى بأن تركيز الجامعة على تطوير العلوم الإسلامية، أو الشق الإسلامي من العلوم، هو شيء رائع ومطلوب، كالتركيز على أبحاث الطب النبوي، وهذا بالإضافة إلى نفعه للبشر له فائدة دعوية كما أتصور. ومن جهة أخرى، يجب الاستعداد لفترة مقبلة، قد لا تكون ملائمة لكل طالبي العلم في الجامعات الأخرى. حيث أنك تضمن على الأقل أنه لن يكون في جامعة الإمام اختلاط، فربما رد الاختلاط أحد الراغبين والراغبات بدراسة أحد العلوم الدنيوية عن الدراسة في جامعة مختلطة أو غير مريحة، فتكون جامعة الإمام ملاذ له أو لها. وبحد علمي، ليس ما ذكرت فقط هو سبب التحفظ، فقد سمعت بأنه للمدير وجهة نظر انتقائية تجاه فكر المعلمين في الجامعة. لست ضد الانتقائية، لكن هل انتقائيته ظالمة؟ هل قلصت فرص أناس جديرين بالعمل بالجامعة؟ لا أدري، ربما هم أدرى، أو ربما مقاييسهم مختلفة عن المطلوب.

 

ظهر الاثنين في مقابلتين منفصلتين قبل شهور في جريدة الشرق الأوسط. شتان بين الأثنين وأسلوبهما. مدير جامعتنا ظهر بدون شماغ، محاولاً الظهور بشكل شاب، وكانت محاولة فاشلة. بدا شكله مثيراً للضيق بحد ذاته. ولكن إن نظرنا إلى مدلولات الأمور، فمن وجهة نظري كان ظهوره بهذا الشكل قرار سيء. إنه يمثل الجامعة، إنه ليس شاعراً، ليس ممثلاً، ليس ثري في مقابلة شخصية. ولكنه ينسى هذا، وأثبت وجهة نظري في المقابلة، التي تقول أنه يمثل نفسه بالمقام الأول، حسب فهمه، أو رغبته. إن إفراطه بالظهور، وتصيد الثناء لنفسه والقبول به، وحجب صورة الجامعة خلفه، لا يدلان على أن مصلحة الجامعة هي الأولى. طبعاً، الله أعلم، لكن هذا ما أتصوره.

كانت مقابلة مدير جامعة الإمام معبرة عن مدير واثق رصين لجامعة واثقة رصينة. كانت ردوده قوية وسديدة، وجريئة تجاه أحد الأسئلة. تذكرت وأنا أقرأ مقابلة مدير جامعتنا، حينما سألوه عن موقف محرج أو مضحك مر به، فأعطاهم موقف ثقيل ظله، يظهره بمظهر البطل بالنهاية.

 


منذ أن كنت صغيراً وأنا أتساءل عن نور الوجه. أشعر بأني أعرفه، وأعتقد أني أراه على وجوه بعض الناس، لكن، ما هو بالضبط؟ هل هو الشعور بالراحة تجاه شخص معين للشعور بطاعته لله؟ أم أنها طلاقة الوجه المقترنة بحسن الخلق؟. كنت أتحدث كالعادة مع زميلي العزيز الملتزم الكبير. قال بأن وجهي له نور، مما استرعى انتباهي، أضاف بأن بعض الناس يبدو النور على وجوههم حتى لو قاموا بطاعات قليلة، عكس الآخرين. ابتسمت، وأخبرته بأن أشخاص هندوسيين أخبروني قبل فترة بسيطة بأن وجهي منير، وكان هذا مفاجئاً. ما فكرتهم عن نور الوجه؟ كما أن المسلم لا أتصور أن بإمكانه أن يرى نوراً في وجه غير مسلم، فالنور مقترن بمرضاة الله. شكرتهم بطبيعة الحال. أعتقد بأنها ربما كلمة تقال عندهم للمجاملة، قد يكونوا متأثرين بالمسلمين فيما يخص المفهوم.

 
 

بذكر الهندوس أعلاه، لنا فكرة وتجارب واضحة مع النصارى، وهم أول الكفار الذين قد يخطرون على بالنا، لكن الهندوس؟ إن صورة النصارى ليست بسوء صورة الهندوس، رغم أنهم برأيي أخطر من الهندوس. ربما أشعل كراهيتنا لهم مجموعة أحداث أليمة، كإحراق المسجد البابري، وتلك الاصطدامات مع مسلمي الهند، هذا بالإضافة إلى غرابة دينهم، وسذاجته من منظور الأديان السماوية. قرأت عن ديانتهم، ووجدتها، ككل دين أتصوره، تحض على الفضيلة والشرف والطيبة، ولكن الممارسات والأفكار الوثنية صعبة الفهم. أعتقد بأن لديهم فكرة عن الله، أو كان لهم في وقت ما. سمعنا الكثير من السوء عنهم، ووصموا دوماً بالقذارة، والحقد وحب أذية الغير. لم اتعامل معهم قبل عملي في الجامعة. كان أول هندوسي أتعامل معه باحث هندي اسمه سبود. وهو يبدو من طرفه على بعض التحفظ والخوف، ولكنه بعد فترة من قدومه بدا عليه الارتياح. وجدته إنسان ودود ولطيف، لا يكثر من الكلام، ويقدر المجهود، ويقدر ظروف العمل. كان لأصدقائي الهنود المسلمين تحفظ حين ذكره، ولم يبدو أن له صداقات من بينهم، رغم أني رأيت علاقات أطيب بين الهنود المسلمين والهندوس الأكبر سناً لدينا بالجامعة. يبدو أن الأمر يتجه للأسوأ لديهم بالنسبة للأجيال الحديثة.




تعرضت اليوم إلى حادث سيارة. اليوم هو الأربعاء، وقد تعرضت له بالصباح، وأنا ذاهب إلى العمل. كنت أمشي بوسط الحي حينما وصلت إلى شارع كبير، يفصل حيناً عما يسميه البعض حي الدكاترة. فوجئت بسائق يعكس السير مسرعاً، ورغم أني أشعر بأني لاحظته بوقت كافي، وحسبت للحظات أنه يوجد أمل في أن لا أرتطم به، إلا أني ارتطمت، وخطر ببالي مباشرة نسياني لربط حزام الأمان، إذ ارتطم رأسي بالزجاجة الأمامية. سبحان الله، حينما نسيت الحزام... شعرت بصدمة بالبداية، وأمسكت رأسي غير قادر على التفكير أو استيعاب ما جرى تماماً، ولكن ما استوعبته فقط أن هذه اللحظات طبيعية، وانتظرت الافاقة منها بوعي (!!) وذلك بسبب خبرتي بالتعرض لحوادث السير. تحسست مكان الارتطام برأسي، ولم أجد دماً. جيد. جاء السائق يسلم علي ويطمئن، ابتسمت له حتى لا أخيفه، لم يكن هناك الكثير ليقال، فقد كان خطأه واضحاً. اتصلت بمديري بالعمل لأخبره بأني سأتأخر. ثم بوالدي لأخبره بما جرى، فقد يمر عرضاً ويرى الأمر ولا يفهم، وهو كبير بالسن الآن ويجب أن تكون الأمور واضحة وبهدوء. ثم اتصلت بالمرور، الذي أعطاني رقم شركة نجم، وهذا نظام جديد يسار عليه في بعض الحالات على ما أفهم. اتصلت بنجم وردت علي فتاة، أخبرتها بالأمر وأرسلت إلى موظف ليقيم الحادث. شعرت ببعض القلق، رغم علمي بأن الخطأ على الآخر بالتأكيد، ولكني قلقت لانتهاء استمارة سيارتي، وماذا لو ظلمني الموظف ووضع علي نسبة خطأ؟ فتأميني لم أجدده من زمن بعيد... يا سبحان الله، والله إني مؤخراً كل يوم أتذكر الأمر وأخبر نفسي بأني يجب أن أستعجل، أشعر بأني سأمر بحادث. توقفت سيارة دفع رباعي، وذهب السائق ليحدث صاحبها، وأعطاه أوراقاً. علمت أنه كفيله، ولكن، لماذا لم ينزل ليسلم، ليحمد الله على السلامة كما تقتضي اللباقة وحسن الأدب؟ لم يسلم حتى من بعيد، فكرت: أيا الخثقه. جاء موظف الشركة، وقد كان شاب سعودي أنيق وحسن المظهر، وعملي كذلك. سأل بضعة أسئلة وقيم الأمر وأخذ صور للحادث، وجاء كفيل السائق، وصافحه، وصافحني، شعرت بأن يده الكبيرة أشبه بالعجين، شيء غريب. حينما ابتعدت، حيث كنت أعود إلى سيارتي لأضع علبة مشروب باردة على جانب جبهتي، جاء كفيل السائق وتجادل مع الموظف. لم أقترب. بعد وقت طويل ابتعد وركب سيارته ومضى. أخبرني الموظف الشاب أن الرجل غاضب جداً. سألت إن كان يطلب أن أتحمل الحادث؟ صمت الرجل. فكرت بأن الأمر ربما هكذا، ربما أراد أن أتحمل 10 أو 20%. أخذت مظروف من الرجل، وانتظرت المرور الآن. انتظرنا، وجاء السائق إلي، وقد كنت آكل من الشوكولاته التي معي، فأعطيته واحدة، رفض بخجل، ولكني أصريت فأخذها. لم يطل الآمر حتى جاء المرور وأخذه، وعدت إلى المنزل بسيارتي، حيث وجدت أمي قلقة، إذ أخبرها أخي كاذباً بأن الدم نزل من رأسي، وطلبت أن ترى الدم! أخبرتها بأنه لم ينزل دم! تعوذت من الكذب وأخي يضحك، ثم سألت بقلق إن كن النساء قد أصبن بمكروه؟ قلت لم يكن معه نساء! تعوذت من الكذب مرة أخرى وأخي يضحك. على أي حال، نظرت إلى جبهتي وتساءلت لماذا لم يضعوا عليها شيئاً؟ قلت من؟ قالت المرور!! ضحكنا أنا وأخي، تخيل رجال المرور الأجلاف يتعاملون بهذه الرقة. 


هذه صور في موقع الحادث لسيارتي:









في الصورة الأخيرة مؤخرة السيارة، لم يصبها شيء، لكنها جميلة حقاً.






لم يظهر التعب بوضوح إلا بعد فترة، حيث اصبت بصداع، وغثيان بالعمل، وبدأت ركبتي ورسغي يؤلمانني.


 

الانترنت فاشل هذه الأيام في المنزل، كتبت بعض الأمور، وفوجئت بأنه لم يتم حفظها، أكتب حالياً على جوجل دوكيومنتس، وهو برنامج رائع جداً، يغني عن الوورد أو المايكروسوفت أوفيس ككل. لكن، عمله في حال انفصال الانترنت غير جيد، حيث لم أتمكن من تفعيل هذه الميزة على جهازي. ربما في الجهاز القادم إن شاء الله.


 

ذهبت لتقدير اضرار السيارة. وتركتها بعد ذلك لدى الميكانيكي السوري الذي أثق به. لم أكن مبتئساً، ولكن لا أدري لماذا شعرت بالضيق في ورشته، رغم أنه استقبلني جيداً. استدعى لي السمكري، وفهمت أنه فاصله، وقال بأن آخر ما وافق عليه هو ألف ومئتين، ثم ألف ومئة. وقال بأنه أمامي الآن، وبوسعي مفاصلته. لم يكن بي جهد للمفاصلة، ولا أدري ما أقول. حككت رأسي وسألت السمكري الباكستاني، هل يمكنك أن تخفض أكثر؟ أنزل مئة ريال. انتهينا هكذا. ذهبت لاحقاً إلى الوكالة، وسألت عن القطع المطلوبة، علمت بأن المبلغ المقدر لن يغطي الإصلاحات، وأني سأدفع من جيبي حتى لو استلمت المبلغ كاملاً. وكلت أمري لله، فأنا كنت قد قررت مسبقاً بأن لا آخذ المبلغ كاملاً من الرجل. اتصل الرجل في اليوم التالي، وسألني عن التقدير، أخبرته، قال بأنه على استعداد أن يدخل سيارتي مع سيارته بنفس الورشة ويصلحها هناك على حسابه، لأنه يعتقد بأنهم يبالغون بتقديراتهم! وبين بأنه يصلح سيارته بورشة جيدة، فهي موديل 2008. أو، استدرك، يمكنني أن أقوم بما اقترح أمس، يقصد أن أخصم من المبلغ المطلوب. ثم عاد ليتكلم عن إدخاله سيارتي مع سيارته ويحاول إقناعي، ولم أخبره بأن المبلغ المقدر أصلاً لا يكفي للإصلاح، لماذا أكثر الكلام؟ قلت له ما يصير الا خير إن شاء الله. طلب مني أن افكر وأخبره. لم أتشجع لموضوع إصلاحه لسيارتي وإشارفه على الأمر، ولكني سألت أخي على أي حال. وافقني. أعتقد بأني سأخصم فقط من البلغ، وأنهي الأمر. قال لي اليوم أحد الزملاء بأن لا أخصم، فهو، أي الخصم، جنوبي، وعلى الأغلب أنه عسكري ويملك المال. فكرة مضحكة، ولكن لا يهمني لو كان الراجحي، إني لا أخصم لأنه فقير، فمن الواضح أنه مقتدر، إني أخصم لأجل نفسي، وحيث أنه طلب ذلك، وهو جار في نفس الحي بالنهاية. 









ماذا بوسع المرء أن يقول، وهو يشعر، أو شعر أخيراً، بأنه مسير أكثر مما هو مخير، من جهة. اخترنا الإيمان، وآمنا بالله ورسوله، ولكن، ما بالي أشعر بأن الاختيار انتهى هنا؟. وكأنما يسير معي شخص، بموازاتي، حتى إذا رأيت درباً مختلف، أو باباً مفتوحاً، سبقني ووقف في دربي، ولم يعد لي خيار إلا أن أتابع. هل هو القدر؟
ما هذه السخافة...

 

أعتقد بأني أطلت كثيراً هذه المرة دون نشر، يعود هذا إلى الأحداث الأخيرة، وسوء أحوال جهازي بالمنزل. أخذته قبل أمس إلى محل الإصلاح في حينا، وهو محل شهير وممتاز، تفحصوه، وأصلحوا بعض العلل، وصار أسرع بكثير، صار ممتازاً بقدر ما يمكن إصلاحه، لا يشمل هذا البطارية، ولهذا لا أستطيع أخذه للعمل خارج المنزل. ولكن، اخترت الآن الاحتفاظ به وعدم شراء جديد، إلا حينما تنزل الأجهزة ذات برنامج تشغيل كروم من قوقل، حيث سأشتري نتبوك، لغرض العمل خارج المنزل، إن شاء الله.

 

يوجد زميلين هنا، لم يكونا موجودين قبل خروجي من الجامعة، ولكني وجدتهما حينما عدت. يبدون اهتماماً بالتعرف علي. كلاهما طيبان، وتربيتهما ممتازة. لست متعاوناً كثيراً بطبيعتي مع الأسف، أو، لم أعد متعاوناً منذ فترة طويلة الآن. مع ذلك، غمراني باهتمامهما، ووجدتهما مريحين. قال أحدهم بأني الوحيد الذي يمكنه التواصل معه، الوحيد الفاهم!. الآخر أصغر سناً، وأكثر خجلاً، يعطيني الكثير من الابتسامات والعبارات اللطيفة. قال الأول ذات مرة، يجب أن نتقابل خارج العمل، هكذا قال. ماذا تحسبون أني فعلت؟ قلت: نعم يجب ذلك. لم أدفع الأمور أكثر كما يقتضي التهذيب. شعرت أني غبي. لم يحدث هذا إلا بعد عدة أيام. وبعدها بقليل جاء الآخر، الأصغر سناً، وطلب رقمي. اتفقنا ان نلتقي مساء الاربعاء الفائت، اليوم الذي تعرضت فيه لحادث السيارة. اتفقنا على اللقاء في كوفي شوب، على النمط التقليدي، حيث تقدم القهوة العربية. حينما وصلت المقهى، دخلت من الباب الزجاجي وإذا برجل غريب، يجلس على طاولة صغيرة مع أحدهم أمام الباب تماماً وبقربه، يقف، ويمد يده لمصافحتي. بدا شكله شديد الغرابة. سألني إن كنت سعد الحوشان؟ قلت بأني هو. وسألته من يكون؟ رد بسؤالي عن المتوسطة التي درست بها؟ قلت: ابن الحاجب. قال: هل تتذكر بدر؟ شعرت بأن الدم يندفع منعشاً إلى رأسي الجامد، وضحكت مباشرة. تكلمنا وتسائلنا عن أحوال بعضنا، قلت بأنه تغير كثيراً، وهو بالفعل، شكله لا يمت بصلة إلى شكله في المتوسطة. قال بأني عكسه، فلم أتغير مطلقاً، إذ عرفني منذ أن رآني مقبل من خارج المقهى، لم يتغير بي سوى أنه نمى لي شعر في وجهي!! ضحكنا. بدا أنه حقق نجاح جيد في حياته ما شاء الله. ذهبت إلى زملائي. ثم خرجنا إلى مطعم، لم يكن سيئاً ولا جيداً، ولكن هناك، اكتشفت بأنهم، أي زملائي، يتعاملون بالدفع على الطريقة الامريكية. أي أن يدفع كل شخص عن طعامه. هذه طريقة لا أؤيدها، لأنها تتعارض مع عاداتنا، وتظهرنا بمظهر أناني. ليس أني أعتقد بأنه على شخص واحد أن يتحمل كل المصاريف، مع أن هذا ما كان يجري بيني وبين أصدقائي، ولكن أضعف الأيمان برأيي هو العمل بمبدأ معروف لدينا، وهو أن يدفع كل شخص ما يقدر عليه. لماذا أقول هذا؟ لأنه بهذه الطريقة الكل سيأكل ما يعجبه، أو يكفيه مجمل المال، ولن يختلف ما يأكله شخص عن آخر في المجموعة، أما على الطريقة الأمريكية، فقد لا يملك أحدهم المال الكافي، هل يطلب ماء وخبزه مثلاً لأن هذا ما معه اليوم؟ بينما، الآخرين يأكلون أنواع مختلفة من الأطباق؟ أو هل يطلب ساندويتش بـ10 أو 15 ريالاً، بينما الآخرين يطلبون ستيك بضعف أو أكثر من صعف السعر؟ أليس من الأجدر مثلاً أن يأكل الجميع شيء بالمتوسط؟ أن يأكل جميع الأصدقاء أو الجلساء أكل متماثل من حيث القيمة؟ لكني عموماً لم أقل شيء من هذا، فتلك هي أول مرة أخرج معهم، ولكني كنت دائماً أعبر عن رفضي لهذه الطريقة الدخيلة، والجشعة، لمن يتكلم عنها.

ولكن بكل الأحوال، استمتعت بمجالستهم إلى حد جيد. والخروج مع ناس بهذا الشكل لم أقم به منذ زمن بعيد.

حينما افترقنا، خطر في بالي بأني استمتعت، ولكن، شعرت بأني لا أدري إن كنت أريد أن أكرر الأمر قريباً، لماذا؟ فقد كانوا ممتعين ولطفاء، ولكن، العلة بي أنا. أعتقد بأني اعتدت على الوحدة. أعتقد أني اعتدت على الخروج لوحدي، والأكل لوحدي، والقيادة لوحدي. حتى حينما كان لدي أصدقاء حقيقيون، بمفهوم هؤلاء الزملاء، لم أكن أراهم إلا فيما ندر، تمر شهور أحياناً دون أن أراهم، لتقصيرهم على وجه العموم، ربما باستثناء فراس، لكن لتقصير الآخرين وأنانيتهم، ولكني اعتدت في ذلك الوقت.

لكن رغم كل شيء، أرى بأن ما يجري لي هو مثل المعدة التي اعتادت على قلة الطعام، وصارت تأنف كثيره، حتى تتعود من جديد.

 

فاجئني أحد هذين الزميلين أمس، وهو الصغير الخجول، إذ اتصل وقال بأن لديه بطاقات دعوة لمعرض السيارات الفاخرة في فندق الفور سيزنس، وهو معرض لأول مرة أسمع عنه. قال بأنه يود لو ذهبنا معاً. بعدما انتهيت من أمر دفع ثمن قطع الغيار للوكالة اللصوصية عبداللطيف جميل، عدت إلى المنزل ولبست غترة وخرجت للقاءه قرب برج المملكة، حيث الفندق. لم أشعر باهتمام كبير لأن اهتمامي بالسيارات محدود ومحصور بمواصفات معينة، ولكن، قدرت اهتمامه كثيراً. ومن الجيد أني ذهبت، إذ استمتعت جداً. هناك، توجد الماركات المعروفة، التي لا تثير اهتمامي، مرسيدس، بي إم دبليو، رولز رويس، كاديلاك، رينج روفر، والكريهة لكزوس، وغيرها. ولكن، يوجد سيارات فاخرة، من ماركات مجهولة هنا، بعضها تصنع يدوياً، وأشكال بعضها تعبير واضح عن الفن، وقد فوجئت بأن بعضها يوافق ذوقي بشكل مذهل، رغم أن الكثيرين اعتبروها غريبة إلى حد غير مقبول. تحجج زميلي بأن قيادة هذه السيارات مستحيلة في شوارعنا، فضلاً عن أن الواحدة بملايين الريالات. أخبرته بأن الأمر لا يتعلق بشرائنا لهذه السيارات، أو قيادتها هنا، إني أجد نفسي هنا أستمتع بتقدير هذه السيارات كفن وهندسة وميكانيكا، أقدر جمالها وذوق صانعيها، واختلافها المطلق عن أي شيء معروف، ولا علاقة للأمر بالنسبة لي بامتلاك هذه السيارات، أو عمليتها في شوارعنا، أخبرته بأني أجد الأمر كمعرض للفن بالمقام الأول. مع ذلك، وللأسف، كان الناس مهملين تجاه هذه السيارات الفنية الرائعة، كان يطلعون عليها بلا مبالاة كبيرة، وبسرعة، وأحياناً باستهتار، ويمضون إلى سيارات مألوفة، يمكنهم رؤيتها في أي معرض، لا فن حقيقي فيها فيما يخص الرفاهية الكلاسيكية والقوة المستمدة من اللمسات الإنسانية والحضور المميز. لم أستطع تفسير رد فعل الناس، ولا حتى قلة اهتمام زميلي النسبية ومحاولته جرنا إلى مرسيدس ورينج روفر، وقد أحزنني الموقف بعض الشيء، أعني موقف غالبية الناس بشكل عام. ما المميز بجعل كل شيء إلكتروني في السيارة؟ ما المميز بملئها بأزرار تتحكم بالتكييف والستائر؟ أو شاشة منزلقة؟ ثم ماذا؟ من هذا الاتجاه، يمكنك توقع التوصل إلى أي شيء، فالإلكترونيات في تطور لا هوادة فيه، لكن، ماذا عن اللمسات الإنسانية؟ ماذا عن، إدماج قائد السيارة، مع السيارة، بدلاً عن تركه مجرد مرفه بالداخل، تحت رعاية السيارة؟ استغرب زميلي اهتمامي الزائد بتلك السيارات الفنية، وتدقيقي على الشكل الخارجي وبنيته، والتصاميم الدخلية. ولم يبد عليه الاهتمام والفهم لوجهة نظري حينما رأى أني ذهلت وأعجبت بشدة بوجود أحزمة جلدية على سطح سيارة إيطالية. قدرت أن الأمر هامشي ربما وأنا لا أعلم. 

وقفنا أمام سيارة، لم يوجد مقبض لفتحها، فجاء شاب سعودي، علمت لاحقاً بأنه مدير التسويق بالوكالة، كان مثلي، لا يعرف كيف يسفط الغترة جيداً، وطلب منا أن نخمن كيف تفتح السيارة؟ ابتسمت وقلت: يمكن ما تفتح الا لعيال النعمة. ضحك زميلي، ولكن الرجل أخذ على حين غرة، علق تعليق لا معنى له بالبداية، ولكنه قال بسرعة: لا وش دعوى، انتم ما ناقصكم شي. شكرناه، وفتح لنا السيارة بطريقة غريبة.

كانت هناك سيارات تجمع باليد، ألمانية، اسمها ويزمان، وشعارها وزغ فضي. بالبداية، بدى الشعار مضحكاً لي، ولكن في وقت لاحق، وجدت نفسي مفتون به!! شكله بديع، وهو غير مقرف كالوزغ الحقيقي، لكنه له وقفة إبداعية على جسم السيارة. هاهو:

 

كان أكثر العارضين لهذه السيارات رجال لبنانيون. كان من الواضح أن لا رجاء في شرائنا لشيء، ولكنهم كانوا غاية بالتهذيب، ولم يتجاهلونا بأي شكل. أحدهم أعطانا كروته الشخصية حتى!!. وجدته ينظر إلي مبتسماً حينما لاحظ الأماكن التي أتفحصها بالسيارة، دون اهتمام كبير بركوبها. لاحظت أن الآخرين ينظرون إلى أشياء مختلفة عما أبحث عنه في هذه السيارات، وبالواقع، أعترف بأني أساساً غير خبير بالسيارات، وربما من هذا المنطلق كنت أتفحص الأماكن غير المهمة بنظر الآخرين، غرضي فني.

  

ذهبنا للسيارات التي يريد زميلي، وركبنا بها. أخبرته بأن هذه السيارات لا تثير اهتمامي، بغض النظر عن السيارات الفنية الأخرى، كنت أتكلم عن الاستخدام الفعلي هذه المرة. أخبرته بأن المرسيدس والرينج روفر ليست من النوع الذي أشعر بأنه يلائمني، شرحت له أني أحب الطابع الأوروبي للسيارات، لكن، ليست كل السيارات الأوروبية لها الطابع الذي أبحث عنه، هذا الطابع أجده فقط في السيارات الفرنسية والإيطالية والاسبانية. أخبرته بأني أحب رينو، أحب بساطتها واللمسات اللطيفة والإنسانية فيها. قال بأنه يعلم بأني أختار أشياء مختلفة، قالها بطريقة أضحكتني، حيث حسبته يسخر مازحاً، ولكنه أضاف بجدية بأنه يعتقد بأني مختلف عن الجميع هنا، خياراتي وآرائي مختلفة عن الآخرين، وأضاف؛ ما شاء الله.
لا أدري كيف توصل إلى هذا الانطباع، إختلافي عن المجتمع، فلا أتصور بأنه يعرفني جيداً. لكن، حينما قال هذا داهمتني ذكرى. تذكرت زميل لي في أول مستوى للجامعة، حينما كنت شهيراً على مستوى القاعة بالظرف وخفة الدم (تخيلوا!!). كنت أمشي معه وعلقت تعليقاً مضحكاً، ونحن خروج من القاعة، ضحك وقال بأني مختلف. استغربت التعبير، فالكثير من الذين حولنا كانوا يلقون النكات، سألته كيف؟ قال أنه لا يدري، لكنه يعتقد بأني مختلف عنهم جميعاً. لم أره بعد ذلك المستوى، وقد احترت كثيراً حول اختفائه. كان اسمه محمد، أتذكر شكله جيداً، أتذكر أنه من الجنوب، لكني فكرت كثيراً بما انتهى عليه أمره، ولم أعلم.

هذه صور لبعض السيارات التي اعجبني تصميمها:



هذه السيارة الرمادية أجمل باللون الأبيض والحدود الحمراء بالصورة المعروضة



القير هنا مرتبط بماسورة ظاهرة فضية مثل لونه، تدخل مباشرة بالمكينة، ابتكار جميل ويبدو كلاسيكي بنفس الوقت، ويعطي شعور بالتحكم والاندماج برأيي







قبل أيام، وبينما كنت أعمل واقفاً، اشرح لأحدهم إجراء ما، مر طبيب حجازي، كان قد وجه إلي إهانات قاسية وغير مبررة في مقابلة شخصية، أثارت استغراب الدكتور الآخر في المقابلة، الذي بدا أنه يفضلني ويعجبه أدائي. كان قد اختفى منذ فترة، أعرف هذا لأني أعرف أين تقف سيارته بين سيارات الأطباء، فهو المختص بزراعة الكبد في المستشفى الجامعي، وكنت أرى سيارته كلما ذهبت إلى المستشفى من عملي لأي سبب، وما أكثر ما أذهب، واحياناً، كنت أراه، ويراني، ويصد سريعاً عني، مع أني لا أعتقد أنه يتذكرني. حينما رأيته قبل أيام، وجدته يعرج بشدة، ليس العرج الذي يحدث نتيجة ألم عابر أو مشكلة بسيطة. تسائلت عما جرى له؟ كان مشيه مثير لانتباه الناس لشدة عرجه. لم أكن لأتسائل كثيراً لو لم يوجه إلي إهانة جعلت حضوره بالنسبة لي شديد الوضوح، لكن، حتى لو لم أعرفه من قبل، لشدتني طريقته بالمشي.






اليوم، ذهبت وأختي لحل مشكلة في شيء اشتريناه قبل فترة، أو لأكون دقيقاً، مشكلة في شيء جاء كهدية مع بضاعة اشتريناها. كانت الهدية عبارة عن لوحة عرض للبروجيكتر الذي اشترته أختي. اشتريناه من اليكترو في طريق الملك عبدالله قبل اسبوع. وبعد يومين أو ثلاثة اكتشفت اختي أن اللوحة التي جائت هدية مكسورة. أعادتها لهم، وقالوا لها خدمة العملاء بأن الأمر بسيط، ووجهوها إلى المسئول عن القسم الذي اشترينا منه. كذب ذلك الشخص على أختي، وقال بأن المهلة التي يهتمون فيها بالبضاعة انتهت، وتظاهر بأنه اتصل بوكيل اللوحة، وقال لها أن تذهب إليه. ذهبنا اليوم أنا وأختي إلى الوكيل، وبعد جهد جهيد وصلنا إليه، وهناك، أخبرونا بأنهم ليسو وكلاء اللوحة!! عدنا إلى الكترو. شرحت الحكاية لخدمة العملاء، ووجهوني إلى مقابلة المدير، الذي وصفوه بالمتفهم والطيب. دخلنا مكتب المدير، وكان هناك شخصين لا أدري أيهم المدير، يجلس على المكتب فلبيني، بينما يجلس أمامه سوري بدين في أواسط العمر. دعانا السوري للجلوس بلطف. جلسنا وشرحت له الأمر. شاور الفلبيني، ثم أخبرني بأن آخذاللوحة إلى قسم الصيانة، وسيقابلني هو هناك. أتيت باللوحة، التي حملها صعب ومجهد لضخامتها وثقلها. عند الصيانة، انتظرنا لوقت طويل دون أن يظهر. بينما بدى أن الموظفين يحاولون إحباطنا، والإشارة إلى أن الوقت تأخر على اهتمامهم بالأمر، حيث انقضت المهلة أمس. أخبرتهم بأنهم هم من ضيع وقتنا وهم من يتحمل المشكلة. ذهبت أبحث عن المدير، في المكتب، في خدم العملاء، لم أجده. مللنا الانتظار. أخيراً رأيته صدفة، وذهبت إليه. أخبرته بأننا انتظرناه مطولاً، وضاع الوقت. سأل لماذا لم أناده؟ أخبرته بأنه قال بأنه سيأتي بنفسه. أنكر (سوري...) وقال بأنه كان بالمكتب، أخبرته بأني بحثت عنه هناك مع ذلك ولم أجده! تورط وشعر بالإحراج، وطلب ما يطلبه العرب الأجانب دائما، أن لا أرفع صوتي، فهو يريد خدمتي!! أخبرته بأني لم أرفع صوتي، ولكني لا أسمح له بإلقاء اللوم علي لأنه تأخر!. قال متشكياً بأنه يعامل الناس بكل طيبة ولكن الناس "ينطون عليه". كان يبرر قلة حرفيته بالعمل واستهتارة بأنه مؤدب، فإذا كان مؤدباً لا يجب عليه أن يعمل جيداً، وبالواقع، ليست هذه فكرته وحده، يوجد الكثير من الناس الذين يعتقدون هذا، هل هم أغبياء؟ أي، هل لا يستطيعون القيام بشيئين بنفس الوقت؟ أن يكونون مهذبين وفعالين في عملهم بنفس الوقت؟؟ أخبرته بأني لم أنط عليه، ولكنهم أضاعوا وقتنا منذ أيام بما فيه الكفاية، وأنا من الأساس لم أرفع صوتي. استفزه اصراري على نقطتي، وبان الطبع السوري على أصوله، حينما قال بأنه سيبدلها لي، ولكنه يريدني أن أثبت له بأنها انكسرت من عندهم! وأوضح بأنه يمكنه أن يفعل هذا معي! قلت بتوتر وغضب: أجل كل هالتأخير واللف والدوران عشان توصل لهذي النقطة من البداية؟ فوجئ بردي، وأوضح بأنه يريد فقط أن يخبرني بأنه يستطيع أن يفعل هذا! وأنه سيستبدلها. بدا متوتراً جداً، أجبت بغضب لم أستطع كبته: يعني بس تبي تتمنن؟؟ تبي تتمنن علينا بحقنا؟ فقلب وجهه إلى الجهة الأخرى وهو يرى الأمور تسير من سيء لأسوء، بفضل غبائه ورغبته بالانتصار لنفسه، رغم أنه هو المخطئ. دفعت علبة اللوحة بيدي على طاولتهم، وقلت: خلوها لكم! ما نبيها أصلاً!. مضيت فذكرني موظف مصري يقف معنا بفاتورتي، فمددت يدي إليه لآخذها، ولكنه أبعد يده وطالبني بالبقاء، وقال بأنه يريد أن يرضيني، فمددت يدي بقوة وبجلافة، وخطفت الفاتورة من يده بعصبية لم أستطع السيطرة عليها، إذ استفزني ابعاده الفاتورة عن يدي، وقلت: لا ترضيني! وأخبرتهم بأن الأمر لن ينتهي هنا. ومضيت. قبل خروجي ذهبت إلى المدير الفلبيني، وأخبرته بأن سوء المعاملة الذي تعرضت له لن يمر مرور الكرام. حاول الاستفسار أكثر ولكني مضيت، لم يلحق بي، رأيته وأنا خارج يحادث أحدهم لا أعتقد بأن له علاقة بالموضوع. حينما خرجنا لحقنا الموظف المصري جرياً، ونادانا. قال بوضوح بأنه سيستبدلها لي، وأنه يعتذر عن المعاملة. دخلنا، ووجدنا الموظف الذي كذب على أختي وابنها، وكلمه المصري، وكذب مرة أخرى! يبدو أنه يمني. قال الموظف المصري أن ذلك الموظف هو من سيتحمل تكاليف القطعة. جر العلبة حتى باب المعرض لنا ونادى عامل ليحملها، واعتذر. قلت له: قل لمديرك الدب أنه ما يقدر ياخذ الناس بالمنة! هذا حقنا ولا له منه بشيء. بدا أنه سيضحك لجزء من لثانية على قولي: الدب. ولكنه كرر اعتذاره. وشكرته أختي على حسن تعامله، وخرجنا.

لن أشتري من محلهم أي شيء بعد الآن. حتى لو حصلت على حقي بالنهاية، المهم، كيف حصلت عليه؟ لم يذخروا وسعاً بإهانة كرامتنا أصحاب إلكترو، ولن أنسى أنهم متلاعبين وكذابين، فغيري لن يكون بقوتي بالتأكيد، يمكنني تخيل ضعف أختي لو لم أكن موجوداً، وضعف من قد تكون أختي، ومن قد يكون ابنها، أو صديق غير قوي.

إن التعامل مع إكسترا يبدو لي آمن، وأكثر احتراماً، فقد استبدلت من عندهم أمور من قبل، ولم يجري إلا التعامل الحسن والسريع. أما إلكترو، فمنذ البداية يبدو أقل حرفية، والآن، أقل أمانة وأدب حتى.





كنت قد تكلمت عن مدونة مشوقة في وقت قديم، تكتبها فتاة، والمدونة مستضافة في موقع جامعة الملك سعود، حيث أعمل. المدونة بمجملها تناقش أمور فكرية واجتماعية بطريقة ساخرة. ورغم استمتاعي بها بالبداية، وردي عليها بضع مرات، إلا أني وجدت بيئتها بالنهاية غير مناسبة لي، فهي متحيزة، كمواضيع ومتابعين(أو متابعات على الأصح) على وجه العموم، ضد الرجال، وحادة وعمياء في طرح وجهات النظر والتعاطي معها، خصوصاً من متابعة بغيضة هناك، أما الكاتبة، فهي متحيزة بلا خجل من الأمر، رغم أنها مؤدبة وذكية. ويبدو أن الدين ليس هماً كبيراً، ولا أقصد أن يكون الدين هماً لكل مدونة، ولكني شخصياً أجده علامة مريحة. لست أحب المدونات التي تركز كل اهتمامها على الأمور الدينية، فبعض المواقع تفي بالغرض، لكني أحب أن ارى اهتمام المدون بدينه، ولو عرضاً. ورغم أن الكاتبة تبدو عليها الطيبة عموماً، إلا أنه يبدو أنها تجد القسوة أمراً مبرراً تجاه الناس الذين يختلفون عنها بالتوجهات الفكرية، وهذا أمر يحزنني، ولم أجد أنه يمكنني إقناعها أو اقناع الناس هناك بخطأ الأمر بسبب اندفاعهم. كما أنها قاسية بسخريتها، قاسية بانتقادها، جداً، رغم لطفها تجاه من يرد في المدونة حتى لو خالفها الرأي، ولكن حينما تكون لطيفة تجاهك لأنك إنسان ماثل، تكون قاسية تجاه مرايا لأشخاص تتعاطف معهم ولو لم توافقهم تماماً.
ما أعادني إلى موضوع المدونة، هو رسالة تلقيتها قبل أيام من صاحبتها. مرت شهور طويلة جداً منذ أن قررت الابتعاد عن مدونتها قراءة ورداً. فوجئت بالأمر، إذ توقعت بأني كنت هم انزاح. كانت تقول بأنهم افتقدو ردودي، التي لم تكن كثيرة، وهذا ما جعلني أستغرب، وتتمنى أني بخير. واجهت مشكلة في كيفية الرد عليها، هل أشرح لها ماذا أبعدني؟ لم يبدو هذا صحيحاً، إذ سيكون قاسياً مقابل اهتمامها ولطفها، وعليه، استشرت أختي، فاقترحت أن لا أرد. هذا أيضاً بدا قاسياً، فكيف اهمل اهتمامها، بشخص لا تعرف إلا اسمه الأول، ولا تعرف مدونته؟ وهو أنا، سيكون هذا نذالة من طرفي، فكم تم تجاهلي، وكم شعرت بالحسرة والأسى تجاه الأمر، رغم أنها تبدو أقوى من هذه المشاعر، ولو أهملتها، فبالتأكيد لست بأهمية الناس الذين أهملوني، وعليه لن تتحسر، ولكن تظل قسوة. قررت أن لا آتي على ذكر سبب ابتعادي، إنما أشكرها فقط، وامتدح مدونتها. وهذه قسوة، ولكنها أفضل ما استطعت القيام به، فلست أحب ردود الناس علي بهذه الطريقة. هذا أفضل ما استطعته.



سعد الحوشان
 

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009

(حديث نفس)

بسم الله الرحمن الرحيم











بقايا المشاعر، الشيء المخلف عقب صداقة ما. قد تبقى مشاعر طيبة، وقد لا يبقى شيء، ولكن إن بقي شيء من صداقة منتهية، فهي المشاعر، هي آخر ما يبقى، وآخر ما يموت بعد زمن، وإن استغرق الموت فترة، قد تطول، وقد تكون أقرب إلى وهلة. كذلك، هي بداية الصداقة، فلا تبدأ صداقة دون مشاعر طيبة. ولكن لا تقوم الصداقة عليها وحدها مع ذلك، كما يتوهم الكثير من الناس. يوجد مكون أساس، إنه الطقوس. فإن لم يوجد طقوس تمثل الصداقة، فالمشاعر تظل مجرد مشاعر. قد تعيش المشاعر لفترة معينة بعد انتهاء الطقوس، ونسمع بأنها عاشت إلى الأبد، ولكني أتصور بأن هذه حالات استثنائية جداً، إن لم تكن خرافية. ما فائدة المشاعر بلا تجسيد؟، ليس النبل دائماً في الاستغناء عن المادي والمحسوس والمرئي، والاكتفاء بالشعور. إن لم تترجم المشاعر، فلا يمكننا أن نسمي المشاعر بغير اسمها. لقد انتهت صداقاتي منذ فترة جيدة الآن، أو ماتت كما أحب أن أعبر، فهذا يصدق لشعوري. تبلد إحساسي تجاهها بشكل أسهل مما توقعت، تجاه بعضها على الأقل. في بعض تلك الصداقات، كانت المشاعر تحتضر منذ فترة طويلة، طويلة جداً، وارتحت من هذه المشاعر حال توقف الطقوس. في صداقات أخرى، لم أسأل نفسي عن مشاعري، لأني أردت فقط أن أنسى، وأن أعيش. وجدت الراحة، رغم ما قد يحمل هذا التعبير من قسوة، وجدت الراحة دون نوعية الأصدقاء الذين ربما انتقيت بعضهم في زمن كنت أنا فيه مختلف. وجدت الراحة بعدما اختمر شعوري بالاستنزاف في معظم الحالات. بيد أن الحياة حبلى بالمفاجئات، كما كانت دائماً. واجهت اليوم شخص محبب، هو أخ لآخر كان صديق مقرب لدي. هو طالب في الجامعة، وهكذا كان أخوه الأكبر، صديقي في وقت مضى. بدا لي لوهلة بأنه يرجو أن يتفاداني، ولم يكن هذا طبعه. ولكنه رغم هذا سلم علي بود وبتهذيب، وأمكنني أن أرى أنه يحمل لي الود بالنهاية، كما أحمل له. تكلمنا كثيراً، وتساءلنا عن الأحوال. لم يبدو أنه سيأتي على ذكرأخيه. سألت، وأخبرني بأنه ترك الجامعة دون أن يتخرج. أخبرني بأن حاله أفضل الآن بعدما ترك الجامعة. كنت أعلم دائماً بأن الجامعة كانت تشكل عبئ عليه وإشكال كبير، ولكني كنت دوماً أتصور بأن ما بقي قليل، أنه قطع الجزء الأكبر، وستنتهي المعاناة الشديدة بتخرجه. كنت أرجو من كل قلبي أن يقال لي: لقد تخرج الحمد لله. بعدما أخبرني بهذا استئذن عائد لأصدقائه، ومضيت. أكتب الآن، وأنا أشعر بالدمع يتكون بعينيّ. لماذا الحزن؟ لا أدري، كنت أحسب بأنه سيبلي حسناً بعدما افترقت عنه، ولم يخطر في بالي أن أسأل وأرى، كنت مرتاحاً ومتبلداً تجاه كل ما له علاقة بصداقاتي التي ماتت، ودفنتها بلا علامة. لم أعتقد يوماً بأن التخرج من الكلية أهم شيء بالحياة، ولكني حزين على السنوات التي ضاعت عليه. ما باليد حيلة. 







 سعد الحوشان

السبت، 3 أكتوبر 2009

عطر رغماً عن الأنف(أفكار،أحداث،عطور،أكلة)

بسم الله الرحمن الرحيم





تخيل حياتك، أو ما تبقى منها، يمر وأنت تعيش لتتمنى السوء لغيرك طوال الوقت، لترتعش غضباً حينما يأتي ذكرهم أمامك. لست أحب جميع الناس، ولكني لا أتخيل نفسي مشغول بهم أو أخطط وأنتهز الفرص طوال الوقت لأوجه إليهم الإهانات أو أسعى لسوء حظهم. إن هذا يضيع على الإنسان فرص كثيرة في حياته.







اليوم آخر يوم عمل قبل إجازة العيد. رغم أني جئت اليوم متأخراً إلى العمل، إلا ان الوقت مع ذلك شديد البطء. لست أفكر بيوم العيد بقدر ما أفكر بثاني يوم للعيد. اليوم الأول أغلب ظني أني سأنام فيه، لن أستقبل أحد ولن أزور أحد. في اليوم الثاني، أود أن أقنع أهلي بالخروج معاً إلى أحد أنشطة العيد إن شاء الله، إن لم ترفض أمي الخروج. وزعوا كتيبات كبيرة لأجل أنشطة العيد في الرياض، فضلاً عن المطويات. ويقال بأن الأنشطة ستطول لتوافق أيام العيد مع اليوم الوطني.









مر وقت طويل منذ أن عدت للكتابة هنا، اليوم هو الرابع. رغم أن المرء سيشبع نوماً في الإجازة، ولا يحمل هم الدوام غداً لينام أبكر مما يحب، إلا أني أعترف بأن إجازاتي لها جانب ممل يطغى غالباً على حسناتها. ماذا لدي لأفعل بوقتي؟. ربما الحسنة الوحيدة هي أني ارتحت نوعاً ما بعد شعوري بالإرهاق في الفترة الأخيرة، فأنا لم آخذ إجازة منذ أن حججت العام الفائت، والحج لم يكن إجازة حقيقية بما أني حجيت، صح؟.










أتساءل أحياناً، كيف يمضي معارفي الآن أوقاتهم؟ ورغم أني أتساءل، إلا أنه لحسن الحظ هم أكبر وأعقل من استخدام تويتر بالطريقة السخيفة التي يتقيد بها بعض الناس. تكلمت مع شاب يصغرني بكثير قبل فترة. وبدا أنه مزهو جداً بإشغال وقته على الانترنت على هذه الخدمات الحديثة. لست ضد هذه الخدمات بحد ذاتها، ولكني ضد استخدامها غير المجدي والتافه. لست أتخيل أني آتي على ذكر أي شيء أقوم به بالدقيقة مهما بدا تافهاً ثم أتوقع من الآخرين الاهتمام. كما تلاحظون، لدي حساب في موقع شبيه بتويتر، جايكو، ولكني من النادر أن أضيف إليه شيء، فليس كل شيء يستحق الذكر، وليست كل شاردة أو واردة مثيرة للإهتمام. أحب استخدام تويتر وأؤيده حينما أتابع من خلاله مثلاً أحداث مهمة، كمعرض، أو أخبار مهمة لحساب شركة تهمني مثلاً، ونفس الشيء ينطبق على فيسبوك، رغم عدم وجود حسابات لي على الخدمتين. الكثير من الناس الذين لا يتمتعون بأحداث أو أفكار مهمة في حياتهم، ولا يتمتعون بموهبة خلاقة في التواصل والكتابة لجأوا إلى التدوين المصغر حصراً كما أتخيل. بعض الأشخاص المهمين أنشأوا صفحات خاصة على الفيس بوك، مثل وزير الإعلام، ويقول بأنه استفاد من المقترحات التي وصلته، قدرت هذه النوعية من الاستخدام. أشاهد في معظم الأحيان أشخاص يضعون في مدوناتهم شارات أنيقة تقود إلى حساباتهم الاخرى في فيس بوك وتويتر ويوتيوب وغيرها من الخدمات، وأتساءل إن كانوا حقاً يستفيدون من هذه الخدمات؟ وأي الخدمات تأخذ حقها من الاستخدام ويستفاد منها إلى الحد المرضي؟ وهل عدم التخصص المفرط هذا ليس أكثر من استعراض ضار؟ لا يعطي أي مجال حقه الكامل؟. طبعاً أنا أنتقد هنا الافراد، وليس المؤسسات والشركات ذات الفرق التي تهتم بهذه الشئون. هؤلاء الأفراد غالبهم لا يكتبون شيء لفترات طويلة في مدوناتهم التي تعتبر قاعدتهم الرئيسية على الانترنت، وحينما يكتبون فهم يكتبون نصوص قصيرة جداً وغير مفيدة على الأغلب، إذا، هل الأمر هو مجرد حب التملك رغم مجانية كل هذه الخدمات؟ أم حب الاستعراض؟ أم حب التجريب؟. بشكل عام، أعتقد أن الأمر أيا كان، فهو بالتأكيد يتعلق بجانبه الأكبر بركوب موجة تجتاح الغرب، لمجرد ركوبها في الأغلب الأعم.








ذهبت قبل بضعة أيام إلى مكتبة في طريق الملك عبدالله. وهي بقرب الممشى المعروف. الآن تسمى مكتبة الكتاب، هكذا فقط. كان اسمها المكتبة التراثية، وكان موقعها في حي القدس على الطريق الدائري الشرقي. وهي معروفة بأنها تعرض كتب لا توجد في مكان آخر، كتب غير مفسوحة، وحتى كتب ممنوعة أحياناً على ما سمعت. ومقارنة بها، يمكن للمرء أن يرى إلى أي حد المكتبات الشهيرة مثل جرير والعبيكان مكتبات تافهة ومملة وسخيفة من حيث الكتب التي توفرها. لم أذهب إلى هذه المكتبة كثيراً، لماذا؟ لأني غالباً أنسى وجودها أصلاً. وقد تذكرتها في لحظة يأس من إيجاد كتاب يستحق القراءة، بعد الكثير من الكتب الرديئة التي قرأتها في الفترة الطويلة الممتدة. ذهبت إلى المكتبة، واتجهت إلى قسم الروايات، وذكري لتوجهي مباشرة إليها يجعلني أتخيل بعض الأعين المستهجنة التي تقرأ الآن، المهم توجهت إليها، ووجدت هناك الكثير مما يثير اهتمامي، الكثير الكثير. ولكن، وجدت أني خامل الهمة، لا أدري لماذا لا أشعر برغبة بالقراءة، رغم خروجي طوال الفترة الأخيرة بحثاً عن كتاب جيد. فاجئني خمولي، فاجئني الشعور العارم بعدم الرغبة بأخذ شيء، وعدم الشعور بالارتياح تجاه الكتب المشجعة عناويناً وكتاباً، أمامي. فكرت بما يختلج في نفسي، ما الذي يحدث لي؟!. وحاولت إيجاد تفسير للأمر. وبعد تفكير ملي اكتشفت العلة: لقد أفرطت بالقراءة للروائيين العرب مؤخراً، فأصبت جراء تفاهتهم وردائتهم بمرض في فكري وعلة لم آلفها، بما أني لم أحبهم طوال عمري ولم أطلع كثيراً على ما يكتبون، سوا مؤخراً حينما تعاطفت وقررت أن أعطيهم فرصة وأدعمهم، فأضريت بنفسي. فكرت بأني يجب أن أشتري كتب جيدة الآن، لكتاب حقيقيين، غير عرب، لأصحح المشكلة. أمرضوني بإنتاجهم السقيم.







من جهة أخرى، وقعت لحسن الحظ على خبر في قارئ قوقل الخاص بحسابي يتحدث عن كاتب أنزل رواية على الانترنت على موقع مصمم للتصفح المريح لأجهزة الجوال، وهو يحاول نشر روايته بطريقة مبتكرة: بصنع باركودات QR وطباعتها على ملابس وتوزيعها. هذا الخبر يهمني من أكثر من جهة. أولاً، أريد الاستفادة من جوالي العتيق بقراءة شيء، ثانياً، الموقع الذي يستضيف الرواية مثير للاهتمام، لأنه يتيح لأي أحد إعداد موقع سهل وملائم لمتصفحات الجوال، ثالثاً، نشر رواية بهذه الطريقة مثير للاهتمام، فأنا متابع بقدر ما أجد من معلومات لهذه الطريقة الجديدة بالنشر، رابعاً، أنا من عشاق الباركود وأموره، وأرى فائدته الكبيرة في المستقبل القريب، خصوصاً مع تقدم كاميرات الجوالات، وكون صنع الباركود متاح للكل ومجاني، والجوالات الحديثة منذ سنتين أو أكثر وهي قادرة على قراءة الباركود، مثل N95 ، وما لا يحتوي البرنامج يمكن تحميله على في معظم جوالات الجافا حتى. يرى الناس قارئ الباركود في جوالاتهم ولكن لا يعرفون كيف يستخدم هذا البرنامج مع ماذا، فهو غير دارج لدينا، رغم أنه أصبح مألوف جداً في بعض الدول. هو لا يقرأ الباركود خلف المنتجات العادية، ذلك الذي يحدد السعر. عموماً، بدأت بقراءة الرواية، وهي جيدة جداً حتى الآن. وفي الانتظار في المستوصفات تقطع الوقت حقاً. لهذا أرى مستقبل جيد لهذا النوع من الخدمات هنا، حيث الانتظار يطول أكثر من أي مكان آخر على ما أعتقد.

ذكر الكاتب فهد الأحمدي عبارة غريبة في مقاله المعتاد في جريدة الرياض، قال بأن العلمانية هي الحل الأمثل للمتدينين كونها تسمح لهم بحرية ممارسة عباداتهم في المجتمعات. عمم قوله على نحو غريب، ولا أتجاوز الحد لو قلت على نحو غبي، فهل تنقصهم هذه الحرية هنا مثلاً.







يبدو أن الأشياء التي أرغب بشرائها، أو قد أجد نفسي مضطر لشراءها، قد بدأت تتكاثر. كمبيوتر جديد، ربما، لو لم يعتدل أمر جهازي الحالي. وربما جوال جديد، لو نزل اللون الأبيض من السامسونق الجديد، وربما ساعة جديدة، لا زلت متردداً بسبب سعرها الذي لا تستحقه كونها من ماركة غير معروفة، لكن مضمونة مدى الحياة، و هي مميزة جداً، ذات محرك مختلف عن أي ساعة موجودة. هي عبارة عن اسطوانتين فوق بعضهما، اسطوانة للساعات والأخرى للدقائق، يدون حولها مؤشران. بالنسبة للحاسب، فلدي أكثر من سبب للتفكير بجديد. الجهاز صار بطيئاً ولا يعمل أحياناً إلا بعد عدة محاولات، مما يجعلني أتركه على وضع الاستعداد طوال الوقت، مع أني أحاول أن لا أسرف بالكهرباء بطبيعتي.  المهم أن الجهاز أيضاً لم يعد يصلح للعمل خارج المنزل بشكل مريح، فبطاريته منذ زمن بعيد لا تشغله لأكثر من ساعة بالكثير، ولست أجد مقبس كهرباء دائماً في المقاهي أو المطاعم. فكرت بشراء نتبوك، الأجهزة الصغيرة الجديدة محدودة الإمكانيات، ولكن أكثرها يأتي بنظام ويندوز اكس بي، الذي سيتوقف دعمه بعد فترة قصيرة. أفكر بجهاز لينوفو، لابتوب، لكني سأتريث حتى تنزل ويندوز7. ربما في وقت لاحق أشتري جهاز نتبوك بنظام جوجل كروم الجديد. أتوقع أن تكون الأجهزة مختلفة كثيراً كون النظام نفسه مختلف بفكرته، ستكون أجهزته على ما أتصور ثورية ومختلفة عن الأجهزة الأخرى.



لا زلت أرى أحلام عن الدكتور المشرف من عملي السابق. ودائماً ما أرى نفسي أعمل معه بشكل مباشر، وكأنما عدت إلى هناك، وصرت موظف لديه هو فقط. أجد تكراره في أحلامي غريباً. ماذا هناك؟. حينما شارفت على المغادرة من هناك، شعرت بأنه هو الخسارة الأكبر، ولكني لم أعد أفكر بالخسائر كثيراً. تلك الوزارة، مليئة بالذكريات السيئة. في الأدارة الأولى التي عملت بها، حكيت كل شيء عنها في تدويناتي الأوليات، رأيت إلى أي حد يمكن أن يستغل الموظف ويعامل بسوء. كان الوكيل هناك إنساناً وضيعاً حقاً، لا بارك الله فيه ولا وفقه. تمكن زميل آخر من الانعتاق من إدارة هذا الوكيل، وجاء إلى نفس الإدارة التي انتقلت إليها. لم تكن لي علاقات هناك في الإدارة الأولى، وفي الإدارة الثانية كنت أكثر انفتاحاً على الآخرين. أمكن أن نتعارف على نحو أفضل أنا وهذا الرجل. أخبرني بأنه علم بما جرى في المرة التي استدعاني بها الوكيل واختلفت معه وهددته بالفضح ضمنياً. سألته من أخبره؟ فقال بأنه مديرنا المباشر السابق، وهو شخص طيب ظاهرياً، ولكن علته أنه يحسب الطيبة ظاهرية فقط، لأنه كان دنيئ هو الآخر داخلياً. لقد وجه الوكيل إليه الإهانات ليثبت لي قوته أثناء خلافنا، ورغم ذلك لم يرد المدير، تساءلت إن كان حكى هذا أيضاً للزملاء الآخرين؟ لا أظن. قال بأنه أخبره بأن الوكيل خاف من تهديدي، وحاول تهدئة الأمور، ووقف لتوديعي بنهاية اللقاء، وأني رددت على توديعه ببرود. بدا وكأنه يشعر بالنشوة لما قمت به، ولكن ما الفرق؟ لا زال الخسيس يظلم الآخرين ويؤذيهم. الغريب هو، أني قبل قليل قابلت أحد الزملاء من تلك الإدارة، رجل كبير، ولكنه ليس من النوع الذي قد أسأله كثيراً عن أحواله. المدير المباشر هناك، لم يصبر بالنهاية، وحاول الهروب من الإدارة بقدر الإمكان. صح النوم، كيف رضي لكرامته أن تهان طوال تلك المدة. مع أني أحمد الله أني افتكيت منهم، إلا أني أشعر بحزن عميق. أحزن لأني أعلم بأنه لا يصل إلى المناصب العلياً إلا الحقراء، الأنذال والقساة، أن لا أمل للطيبين إلا بحالات استثنائية جداً، كمديري الحالي، والدكتور المشرف، ومديري السابق هناك في الإدارة الثانية، وإن كان جدل الآخرين حوله أصخب. أما ذلك المدير الذي يتعرض للإهانات ويصمت، رأيته عدة مرات بعدما انتقلت من إدارته، وكان يسلم بودية. لم أغير معاملتي له، لأنها كانت منذ البداية محدودة ومتحفظة. في أوقات لاحقة صار يأتي إلى فرع الوزارة الرئيسي كثيراً لينتقل من عند الوكيل الخسيس، كنت أحاول أن أتفاداه، لم أشعر باحترام تجاهه. ولكن مع ذلك، كنت أسلم عليه بأدب حينما ألتقيه، ولم أتكلم للناس عنه. صادفته قبل يومين في جرير، مع ابنه، صبي مراهق له ملامح أقرب للشامية مثل والده، كان الصبي يريد أن يصل إلى الرف الذي أقف أمامه، بينما والده حينما التقت عينانا صد بسرعة، وحاول تأخير ابنه عن القدوم إلي، وهو يتلهى ويستفسر من الموظف، وكلما أراد الإبن التحرك إلى حيث أقف أوقفه والده مع استغراب الابن، فتلتقي عينينا عدة مرات وهو يتصدد بإحراج غير مفهوم. أرحته سريعاً، إذ مضيت، دون أن أخفي ازدرائي الصامت لموقفه. عجيب كيف أنه يعلم بأنه هو من أضر بي وصعب الأمور علي، وضيق علي في أوقات بأقصى ما يستطيع، والآن، يتجنبني. حينما كدت أن أتركهم كان يحاول جاهداً أن يترك انطباعاً جيداً لدي بعد حصاره لي، وحتى بعدما انتقلت وقابلته مرتين أو ثلاث حاول ذلك، ولم أتصرف بجفاف، وإن لم أتصرف وكأننا أصدقاء بطبيعة الحال، على أنه كان يبدو أن شيء كهذا هو ما يريد أن يرى، أن يرى أني لم أشعر بشيء مما قام به.





نفس الصديق الذي أحضر لي تلك الميدلية من الهند كهدية، التي وضعت صورتها في تدوينة سابقة، أحضر لي هذه المرة عطراً من هناك. هذه المرة الثانية التي أحصل فيها على عطور هندية. ولكن العلبة هذه المرة مكتوب عليها باللغة العربية، وتغليفها أجود. عطورهم لا ترش ولكن تدهن من خلال كرة في أعلى الزجاجة. روائح عطورهم عموماً قوية جداً على نحو غير مألوف، وهي جيدة ولكن غير معتادة، ولا يعرف المرء ماذا تشبه رائحتها من الأمور الطبيعية. شممت في وقت سابق عطر أفريقي، أحضره طالب لزميل لنا قبل فترة طويلة، ولكنه لم يستخدمه. رائحة العطر من أغرب الروائح التي مرت علي في حياتي. حينما تشمها ستعلم بأنها عطر، ولكن لا أتوقع بأنك ستريد أن تضع هذه الرائحة على نفسك. ليس لأنها سيئة، ولكنها غريبة جداً، وقد تبدأ بالتساءل بعد لحظات من وجودها حولك إذا ما كانت عطر أو رائحة مؤذية مجهولة. فهي رائحة حادة على نحو لا يصدق، نفاذة إلى حد مزعج. المستكى السوداني يعطي فكرة بسيطة عن هذه الرائحة، ولكن بطبيعة الحال المستكى ليس مؤذي أو نفاذ بشكل زائد عن الحد، ولا يلحقه شك من ناحية عطريته وإن لم يفضله السعوديين.






أحضر لي طارق كذلك شال شتوي منسوج يدوياً من الهند، تشادور، كالذي يلبسه الباكستانيون، لكن الشال مصنوع من الحرير، لا يمكنني لبسه، لذا أعطيته لأمي. لدي واحد صوفي جميل ألبسه بالشتاء.








انقضى رمضان قبل فترة الآن. لكني لا زلت أفكر بالأناشيد السخيفة على إذاعة الام بي سي. يسمعون بالمعنى الإسلامي للأناشيد. كيف تمتدح النبي عليه الصلاة والسلام مع وجود أدوات موسيقية محرمة؟ أعني أن ذكر النبي ليس عارضاً كما قد يحصل في أغنية، لكن القصيدة كلها حوله، أو حول الله سبحانه. ناهيك عن الكلمات السخيفة جداً. وجدت ان الأسخف مع ذلك هو مجهود عائض القرني ومحمد عبده. كلمات مصفوفة بلا معنى عميق، محاولة رديئة في مجال ليس مجال الشاعر، لا أتفهم محاولة شخص من عسير في الشعر الشعبي خارج نطاق منطقته. كانت اللحظات الأكثر سخافة حينما يساهم عائض بصوته، فيبين النطق الجنوبي في قصيدة يفترض أنها بلهجة أناس آخرين، فيبدو الأمر غير مقنع حقاً. لماذا لم تكن القصيدة باللهجة الجنوبية؟ وحول البيئة الجنوبية؟ لكان الأمر أفضل بكثير. لا يعجبني غرور عائض أيضاً، وغضبه من منتقديه. هو ككل لا يعجبني وسبحان الله.









التعب، إلى أي حد يمكن أن يغير المرء؟ يغير مواقفه من الناس؟ ومن نفسه. فكرت بهذا تجاه دكتور باكستاني طيب، درسني في الكلية، وعلاقتي فيه طيبة حينما عملت في الجامعة. تعرض لمشكلة صحية شديدة، وخضع لعملية صعبة. كنت قد ساعدته بإجراءات عائلته حينما كان يرقد بالمستشفى، وكانت علاقتنا على أفضل ما يكون. لم يشفى بسرعة، ورغم مرور ما يقرب السنة، اعتقد أنه لا يزال يعاني، فلا يزال شكله مصبوغ بالمرض. لاحظت بأنه صار يتجاهلني، لا يود أن يسلم، ولم يعد بالنشاط المألوف على المستوى الإجتماعي والتواصلي. وظل هكذا لمدة طويلة، يحاول أن يتظاهر بأنه لم يرني حينما أصادفه في الأماكن الأخرى بالجامعة، كالبهو أو بالطريق للصلاة في كلية الآداب. بالبداية استغربت، ولكن يصعب الغضب أو الشعور بالظلم تجاه شخص متعب ومريض إلى هذا الحد. فكرت بأنه ربما، حسب التعبير الدارج، فقط ما له نفس، لا يجد رغبة بشيء، ويمل من تبعات الأمور بسرعة، ربما يخاف أن السلام لن يتوقف عند المصافحة ثم الذهاب، أو قد يحمله الأمر على الابتسام وهو لا يستطيع. قررت أن أتركه في حاله، مع الاستعداد دائما لتغير رأيه ورغبته بالسلام. صرت أتحفز بصمت حينما أراه، ولكن بلا جدوى، طال الأمر دون أن يتغير موقفه. ولكني صدقاً لم أغضب، لأني أعرف بأنه لا يقصد النفور. قبل فترة، كان في مكتبنا، وهو لم يعد يسلم حتى هناك، على أي أحد، ولا يتبادل الكلام كثيراً، فقط يمتلئ وجهه بالتعب والسأم. مررت إلى جانبه، وأنا كنت قد يأست من سلامه، فكرت بأنه ربما اكتشف مع الوقت أن عدم السلام أريح. فوجئت به يستوقفني ببشاشة، ويسألني عن حالي باهتمام، ويتكلم بود أكثر مما عهدته منه، رغم أنه ودود جداً بالأصل. كان من الواضح أنه يريد أن يعود للسلام. فرحت بالواقع، لأني ظننت بأن صحته تحسنت أخيراً، رغم أن شكله لا زال متعباً وشاحباً. لست أحب التسرع بالحكم على الناس، إلا حينما يكون الأصل بطبيعتهم اللؤم كأغلب الدكاترة السعوديين. إن حسن الظن بهم كسقيا زرع محترق من الأساس.









هذه للأخت شذا العتيبي، طريقة عمل صينية البطاطس المهروس واللحم والفطر:


1- خمس حبات بطاطس تسلق مع ملح وتبشر (تهرس) ثم تخلط مع ملعقة جبن سائل أو ملعقة قشطة + رشة فلفل.
2- يحمس بصل مع قطع من صدر الدجاج (أو اللحم،، أنا أفضل اللحم على فكرة) والبهارات لمدة 10 دقائق.
3- يضاف الفطر المقطع إلى الدجاج والبصل ويقلب لمدة 5 دقائق أخرى، ثم، حسب الرغبة، يضاف الفلفل البارد المقطع صغير جداً، ثم الملح ثلث بيالة أو حسب الرغبة من صلصة الصويا، وأخيراً يضاف علبة قشطة.
4- توضع الخلطة في الخطوة 3 في صينية ويكور البطاطس المهروس كور ويرص فوقها.
5- يسخن 200 مل من قشطة الخفق+مكعب ماجي ثم يرش فوق البطاطس. ثم يضاف على الكور جبنة موتزاريلا.
6- توضع في الفرن إلى أن يسيح الجبن.
أتمنى أن تعجبكم كما أعجبتني
ملاحظة: توجد الوصفة كذلك في كتاب أم عبدالعزيز للطبخ، وهي باللحم أطيب بكثير، برأيي أنها باللحم تعطي طعم ستيك بوجود الفطر.








غيرت رقم جوالي أخيراً. حدث هذا في نفس اليوم الذي اتصل فيه الدكتور الذي لا أحب من الوزارة، على أنه لم يكن السبب الوحيد لتغيير الرقم. كنت منذ زمن بعيد وأنا أطرح فكرة تغييره دائماً، منذ زمن الأصدقاء. تأتيني إزعاجات من وقت إلى آخر، كما أني أود أن أنتقي من يعرفون رقمي من جديد. وفي الوزارة، وبعد إزعاج الدكتور المستمر لي، واتصاله حتى في منتصف الليل ليسأل عن عمل لا يقوم بشيء منه، شعرت بالحصار النفسي الشديد، ولهذا مع الأسباب الأخرى الكثيرة التي تجعلني أنفر بشكل عنيف من هذا الدكتور، قررت أن أغير رقمي حالما أخرج من الوزارة. بيد أن هذا تأجل كثيراً، مع الشعور بالأمان والطمأنينة في الجامعة. استيقظ الأمر برؤيتي للدكتور مرة أخرى، ولكنه نام. الاتصال الأخير، لم أجاوبه، اتصلت لاحقاً ولم يجاوبني، ولما نظرت وجدت أنه اتصل من هاتف مكتبه الأرضي في الوزارة، قبل صلاة العشاء، في يوم الأربعاء أو الخميس. في نفس الليلة، وبينما أنا خارج من جرير بعد لقيا ذلك المدير السيء، دخلت إلى موبايلي، ودفعت 50 ريالاً، واخترت رقماً، وارتاح بالي، إلى حين.







غداً، سأذهب إلى دعوة دكتور باكستاني طيب. هو مصر على أن يجمعني بوالده قبل أن يسافر عائداً إلى بلده. أعتقد بأني محظوظ من جوانب لا أدركها دائما.






سعد الحوشان

الخميس، 10 سبتمبر 2009

يجوز التدوين بلا عنوان(أحداث،أفكار،تركي)

بسم الله الرحمن الرحيم













كثيراً ما أثارت اهتمامي الأحلام، إني أتخيل بأنها ضرب من الحياة الأخرى، التي ليس للمرء تحكم فيها، في أغلب الأحوال. رأيت مؤخراً أحلام جيدة، بجود من حضر فيها. كثير من الناس رأيت مؤخراً.



صار وضع جهازي مكشوفاً في العمل، فصارت الكتابة أصعب. عموماً، وقتي ضيق مؤخراً والعمل كثير. وفي المنزل، لا أشعر برغبة بالكتابة، ولا بالخروج للكتابة. عموماً، لا أجد رغبة بشيء مؤخراً.



وردني اتصال غريب من شخص لأول مرة أسمع باسمه، يقول بأننا كنا مقربين في الثانوية، وحاول تذكيري بنفسه بلا جدوى، خصوصاً بأني لا أتذكر مطلقاً الأحداث التي رواها بشكل مختصر. ومما يسهل الأمر علي، أن علاقاتي في الثانوية كانت معدودة جداً، فقد كنت هادئاً في تلك المرحلة. سألته من أين أتى برقمي، قال بأنه تصفح أوراقه القديمة منذ ذلك الحين فوجد رقمي واشتاق إلي. خطر في بالي مباشرة بأني لم أمتلك رقمي هذا سوا في السنوات الأخيرة في الجامعة، ولكني خجلت من سؤاله عن الأمر، رغم استغرابي الشديد. أصر على أن نلتقي، وسأل متى أريده أن يأتي لصطحبني بسيارته؟ أخبرته أنه من الأفضل أن نلتقي في مقهى، د.كيف، وهو مقهى لا أحبه ولكني اخترته. قال بأنه يفضل أن يصحبني بسيارته، ولكني أصريت على الالتقاء في مقهى. أراد أن يكون هذا بعد الإفطار، ولكني اقترحت أن يكون بعد التراويح، فوافق. أغلقنا الخط وأنا تملؤني علامات التعجب. ما لبث إلا أن اتصل مرة أخرى، واعتذر لأنه سيصحب أهله إلى استراحة. تشجعت وسألته من أين أتى برقمي، لما أعاد القصة، أخبرته بأني لم أملك رقم جوال في ذلك الوقت، فأجاب: أجل ما أدري. أخبرته بأني لا زلت لا أتذكره، ولكن ليبقى على تواصل وليخبرني حينما يريد الإلتقاء. أغلقنا الخط. صدقاً، أثق بنسبة كبيرة بأني لم أعرف الرجل، رغم ذلكن يداخلني الشك لأني كنت قد نسيت أحدهم كلياً، شكله وصوته وجميع ما يخص ذكرياته، هكذا محي كل شيء، بينما تذكره بقية الزملاء والأصدقاء وأكدوا بأنه كان يجالسنا دائما. ولكن هذا، يوجد أكثر من علامة استفهام حوله، وأتساءل إن كان الآن يقرأ ما أقول؟. رغم كل شيء، أرجو أن أتذكره لو كنت قد عرفته فعلاً.


 



قبل أيام، طلبت من دكتور تركي تحدثت عنه في تدوينات سابقة توصيف مكان منزله. حضرت عائلته منذ فترة قريبة الآن، وقد دعاني كثيراً للمجيء لزيارته بالمنزل، حتى من قبل حضور عائلته، وللإفطار كذلك. فكرت بأن أذيقه من طعامنا. في نفس اليوم طلبت من أختي تجهيز كبسة جيدة باللحم. قبل المغرب بقليل حضرت إلى منزله، ونزل لملاقاتي، فوجئ بما أحمل، وأصر أن أدخل لأفطر معه، ثم نأكل مما أحضرت، اعتذرت ولكنه أصر، لزم بقوة كما نقول، ولكني رفضت، لست أحب الدخول على الناس دون أن يكونو مستعدين، لا أحب مفاجئتهم بدخولي بيوتهم إن لم يكن الأمر ضرورياً أو لا يمكن تفاديه. أمام إصراره، أخبرته بأن الأيام قادمة، ربما في وقت لاحق أكثر ملائمة، حينما يكون مستعداً. أخبرته بأن اللحم بالداخل لحم غنم، حتى لا يحسبه لحم بعير فيعافه. كذلك، أعطيته بعض الكليجا الفاخرة في صحن، اشتريت كمية كبيرة منها من القصيم بالتوصية، صنع نساء هناك، آكل منها وأهدي. أخبرني بأن الأكل أعجبه وأعجب عائلته برسالة بعد يوم، وهو يدعوني بنفس الوقت للإفطار، اعتذرت بسبب الظروف يومها. أمس، أخذت ابن أخي إلى سيتي ماكس، ليشتري بعض الملابس، سمعت الدكتور يناديني قرب غرفة القياس ونحن ننظر للملابس. صدفة غريبة. سلمنا عليه، وامتدح الأكل مرة أخرى، وطلب مني الحضور معه لآخذ الحافظة!. أخبرته بأنها يمكنها أن تنتظر. يقول ابن أخي أنه سمعه يحكي لزوجته قائلاً: سآد!. هو رجل له قبول بشكل عام، رغم أنه يبدو مشوشاً معظم الوقت. الأتراك الحقيقيين في الوسط والشمال مختلفين عن هؤلاء  من الجنوب الذين يعملون في مطاعمنا ومحلات الحلاقة ويتحدثون العربية، مختلفين في أشياء كثيرة. اليوم أحضر الحافظة في الجامعة.




مشكلتي وقت السحور، أني أخاف أن آكل شيء فيسبب لي العطش لاحقاً. آكل مؤخراً كورنفليكس كسحور، ولكني أشتهي الشوكولاته كذلك، مع ذلك لا أقربها بسبب الخوف من العطش. العطش هاجس غير طبيعي بالنسبة لي. الحمد لله، في رمضان هذه السنة لم أشعر بعطش حقيقي حتى الآن، ولا أدري ما السبب، لكن في رمضان الفائت، كنت أعاني معاناة كبيرة مع العطش.




لا أشعر برغبة كبيرة بالعمل في رمضان، ولا يتعلق الأمر بأني متعب أو جائع، ولا حتى عطشان ولله الحمد، لكن لا أدري لماذا تقل إنتاجيتي في رمضان، في بعض النواحي على الأقل. الأعمال التي تقتضي إنهائها في نفس اللحظة، كالترجمة الشفهية، لا مشكلة لدي فيها، ولا أؤخر الناس، وأستمتع بالأمر كالسابق. ولكن ترجمة بعض الأمور الإجرائية، المتكررة والمملة، صارت تتأخر لدي كثيراً.





كم يغير السفر الناس... هذا إن جاز لنا تسميةابن اختي ذو السنتين ونصف، ناس. سافروا مرتين هذه الإجازة، مرة إلى الجنوب، ومرة إلى القصيم، وعاد إنسان آخر. يتحدث بشكل أفضل، ولكن حدثت سوابق كذلك، لأول مرة يقول لي: انقعل! يعني: انقلع. بالعادة أنا مفضل لديه إلى درجة غير عادية، صدمت بصراحة. كذلك، لم يعد يسميني: أوأو. بدا أنه كبر بالفعل، صار يدعوني بإسمي، رغم اعتراضات بقية الأطفال لأنه لا يسميني خال.
لم أسافر كثيراً منذ أن كبرت. ربما انحصرت سفراتنا بالحجاز، حيث يفضل والدي المدينة، وأمي مكة، وجدة مكروهة لهم. كانت آخر سفرة لي معهم قبل سنوات. في تلك السفرة حدثت أمور كثيرة، وقبلها حدثت أمور أكثر، أكثر مما أحتمل في ذلك الوقت. عدت من السفرة بجسد شديد الهزال، بشكل غير مسبوق في حياتي. في المدينة في تلك الفترة، كان الإيرانيين يظنون دوماً أني واحد منهم، وكثيراً ما كلموني بلغتهم. في الفندق الذي أقمنا فيه، كانوا كثرة، ويحتلون عدة أدوار ليقيموا طقوسهم في ممراتها. دخلت المصعد مع مجموعة كبيرة منهم، نساء ورجال، ويبدو أني الوحيد الذي لم يكن "مَحرماً". نظروا إلي، وكلمني أحدهم بالفارسية. أشرت بأني لا أتكلمها، فسألني بعربية جيدة إلى بعيد، من أين أنا؟ أخبرته أني من السعودية، سألني، من أي بالسعودية؟ قلت: تهران. ضحكوا جميعاً. فسألني مرة أخرى، أخبرته بأني من القصيم. كان من الواضح أنه يريد أن يعرف إن كنت شيعياً أم لا. ابتسموا ابتسامة ودودة مع ذلك. جائتني ذات مرة عجوز ضائعة على ما يبدو، ايرانية، وصارت تتكلم معي بالفارسية بلا إنقطاع، وكان يبدو عليها القلق العظيم. لم أفهم شيء بالطبع، ولكني جعلتها تجلس على الأريكة في بهو الفندق وذهبت للبحث عن ايراني. وجدت مجموعة شباب ايرانيين يتكلمون، حاولت أن أكلمهم ولم أستطع التواصل، فأمسكت بيد أحدهم وسحبته معي، أوصلته إلى العجوز وبدأ بالتفاهم معها، فمضيت. قالت ذات مرة فتاة سعودية لرفيقتها باستغراب، وهي تنظر إلي أدفـع والدي على الكرسـي إلى المسـجـد هناك: شـوفي الإيـراني يدف الشايـب!!



وبذكر الحج، شعرت برغبة باداء الحج لهذه السنة أيضاً، كمحرم لأحد أخواتي. جاءت الرغبة فجأة، ولم اتوقع أن أرغب بالحج قبل عشر سنوات، فإذا بي أرغب بتكرار التجربة قبل مضي سنة على حجتي. لكن لا يبدو أن هذا سيحدث بسبب انفلونزا الخنازير.


جعلني أمس محاضر باكستاني أخلع حذائي الصندل ليجرب قياسه، لأنه مصر على أن يحضر لي حذاء من هناك. حاولت أن أثنيه، لأني بصدق لا أريد، ولكنه أصر كثيراً، يقول بأنه من السنة تبادل الهدايا وهذا مما يزيد المحبة. هو رجل ودود وطيب، ولكن اجد صعوبة في الانسجام مع طباعه وحضوره. يسأل أحياناً اسئلة غريبة، كم عدد إخوتك؟ وذلك السؤال الذي تحدثت عنه في التدوينة السابقة: هل أنت سعودي؟، وغيرها. صندلي واسع على قدمي، حيث لم أجد مقاسي بالضبط، ولكن لما لبسه هو ليعرف المقاس، خفت صدقاً أن يتمزق الصندل، فهو من المطاط، وقدمه ضخمة، نفذت بصعوبة إلى الداخل، بعد شد وتمغيط، ولما استقرت بدا لي وكأن الصندل سيتفكك. قبل يوم، رآني وأنا خارج من المكتب لأغادر إلى المنزل في نهاية الدوام، وكنت أحمل كيس يحوي حافظة الطعام الذي أعطيته للتركي وصحن بلاستيكي للحلويات لم يكن عليه أن يعيده. نظر بطريقة غريبة جداً، وهو يعطي هذه النظرة المختلفة أحياناً، وهي نظرة غير مريحة على الإطلاق. سألني بهدوء إذا ما كنت صائماً؟ (!!) يا للسؤال العجيب، ضحكت وشرحت له بأن هذه حافظة طعام خالية، كنت قد أعطيتها لشخص مملوءة وأعادها الآن. يرمقني أحياناً بهذه النظرة وأنا أمشي فألاحظه فجأة، وكذلك وأنا اتعامل مع أحد آخر. ربما هذه النظرة من الأسباب التي لا تجعلني أنسجم مع تواجده رغم طيبته الكبيرة. لدي صديق هندي، اسمه طارق، رجل رائع بمعنى الكلمة، وهو أكثر من يذكرني بحديث الرسول صلاة الله عليه وسلامه: "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" أو بما معناه. أشعر بأنه هو من يمكن أن يفهم معنوياً ما أعبر عنه وما أقوله. لم أره منذ زمن طويل الآن. حاولت الاتصال فيه فلم أتمكن، وهو لم يتصل من الهند على خلاف العادة.


قبل قليل، اطلعنا زميلي على فيديو بالانترنت، يعرض مزارع تربية الدجاج للذبح، والتعامل اللا إنساني معها. احد الزملاء كان لديه مشروع كهذا، وقال بأنهم كانوا يعاملونها هكذا بالفعل، مما شكل لدي صدمة. إنهم يعزلون الصيصان الذكور، ويضعونها على سير يلقيها على ماسوره بطوالع لولبية تدفعها إلى داخل ماكينة، ماكينة تفرمها حية. يقول زميلي بأن ذبحها بهذه الكمية يعتبر شيء مكلف، يا الله. تكلمت عن قسوتهم وأخبرته بأني لا أصدقه حينما يقول بأن جميع مربي الدجاج يفعلون هذا. قال بأنهم كذلك كانوا يربطون الدجاجات ببعضها ويلقونها بحفر، ويصبون عليها الديزل ويحرقونها حية. سألته إن كان يندم على هذه الأمور التي فعلها؟ قال بأنه يندم كثيراً. يجب أن نعرف كيف يذبح وكيف يربى وكيف يعامل الحيوان الذي نأكل.
هذا الزميل كثيراً ما يذكرني بقسوة الرأسمالية وتناقضها، المقرونة بأدب الغرب بالتعامل. هو شخص غير معتاد.



منذ فترة وأنا أود الذهاب للسحور في مكان جيد، ولكن حينما أخرج، أجد نفسي وحيداً، فاقداً للاهتمام بالأكل، أود فقط لو أعدت الروتين وذهبت إلى المنزل، حيث غالباً لا آكل، أذهب إلى المكتبة أو أي مكان آخر، ثم برقر كنق لشرب الكولا وقراءة الجرائد، لآكل أي شيء بالمنزل، جيلي غالباً، أو كورن فليكس. أفكر دائما بالذهاب إلى ستيك هاوس، فهو قريب بفرعه الأخير إلينا، ولا أحمل هم منطقة العليا المملة بزحامها والشباب السخيف. سأحاول أن أغلب نفسي.



دعاني أمس الدكتور التركي للإفطار في منزله. وافقت، وقد سعدت بالدعوة. طلبت من أختي صنع صينية من اكلة جديدة رائعة صارت تصنعها مؤخراً، تتكون من البطاطس المهروس مثل الذي بالمطاعم، يغطي اللحم والجبن والفطر. أكلة لذيذة إلى أقصى حد. وصلت قبل الاذان بقليل، دخلت مع الدكتور وعلمت بأنه يقلي سمك، بينما زوجته جهزت السلطة وبعض الأشياء الخفيفة الأخرى. فوجئت بأن زوجته ستفطر معنا، بالواقع، كنت أنا من سيفطر مع العائلة. تخيلت شيء مختلف، تخيلت أننا سنفطر معاً، أنا وهو. لا يمكنك أن تفرض الأمور وتطلب من الناس أشياء وأنت ضيف لديهم. ورغم أني أشعر منذ البداية أن الدكتور التركي كريم بطبعه، إلا أني فوجئت بأن كرمهم كعائلة أكثر مما توقعت، وهم قمة بالودية واللطف وحسن الضيافة، كما أنهم يتميزون بشيء ينقصنا بشكل عام، وهو العفوية. الزوجة لم تتحجب أمامي، وقد شعرت بالحرج في نفسي بصراحة من هذا الموقف غير المعتاد وغير المتوقع. ولكني كنت أعرف بأن المرء أحياناً لا يحكم الظروف ولا المواقف التي هو فيها، إنما يتصرف بأفضل ما يستطيع. المفاجئ هو عدم وجود تمر في إفطارهم، وإفطارهم كالعشاء، كل شيء يقدم فيه. لديهم طفلين جميلين هادئين، صبي في العاشرة، حملق بي كثيراً، وبطريقة طفولية مضحكة، كنت حينما أتكلم ويقع نظري عليه أجده قد اتكأ بوجهه على يده وصار ينظر إلي بتأمل يشبه تأمل المرء لشيء غريب ومثير للاهتمام، بحيث أني أجده وكأنما يفحص كل جزء من وجهي على حدة. شعرت بأني مخلوق مختلف لأول مرة يرى مثله هذا الصبي، وكنت أشعر بأني سأضحك وأحاول التركيز على ما أقول. ولديهم بنت، عمرها ست سنوات، ولكنها ضئيلة وصغيرة المسكينة، بحالة تشبه حال طفلتين لدينا. أخبروني بأنها لا تأكل جيداً، وكان هذا واضحاً، فلم يثر أي من الطعام فضولها، ورغم أنها هادئة إلا أنها عنيدة إلى حد ما، فقد سببت لوالدها مشكلة لأنه جلس على كرسي يفترض أنه لها، حتى أقامته عنه وسحبت الكرسي بعيداً. أخبرتني الأم بأنها تفهم ما يقال بالانجليزية ولكنها لا تستطيع التحدث، أخبرتها بأنها تبدو جيدة باللغة الانجليزية، وربما لا تحتاج إلا إلى ممارسة. وجدت كتاب يخصها تحت طاولة القهوة، لتعلم اللغة العربية. بدأنا الإفطار، جلس الرجل مقابل لي، بينما زوجته جلست بعيداً قليلاً على طاولة منفصلة. قدموا شوربة تركية لذيذة وغريبة. تناقشنا بالطعام كثيراً، وأخبرته بأني أعلم بأن ما يباع لدينا بالمطاعم التركية ليس بطعام تركي، إنه مجرد كباب ومشويات، شيء يتوفر مثله لدى كل المطاعم الشامية. أعجبوا بطبق أختي إلى حد فاق توقعي، وأعلنوا بأنهم معجبين بالطبخ السعودي، كما جرى مع الكبسة، وسألوا إن كان من أعد الكبسة هي أمي؟ قلت بأن أختي من أعدها، ولكن بما أنها كانت في بيتنا، فربما كان الأمر تحت إشراف أمي. وجدوا الأمر مضحكاً. أما صينية البطاطس المهروس واللحم والفطر، فقد سألوا عنها كثيراً وأكلوا، وطلبت الزوجة أن نكتب لها طريقة إعداد الأكلة، وأن أبلغ أختي سلامها. تكلمنا عن التمور، ومن أين يأتي أفضلها هنا، ومن أين يفترض أن يشترونها. شرحت لهم بأن لنا طريقة مع التمور، حينما نرصه في أكياس مع ضرب من البهارات، ما ندعوه "الكنز". أعجبتهم الحكاية. وبالمقابل، حكى لي عن سوء الفهم حينما جاء إلى السعودية، حيث أن الكثير من الأجانب المسلمين يسمون النخلة: كرمة، وبالتبعية يسمون التمر كرمة كذلك. أما الدكتور فقد كان نطقه أشبه بقول: هرمه. كان في جدة حينما طلب من بائع أن يعطيه "هرمه". ذهل البائع، وحاول أن يفهمه، وكان واثق أن "هرمه" كلمة عربية، لدرجة أنه شك أن البائع "في جدة!!" لا يفهم العربية، فحاول أن يشرح له الاسم ويضيف التركية، ثم قال: هرمه مدينه!! ولكن البائع كذلك لم يفهم، وأخيراً وجد تمرة أراها للبائع، الذي فهم ولكنه ظل غير مرتاح، ومتشكك، انفجروا ضاحكين، الدكتور وزوجته حينما أخبرتهما بأن هرمه هي حرمة، هي امرأة يعني! قلت هذا ضحكاً ثم نظرت إلى زوجته لا شعورياً، ربما لأرصد ردة فعلها، انفجروا ضاحكين. سألت الزوجة عن شيء دائري وأسود نضيفه للطعام. بعد جهد جهيد عرفت بأنها رأته في الكبسة التي أحضرتها لهم، وأخبرتهم بأنه ليمون مجفف بطريقة معينة، وخشيت بنفسي أنهم أكلوا اللومي، فهو يعصر ولا يؤكل. سألني الدكتور عن الحيوانات في الصحراء، وسأل إن كان بالفعل يوجد لدينا سحالي طولها متر ونصف أو مترين (!!) أخبرته بأن أكبر السحالي هنا لا يصل طولها المتر حتى. حدثته عن الضب، وأن الناس يأكلونه فهو حلال. قالت الزوجة: ربما طعمه لذيذ. قالتها بطريقة متفكرة، ولكن الزوج رد بتأكيد بأنه ليس لذيذ على الأغلب، أخبرته بأن الناس بالواقع يمتدحون طعمه جداً والكثير منهم يحبونه، أما أنا فلم أتذوقه. حدثته عن الرحالة التركي الذي ذهب مع أفراد قبيلة في الربع الخالي، وكتب بأنهم يصطادون من تحت الرمال سمكاً، وكيف أن هذا لم يكن سمكاً، إنما سحلية تسبح تحت الرمل يأكلها البعض وتسمى الصقنقور. كنت أحسب أني أقول نكتة عن هذا الرحال التركي، ولكنهم لم يضحكوا، فقط بدا على وجوههم الذهول، وقال الرجل: يا الله!! وصار يسأل عن سباحة هذه السحلية تحت الرمل وكيف حجمها وأين توجد. لحسن الحظ، كنت قد رأيتها حينما كنت صغيراً، وقد أطلت علينا فجأة من وسط كثيب رملي وتأملتنا بفضول، ولما حاول زوج أختي الإمساك بها دخلت بسرعة وأطلت من مكان آخر بنفس اللحظة تقريباً. لا أستطيع أن آتي على كل ما تكلمنا عنه هنا، ولا أن أصف مقدار ودهم وحسن تعاملهم، ولا أعتقد بأني مررت بمثل هذه الضيافة الرائعة والكريمة والملائمة من حيث عدم التكلف بالحضور، وقد حملوني السلام الكثير لأهلي، خصوصاً والدتي وأختي، وحتى أن الزوجة اللطيفة جداً أطلت خلفنا من الباب الداخلي لتودعني وترسل سلامها لأختي. تكلمنا كثيراً عن مختلف الأمور وضحكنا وتبادلنا الآراء والأفكار والمعلومات المفيدة، لم يتخلل الوضع لحظة صمت واحدة، وكانت من أمتع المرات التي أمضيتها في منزل أحدهم، لا، ربما الأمتع.




يوجد دعاية سخيفة جداً في الجرائد هذه الأيام. دعاية لثوب الدفة، تظهر شاب بنظرة مصطنعة، وبتعبير غير طبيعي على وجهه وكأنما يراد له أن يظهر بشكل ثقيل وراقي، ويكتب بالأسفل: الدفة، يكسبك احترام الآخرين...(!!) وقبل أيام كانوا ينشرون صورة أسد في حديقة مع صورة الشاب، وأحياناً يبين خلف الأسد سياج منزلي، مما يعني أنه مدجن!!. إذا ثوب سيكسب الرجل احترام الآخرين؟ ما أغباها من عبارة، لم أرى دعاية بهذه السخافة من كل النواحي منذ زمن سحيق. وكأن الرجل المعروض مميز جداً، يمسك بكتاب انجليزي يقرأه، ويرتدي نظارة شمسية،،، كيف أصف المشهد؟ إن الدعاية عرض لتصور طفولي وغير واقعي عن الرجل المحترم، ومنفذ كذلك بطريقة سيئة. لست ألوم الشخص الذي ظهر بالدعاية طبعاً، ولكن رغم توجهي مؤخراً للثياب الجاهزة اختصاراً للوقت، أعلم بأني لن أشتري من ثياب الدفة.



حينما ذهبت بأبناء أخي إلى منزلهم، وجدت جارهم قد وضع على نافذة شقته أضواء جميلة، قمر ونجوم كما ترون في الصورة. ولم تكن هذه الأضواء التي تعمل وتنطفئ بطريقة متناوبة وجذابة موجودة قبل رمضان، مما يحملني على الاعتقاد أن هذه خاصة بالشهر، ضرب من التزيين والاحتفال. هذا شيء غير مألوف أبداً على المستوى الشعبي، حتى في العيد لا تزين البيوت. فقط بعض المراكز التجارية تعلق ملصقات. بدت جميلة جداً، ومميزة بسبب التوقيت، وكأنما يريدون هؤلاء الناس تذكير الآخرين باختلاف رمضان الذي بات الشعور بتميزه أصعب عام بعد عام مع الأسف.




سعد الحوشان